الدستور
صواريخ إيران التي تسقط على فلسطين المحتلة، نتج عنها شيء أكثر وأعمق من السعادة، هو الحبور؛ وهو ليس مجرد ردة فعل إنسانية عالمية، بل سمت عالمي، لحال كثير من البشر الطبيعيين من مختلف الأعراق والديانات والثقافات، وما حفزني لكتابة هذه المقالة «فيديو»، شاهدته على أحد تطبيقات الإنترنت، تظهر فيه سيدة أجنبية مسنة، تخاطب إيران قائلة: أنهو المهمة، وافعلوا بهم ما فعلوه بغزة، وإن ينقصكم شيء فأنا لدي بعض المدخرات، ويمكنني أن أقدمها لكم لإتمام هذه المهمة، أنا أعلن تأييدي لإيران»..
وتذكرت هنا ما كان يقفز أمام عيوني في اليومين الماضيين، وهو أيضا فيديو لأغنية أجنبية راقصة، عامرة بالفرح، واسمها بالعربي «فجّر فجّر تل أبيب»، لكن طبعا اسمها العالمي وكلماتها هي عنوان المقالة «بوم .. بوم تل أبيب»، وهذه الأغنية وبعد بحثي عن معلومات حولها، فهمت أن كاتبها «لوكاس غيج»، وهو جندي أمريكي سابق من مشاة البحرية الأمريكية، يقول بأنه كتبها مستعينا بتطبيق بالذكاء الصناعي، يجري خلال عرضها بث فيديوهات، لمشاهد حقيقية من حرب الإبادة على غزة، وبجانبها على الشاشة نفسها مشاهد لأثر الضربات الصاروخية الإيرانية على عاصمة الكيان المجرم تل أبيب.
تفاعل الناس من كل جنس ولون وديانة وثقافة، مع هذه الأغنية التي لم أسمعها كلها ولا أعرف كلماتها، هو أكبر مؤشر على اهتمام وسعادة البشر حول العالم، بصواريخ إيران التي تسقط على مواقع استراتيجية تابعة لجيش الإجرام الصهيوني، الذي يحتل فلسطين، والذي ما زال يضبط عداد الموت الأبشع على معدل 50 نفسا بشرية فلسطينية، جائعة، ورغم خوفها من الموت إلا أنها تتزاحم حول وليمة الموت، من أجل لقيمات تسد رمقها أو رمق المرضى والجياع الذين لم يتمكنوا من الانخراط في مصيدة الموت، حيث تقوم مسيرات الجيش المجرم، تلقائيا بل بتطبيق برنامج ذكاء صناعي، بانتقاء أهدافها من بين طابور الجائعين المروَّعين المرضى، وتطلق قذائف تمزقهم أشلاء، فهذ أشلاء أم خرجت منذ ساعات الفجر الأولى، باتجاه مركز تقديم المساعدات، وهي تعلم حجم الخطر المتوقع، وبأنها ربما لن تعود لأطفالها الجياع، ولا حتى أشلاء، لكن الجوع المقيم الذي ينهش أرواح وأجساد من تعول، دفعها لدخول لعبة الموت، في مصيدة تديرها وتنفذها «آلات» .. فأية بشاعة هذه وأي إجرام يومي، يحدث في عالمنا، على مرأى من الدنيا والكون!!
الإنسانية حول العالم؛ باتت أكثر قناعة بأن لديها ما يشبه «الثأر»، لإنسانية الإنسان، وللقانون والأخلاق والقيم، بسبب حرب الإبادة المنقولة ببث حي لكل إنسان في الكوكب، ويتنامى الشعور لدى كل الشعوب حول العالم بأن يجب معاقبة هؤلاء المجرمين، ولا أحد يريد شرحا، فالإنسان الطبيعي، وبعيدا عن السياسة وعن كل الأفكار، على قناعة تامة بضرورة معاقبة المجرم على جرائمه، وهي حالة شعبية عالمية، تؤكدها أغنية «بوم بوم تل أبيب»، التي نالت مئات ملايين المشاهدات في سويعات من بثها عبر الإنترنت.. فأية حالة نفسية إنسانية يعيشها البشر على الكوكب بسبب جرائم جيش الاحتلال الصهيوني المجرم، في غزة وفلسطين وكل الدنيا «قريبا»..
الظلم يومي، والقتل مضبوط على إحصائيات تنتجها وتقترحها برامج كمبيوتر وآلات، وهذا انحطاط بشري، مع استمراره لا يمكن أن تدوم حياة البشر، ولا قوانينهم ولا ثقافاتهم وأعرافهم واعتقاداتهم في عمارة الأرض وتنميتها وازدهارها، وتعزيز الحياة عليها.. فمن الطبيعي أن يستجيب الناس لمن يقول ويعتقد بأن صواريخ إيران ستنقذ ما تبقى من إنسانية البشر، وتنجيهم من هذا الوحش الخطر..
وأنا أتمنى مثلهم، لكنني سوداوي «بالخبرة»، وأقول: هيهات.