عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Nov-2021

مجلس الأمة وقصر الحسينية كان النظام الحزبي حاضرا..! *هشام عزيزات

 الراي 

في الوقت الذي تخصص بعض يومك لتستمع لخطاب العرش، تكتشف وأنت تمر عليه فقرة فقرة، أن فيه خروجا عن المألوف والمعتاد بالخطابات الملكية، ببروتوكولاتها الدستورية التي تحدد للحكومة خطة عمل ملزمة للمرحلة القادمة واجبة التنفيذ، إلى «الإصرار، بأقصى جهد، لترجمة توصيات لجنة التحديث التي أفرد لها الملك باجتماعه بقصر الحسينية وحضور ولي العهد ورئيس الوزراء والمعنيين ومجلس السياسات، اهتماما بالغا وكاشفا عن حرصه وضرورة تشجيع المواطنين على الانخراط في العمل الحزبي..».
 
وهي هذه البروتوكولات، إن تحت القبة، أو الديوان الملكي أو «الحسينية»، التي تجذرت بحكَم العرف والعادة بالاستماع لنبض المعنيين والناس والدور الدستوري الذي هو من أهم وأدق الخطوات في البلد، والنية صارت أقرب للواقع لإقرار قانوني الانتخاب والأحزاب وهي من ضمن مشروع تعديل الصلاحيات الدستورية التي تخضع لما يقتضيه نهج التغيير والتجديد في الأردن وفي مراحلنا المتعددة في المئوية الثانية للدولة.
 
وإن كان في الأمر التزام نصا وروحا من الحكومة بالدستور، وملزم أيضا لسلطات الدولة الأخرى، إلا أن المسؤولية التي أفرد لها الملك كل العناية في الخطاب لكونها مسؤولية للدولة ومسؤولية الدولة بأذرعها المتعددة نحو المواطن والمجتمع! فأراد الملك أو رغب، سيان، بوضع نفسه من خلال خطاب العرش أنه يمرر أو ينوب عنه ويحيل في النهاية الولاية العامة كاملة للدولة بكل مكوناتها، وأن تكون مسؤولة أمام الشعب الذي انتخب ممثليه، ومن طرف منح الدستور للملك تعيين أعيان في مجلس الأعيان لتحقيق التوازن والعدل، بين مكونات الدولة وليس فقط الحكومة، وبالتالي نكون أمام ما هو غير مألوف وغير معتاد ومدرك ومحطات للتوقف فيها قصر بالوقت رعم كثافة الحضور ومضامينه الوطنية وصناعة الرأي العام عين مفتوحة على وسعها للقياس والتقيم وملاحظة مكامن الفشل وذات الوقت ممكنات النجاح بإفساح المجال لها حد سقف السماء «لتعمل على تعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار».. وهي كرة مسجلة من زمان في مرمى الإعلام المهني والموضوعي والحيادي.
 
واحد وعشرون عاما من عهد الملك عبدالله الثاني و١٠٠ عام جديدة من عمر الدولة الأردنية اختمرت مشاريع حيوية سياسية من منظومة العمل السياسي، والضامن منظومة تشريعات حضارية احتلت حيزا ليس هينا، ولا هي حالة ترفيهية بل عامود من أعمدة التغيير والتجديد في الدولة، التي تجهد ليكون لها مكان تحت الشمس وأقمارها بعض من إقبال وشغف بالعمل الحزبي المنظم الذي غدا سمة من سمات الدولة الحديثة العصرية «بإيجاد مناخ صحي نظيف لثقافة التنظيم بإطار حزبي برامجي».
 
والعودة إلى أخطر محطة من محطات خطاب العرش للمجلس (١٩) ترى أكثر من تركيز على ما أنجزته لجنة التسعين الملكية حين اعتبر الملك «أن التحديث هو حماية للاستقرار بمسؤولية ودون تأخير وتردد لتعزيز دور مؤسسات الدولة» الأمر الذي «يوفر ضمان سيادة القانون على الجميع ودون تمييز أو حذر» والأمر أيضا الذي يفهم منه أن الملك أعاد الاعتبار لروح الدستور الأكثر مرونة وحداثوية وطواعية وانسجاما وتوافقا مع المتغيرات أملا «لقيام حاضنة للحياة الحزبية وبالتالي تشكيل برلمان حزبي بحضور فاعل للمرأة والشباب» وكما تحقق في قانون الأحزاب والقانون الانتخابي العام، فتلك إطلالة الأردن على العصر الجديد بأدواته الجديدة وبالطبع إنسانه الجديد.
 
