عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Sep-2022

هلّا جرّبنا التشجيع عوضا عن التقريع؟* بشار جرار
الدستور - واشنطن -
تسهم الروزنامات أحيانا في مدّ كتّاب الزوايا بالأفكار. روزنامة إعداد هذه السطور تشير إلى «اليوم الوطني للتشجيع» في أمريكا الذي يصادف الثاني عشر من سبتمبر كل عام. الفكرة الريادية تقدّم بها شباب جامعة في ولاية آركنسو (لفظا) وتكتب (آركنساس) والتي ينحدر منها الرئيس الأمريكي الأسبق «الديموقراطي» بيل كلينتون. من الجامعة إلى سيناتور، عضو في مجلس الشيوخ المحلي التابع للولاية، ومن ثم حاكمها، ليقوم بعد ذلك الرئيس الأمريكي «الجمهوري» جورج بوش الابن، عام ألفين وسبعة، بتبني اليوم فدراليا، وليس فقط على مستوى الولاية.
 
الفكرة كانت ردا على حالة الحزن التي دبّت في المجتمع الأمريكي إثر اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر. أبدع الشباب في مبادرتهم الجامعية وقد كانت مشروعا بحثيا، أبدعوا في تسليط الضوء على خطورة الإحباط والسلبية والسوداوية والحزن والخوف والغضب. جميعها مشاعر مرضيّة وطاقات مدمّرة أو مهدورة في أحسن الأحوال.
 
الحل، سيل دافق من المشاعر الإيجابية الغامرة ولو تسللا بل وحتى عنوة – إن جاز التعبير. ثمة رسمة تعبيرية في أفقر وأخطر مناطق العاصمة جنوب شرق واشنطن، فيها دعوة إلى عدم الانحناء ما لم تكن يدا تنتشل يدا محتاجة أو أتعبتها نوائب الدهر.
 
وحتى لا يحصر البعض متاعب الحياة بمستويات الدخل أو البطالة، ثمة رسمة أكثر قوة وتعبيرا محفورة في مكان لافت. على بضعة أمتار من كثدرائية القديس متّى (ماثيو) التي حضر فيها الرئيس الحالي جوزيف آر بايدن أول قداديس الأحد وصلاة «الشكر» بعد تنصيبه الرسمي، هنا في أرقى أحياء واشنطن على تقاطع شارعي رود آيليند و إم ستريت، كادت قدمي أن تتعثر بنتوءات بارزة ليتضح أنها مخصصة للضرير تعينه على تلمّس معالم الطريق. المفاجأة كانت في رسم بارز ترميزي بالألوان يقول للمبصرين: أنت محبوب. علمت بعدها أن الغاية ترمي إلى رفع معنويات المحزونين وعادة ما تكون رؤوسهم من ثقل متاعب الدنيا أو تعاملهم معها، متطأطئة أو في حالة شرود ذهنيّ. لا شك أن لأي محنة – صدمة تداعيات بعضها فوري وبعضها الأخطر متأخّر فيما يعرف بمرض ما بعد الصدمة (بوست تروما). «التروما» بهذه الحالة هي كل ما لم يتم علاجه جذريا من الأحزان التي تخلفها النوائب والمصائب. وذلك مرض يتطلب أحيانا علاجا متكاملا أهمه النفسي. ولا عيب ولا وصمة في ذلك فمن منا أكبر من الحزن، سيما ومعظمنا من «الكاظمين» احتسابا أو حرجا.
 
كأردنيين، نذكر جميعا ذلك الشعار الذي رفعه القائد – جلالة الملك عبد الله الثاني رعاه الله: ارفع راسك لأن في كل أسرة أردنية معاذ نفاخر به.. شعار رفعه راعي الأسرة الأردنية الكبيرة بعد استشهاد البطل الطيار معاذ الكساسبة عام ألفين وأربعة عشر، ردا على الإرهابيين الذين استهدفوا أمن الوطن والأمة والمنطقة والعالم بأسره.
 
لا حدود للحميّة وللنخوة وللفزعة الأردنية في التعبير عن التشجيع بأدوات وأساليب شتى، تبدأ بنبذ ثقافة وسلوكيات التقريع وثقافة توجيه أصابع الاتهام لأي كان، فكلنا في نهاية المطاف فريق واحد وسفينتنا واحدة..