عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Sep-2019

«قبــرص».. منتدى يحمل عبق مصر وتـاريـخ الخـواجـــات

 

القاهرة -الدستور-  محمود كريشان - مصر يا امّة يا سفينة.. مهما كان البحر عاتي.. فلاحينك ملاحينك.. يزعقوا للريح يواتي..
صباح الخير يا مصر.. ومساء الورد الغافي في جناين القاهرة.. ونحن نمضي بجولة عشق في ربوعها وتحديدا في شارع عرابي، وهو همزة وصل بين وسط البلد ومنطقة رمسيس في محيط دار القضاء العالي في الأمريكيين، تقبع حانة عريقة تسمى «كفتيريا قبرص»، وهي ضمن لائحة الحانات العتيقة التي لم تحظ بالشهرة الإعلامية، وتتسم بالأجواء الجميلة، والخدمة المميزة من كافة العاملين، وفي مقدمتهم «الشامي» ذلك الشاب المصري الأربعيني الذي يتميز فيما يتميز بصدقه وأمانته وابتسامته المصرية النابعة من قلب طيب وصادق.
خواجات وأقباط
في حانة قبرص التي اسسها الخواجات قبل اكثر من 100 عام، معظم العاملين هم من إخواننا الكرام «الأقباط» المصريين، والذين يحرصون على خدمة زبائن الحانة بأمانة وصدق وخفة الروح المصرية الجميلة الممزوجة بالكرم.
ومن يزور الحانة، سيكتشف اختلافا كبيرا بين الواجهة الزاهية لكافتيريا قبرص وما يدور بداخلها، فاللون البرتقالي الفاقع، رمز الصخب والإثارة، يقابله عالم آخر بالأبيض والأسود، حيث الأضواء الخافتة والجدران القديمة التي تنضح برائحة العبق، وهو ما أضفى طابعاً رتيباً على رواد المكان الذين رسمت الشيخوخة تفاصيلها على أسلوب حياتهم.
شخصية المكان
ويعدّ المدير جورج زكي جزءا من شخصية «كافتيريا قبرص» الذي لا يبرح مكانه إلا لتبادل تحيات الزبائن الدائمين واقفاً من موقعه أيضاً، وهو ذو هيئة مهندمة وشعر أشيب وملامح هادئة تصلح لشخصية سينمائية محببة، حيث يقول: إن المكان يعود تاريخه إلى قرن من الزمان، وهو يملك رخصة فندقية من فئة النجوم الثلاثة.
وبين زكي ان كافتيريا قبرص تفتح أبوابها لجميع الفئات والطبقات، فالجالس يجد بجواره محامياً وموظفاً حكومياً وعاملاً يرتدي زيه الرسمي «العفريتة»، ورأسمالياً قادماً من الصعيد بجلبابه الفخم، هؤلاء هم زبائن جورج زكي، المعروف بانتقاء زبائنه، مضيفا: «المكان معروف، لا تهمني صفة الزبون، سواء كان فناناً أو عاملاً بسيطاً، لكنني أختار زبائني من خلال المعاملة والانطباع الأول».
أهرام وجمهورية
في حانة قبرص، الثقافة حاضرة بامتياز، حيث المثقفون والكتاب والصحفيون، وتنتشر في ساعات المساء صحف «الأهرام» و»الشروق» و»أخبار اليوم» و»الجمهورية» و»المصري» و»الوطن» .. وحتى «أخبار الحوادث» مع توافد النسخ الأولى للصدور، وتصل إلى محيط الحانة في العاشرة مساء كل يوم.
حانة قبرص .. حكاية جميلة جداً في مساءات القاهرة الحالمة، فهي بطعم الجرجير والخيار والفول المسلوق، والترمس والليمون الفرعوني .. حكاية الكرم المصري، والتي هي برائحة «المانجا» و»الجوافة» و»الفراولة» .. ويا «بتاع الفراولة» ..
إذاً .. «قبرص» الحانة، والتي تروي «سيرة الحب» .. و»على بلد المحبوب» وديني .. حتى تصدح كوكب الشرق برائعة «الأطلال» .. عندها يُشرق فجر القاهرة، ليروي «سيرة الحب» لعاصمة اتخذت موقعها الأزلي في ثنايا الروح والوجدان.