عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Dec-2019

تحريف معاني القرآن الكريم - د.حسان ابوعرقوب

 

الدستور- القرآنُ الكريمُ هوَ دستورُ المسلمينً جميعًا، والإيمانُ بما فيه واجبٌ على كلّ مسلم، والعملُ بمقتضى أحكامِه طريقُ السَّعادة في الدّارين، لذلكَ عَكَف المفسّرون على بيانِ معانيه وأحكامِه، تقريبا لفهمها للإيمان بها، والعمل بمقتضاها.
ومِن جمالِ القرآن الكريم وإعجازه أنّه صالحٌ لكلّ زمان ومكان، ففيه من المعاني العظيمة، والأحكام الكريمة التي تتناسب مع كلّ عصر ومصر، فمثلا عندما نقرأ قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} نرى آيةً جامعة مانعة تُصلِح العباد والبلاد.
لكن بعض من يسمّون أنفسهم (بالمفكّرين) نظروا إلى كتاب الله تعالى بزاوية تختلف عن نظر كلّ عالم ومفسِّر، فبدل أن يستخلصوا الحِكم والقِيم والأخلاق من القرآن الكريم، ويقوّموا السلوك على ميزانها، قاموا بعملية عكسية تماما، حيث أخذوا بتطويع النصوص وليّ أعناقها؛ لتدخل في قوالب الثقافة الغربية أو (العلمانية) أو (التنويرية) أو (الإلحادية) لتفريغ القرآن الكريم من أهمّ معانيه وأحكامه وميّزاته، ويصير كتابا تاريخيا أو أدبيًّا، مجرّدا عن أيّ قداسة أو مكانة، يحقّ للجميع أن يُبديَ فيه رأيَه كما يشاء ودون أيّ غضاضة، ليتقدّم فريق آخر ليُكملَ المهمة فينتقل إلى ما يسميه: (أخطاء القرآن)، محاولين زعزعة ثقة المسلمين بكتاب ربّهم سبحانه وتعالى، الذي هو منبع النور والهدى، وحصنهم المنيع.
وعلى سبيل المثال في قول الله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ } ينكر أحدهم أن يكون المقصود بالنساء في الآية جمع (امرأة) لأن الآية في آخرها تتحدث عن (متاع) أيْ أشياء، ولا يمكن أن توصف المرأة به من وجهة نظره، فالنساء عنده جمع نسيء أي تأخير أي الأشياء المؤخرة.
مع أنّ المتاع في اللغة كلّ ما انتُفِع به، ويمكننا أن نطلق على العاقل شيء، وذلك في مثل قول الله  تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ } فالشيء عبارة عن كل موجود كما قاله الراغب. ومعلوم أنّ جمع امرأة هو نساء، وهاهو (لسان العرب) وإخوانه من قواميس العربية ينطقون بذلك. ولا أدري كيف جهل هذه المعاني التي قدّمها هذا الرجل الملايين من علماء المسلمين وعامّتهم، ولم يتفطّن لها أحد منهم؟ وكأنّ أحدًا لم يفهم القرآن سواه، فهل نزل القرآن له وحده دون العالمين؟ إنّ هذا لشيء عُجاب.
لتفسير نصوص القرآن الكريم قواعد أهمها: السير في مظلة دلالات اللغة العربية وقواعدها المتفق عليها، ثم الانقياد لقواعد تفسير النصوص المتفق عليها، كأحكام العام والخاص، والمطلق والمقيد، وغيرها، وألا يتعارض تفسير النص مع مضمون نص آخر-من الكتاب أو السنة- بحيث يتعذّر الجمع بينهما، وألا يخالفَ التفسير أمرًا أجمعت عليه الأمة، وأنْ ينسجمَ التفسير مع مقاصد الشريعة الإسلامية.
ضمن هذه القواعد وغيرها يكون تفسير كتاب الله تعالى، وإلا فإنّ ما يُقدّم ضربٌ من الخلط والهذيان، لا يستحقّ النظر إليه، فضلا عن قراءته أو الاعتداد به.