وحين يصف الملك خطاب العرش بأنه محطات يجب أن نفهم والمحطات الملكية هذه المرة، تعد وتوحي بالتوقف وعلى مهلنا في الذهاب، إلى العمل والإنجاز، فبين يدينا ١٠٠ عام بالتمام والكمال ومن الضروري قراءة الحاضر، والمتحقق من الغد وأهمية مسلكية النقد البنّاء لا الهدام، وضرورة المراجعة الدؤوبة لما لم ينجز وما تم إنفاذه من خطط، ولهذا إفادة محمودة على مدى زمن التحولات والمتغيرات في الأردن الجديد.
 
ودعوته الضمنية بعدم حرق المراحل بمرورنا بالمئوية الجديدة فقط لنسجل بطولات كرتونية، وإنجاز في الهواء الطلق... وبالضرورة راغب الملك في خطاب العرش بعدم الاستعجال بالمطلق، فمنطق الأمور «أنه في العجلة الندامة وفي التأني السلامة» ونحن لسنا بخرج للندامة ولا تليق بنا الانتكاسة أو التراجع.
 
أرى في ذلك العنوان الأبرز في عناوين المرحلة القادمة إضافة إلى كونه غير مألوف في قصر مدته وتكثيفه للمراد والمرغوب والمطلوب والمأمول.
 
والتكثيف في ثنايا الخطاب واللقاء «بالحسينية»، فرضه الحرص على توجيه الرأي العام ومراكز ومنابر سياسية سيادية، بالإشارة إلى قضية الوصاية التي هي «إرث هاشمي مدعوم ومسنود بالقرار الوطني الأردني الحر»، في زمن اللهاث من عدة أطراف تلبس لبوس الإقرار والاعتراف التاريخي بمسؤولية الهاشميين في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية، وهي تدبر وتدير مؤامرات لخطف هذا الإرث، باعتبارها مقتنيات أثرية سهل أن تسرقها أو تبيعها بسوق النخاسة وبرخص يراد به الطعن بأشراف الأمة وبنظافة أيديهم وجيوبهم والعقل..
 
أما التكثيف الآخر في الخطاب الملكي الموجه لآخر قد يكون من أهل الدار وصائنا للدستور وممثلا للأمة ولعدو متربص ومستعد للانقضاض على الوصاية «الفريسة».
 
فكون فلسطين قضية مركزية للأردن الذي يسند ويعضد الإخوة غربي النهر، وفي الشتات لحين التحرير وإقامة الدولة يكون الالتزام والوفاء.
 
وهذا ما يخشى أن نصل إليه في الصراع الوجودي إلى مرحلة الإدانة والتكرار والتذكر والتذكار وختامها النسيان وعلى الدنيا السلام، فنطوي برامج التحرر الوطني فنرضى ونعيش.
 
الأهم في معطيات التكثيف أو منطلقاته بغير أو بخلاف المفاصل الرئيسة «إن عملية التحديث ليست مجموعة حزم وقوانين وأنظمة أشبه بالقوانين والتعليمات» بل هي «عملية إصلاحية اجتماعية ثقافية، ودفع بالأحزاب لأن تكون قابلة للحياة، ببرامج أيضا قابلة للحياة وفعالة» وبالطبع لا مهرب من العمل بصفوفها وعلى مستوى وطني لا تغول فيه وتحدي ونهوض بالمسؤوليات بالاعتماد على النص الدستوري ودون تدخل من أحد بالعمل الحزبي».
 
ليس هناك استصغار في المفاصل الأخرى للخطاب الملكي الواجبة التحليل والمتابعة، بقدر ما نسير على هدى قولنا المأثور «حتى يجي الصبي بنصلب على النبي» ولا هنالك من مبرر لحرق ما هو في مرحلة النقاش المفتوح القانوني الاشتراعي السياسي، من ممثلي الأمة في الغرفتين (النواب والأعيان) لتأطير ومأسسة المرحلة القادمة وحزبيتها المرجوة دون إيغال وتطاول وحماية غير مسنودة بقانون وتعليمات وأعراف ومسلكيات سياسية..