عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Sep-2024

مجلس نواب حزبي*د. حسن عبدالله الدعجة

 الغد

إن التحول نحو مجلس نواب حزبي في الأردن قد يقدم العديد من الفوائد والإيجابيات التي من شأنها أن تدعم العملية الديمقراطية وتعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي. يأتي ذلك في ظل الحاجة إلى تطوير التجربة السياسية في المملكة بما يتناسب مع التحولات الإقليمية والدولية. فيما يلي أبرز المزايا والإسهامات التي يمكن أن يقدمها مجلس نواب حزبي للأردن.
 
 
 يعتبر المجلس الحزبي أكثر قدرة على تمثيل تطلعات المواطنين وقضاياهم، حيث تعكس الأحزاب السياسية بشكل مباشر توجهات الفئات المجتمعية المختلفة، سواء أكانت أحزابًا ذات طابع ايدولوجي او محافظ أو ليبرالي أو تقدمي. يُتيح نظام الأحزاب للمواطنين الانخراط في الحياة السياسية بشكل منظم، ويزيد من وعيهم السياسي من خلال برامج الأحزاب ورؤاها حول قضايا التنمية، والاقتصاد، والحريات، والسياسات الاجتماعية.
 
إن وجود مجلس نواب حزبي يُسهم في تحقيق نوع من الاستقرار السياسي؛ فالأحزاب تتميز عادة بالتنظيم الهيكلي والقدرة على طرح برامج واضحة ومدروسة، مما يساعد على خلق رؤية موحدة ومستدامة للمستقبل. بالإضافة إلى ذلك، فإن المنافسة بين الأحزاب تقوم على أسس برامجية مما يقلل من التأثيرات الفردية والشخصية على صنع القرار، ويعزز التوجه نحو مصالح الدولة والمجتمع ككل.
  فالمجلس الحزبي يوفر بيئة أفضل للتشريع؛ حيث يتمحور العمل حول الكتل البرلمانية الحزبية التي تمتلك خبرات وكوادر مختصة في القضايا المختلفة. هذا يسهم في تقديم مشروعات قوانين أكثر نضجًا واحترافية، ويقلل من العشوائية في اقتراح القوانين والمناقشات. كما يُساعد هذا النظام على زيادة التنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، حيث يمكن للأحزاب الممثلة في الحكومة والبرلمان أن تعمل بشكل أكثر انسجامًا لتنفيذ السياسات العامة.
ومن مميزات مجلس نواب حزبي أنه يعزز الرقابة الفاعلة على السلطة التنفيذية. من خلال وجود أحزاب معارضة، يتم تشكيل ائتلافات قوية قادرة على متابعة أعمال الحكومة، وتقديم النقد البناء والمساءلة بشكل مؤسسي ومنظم. الرقابة البرلمانية الحزبية تكون أكثر فعالية لأنها تعتمد على برامج سياسية واضحة وتستند إلى مبادئ الحزب وتوجهاته، مما يمنع التوجهات الشخصية أو الانتقامية في المراقبة.
ان وجود مجلس نواب حزبي يشجع على تطوير الحياة الحزبية في الأردن، حيث يدفع المواطنين والشباب والمرأة بشكل خاص للانضمام إلى الأحزاب والانخراط في العمل السياسي. هذا يُسهم في توسيع قاعدة المشاركة السياسية، ويخلق جيلًا جديدًا من السياسيين يتمتعون بالخبرة والمعرفة الكافية لقيادة البلاد نحو مستقبل أكثر ازدهارًا.
فالأحزاب السياسية، بفضل هيكليتها الداخلية، تسهم في تعزيز الشفافية في العملية السياسية. الأحزاب مطالبة بتقديم برامج انتخابية واضحة تلتزم بها أمام الناخبين، مما يجعلها عرضة للمساءلة حال عدم تنفيذ تلك الوعود. هذا يخلق نوعًا من الالتزام السياسي والاستقرار في العمل البرلماني.
والمجلس الحزبي يُتيح فرصًا أكبر لبناء تحالفات سياسية قوية داخل البرلمان، سواء داخل الكتل الحزبية أو بين الأحزاب المختلفة. هذا النوع من التحالفات يُسهم في خلق بيئة برلمانية صحية قائمة على التعاون والتفاوض المستمر، مما يزيد من فاعلية العملية السياسية ويعزز فرص الاستقرار.
ومن خلال وجود برامج حزبية متكاملة تركز على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، يمكن للأحزاب السياسية أن تسهم في وضع سياسات شاملة وطويلة الأمد تُعزز من النمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين. الأحزاب، نظرًا لارتباطها بالقواعد الشعبية، تكون أكثر إدراكًا لحاجات المجتمع وقدرة على وضع الحلول المناسبة.
في النظام الحزبي، يصبح الولاء للبرنامج السياسي والحزبي أهم من الولاءات الفردية والشخصية، مما يُسهم في الحد من ظاهرة شراء الأصوات والفساد الانتخابي. الناخبون سيصوتون للأحزاب بناءً على برامجها، وليس بناءً على مصالح شخصية أو مالية.
  اخيرا: إن إنشاء مجلس نواب حزبي في الأردن ليس فقط خطوة نحو تطوير الحياة السياسية، بل أيضًا فرصة لتحقيق تقدم ملموس في مجالات التشريع، والرقابة، والتنمية الاقتصادية. من خلال تعزيز الدور الحزبي في العمل البرلماني، يمكن للأردن أن يبني نموذجًا سياسيًا مستدامًا وأكثر استجابة لتطلعات المواطنين، ويسهم في تحقيق رؤية شاملة لمستقبل مستقر ومزدهر.