افتتاحية- «كرستيان سيانس مونيتور»
في اواخر شهر ايار الحالي، سوف يقوم المقترعون في الاتحاد الاوروبي المكون من 28 بلدا بانتخاب برلمان جديد لقارة يقطنها اكثر من 500 مليون نسمة. وكانت الانتخابات الماضية التي جرت في عام 2014 عادية وشهدت مشاركة متواضعة. غير ان ذلك حدث قبل ان يعبر اكثر من 1.3 مليون مهاجر عربي وافريقي البحر الابيض المتوسط الى قارة اوروبا منذ عام 2015 وحتى عام 2016، الامر الذي اثار هلعا سياسيا. والان يشوب قادة الاتحاد الاوروبي قلق من ان ازدياد مشاعر النفور من المهاجرين- التي تصطبغ بمزيج من الخوف والكراهية- سيرجح كفة الانتخابات لصالح الاحزاب الشعبوية ذات التوجه اليميني ويمنحها صوتا قويا في البرلمان الذي يتألف من 751 مقعدا.
ان الانتخابات المقبلة ليست هي مكمن القلق الوحيد لدى قادة الاتحاد الاوروبي، اذ انهم يبحثون عن سبل من اجل تخفيف حدة المشاعر المعادية للمهاجرين. ففي الاول من شهر ايار، نفذت جماعة من النازيين الجدد مسيرات في ألمانيا والسويد. وقبل فترة وجيزة، دخل حزب مناهض للمهاجرين ومناهض للمسلمين برلمان اسبانيا للمرة الاولى منذ سقوط نظام فرانكو في عام 1975. لقد ربح حزب فوكس 10% من الاصوات. وهو يبرز عقب ان شهدت احزاب مماثلة في فرنسا والدنمارك وألمانيا نجاحات في الانتخابات. في تسع دول، هناك احزاب يمينية اما تحكم او تتشارك السلطة على هيئة ائتلاف. وفي حين تعكس هذه الجماعات قضايا اخرى مثل القومية المناهضة للاتحاد الاوروبي، فهي تعزف بصفة عامة على وتر الخوف من المهاجرين.
حتى هذه اللحظة، لم يقدم الاتحاد الاوروبي ردا فاعلا من اجل التعامل مع ازمة اللاجئين او تبعاتها المتمثلة في الكراهية الشعبوية للمهاجرين. على اي حال، ربما لا يكون الحل قاريا في نطاقه. بل ربما يكون محليا، بدءا من البرامج المجربة التي تستعيض عن الكراهية بالشمول والتسامح والاحترام. في شهر اذار، التقى مسؤولون اوروبيون رفيعو المستوى من اجل استكشاف طرق للتعامل مع بروز الحركات النازية الجديدة، والتي تجسد اخطر التعابير عن مشاعر الكره للمهاجرين. لقد سلطوا تركيزهم على برنامج ناجح في مدينة كونغالف السويسرية التي عثرت على وسيلة ذكية من اجل الحد من تجنيد النازيين الجدد. ويجري الترويج له حاليا باسم نموذج كونغالف.
بعد ان قام نازيون جدد في المدينة بقتل انسان عمره 14 عاما في سنة 1995، بدأت كونغالف في دراسة صعود جماعات مشابهة واكتشفت ان العديد من اليافعين ينضمون الى عصابات عنصرية حتى قبل وصولهم الى مرحلة المراهقة. وبدلا من التعامل مع الفتيان في الجماعات، باشرت المدينة مشروعا لتعليم التسامح للفتيات اللواتي رافقنهم. وتضمن التدريب زيارات الى مواقع الهولوكوست في بولندا. اخبر احد مسؤولي كونغالف صحيفة الغارديان قائلا «ارتاينا ان الفتيات لو توقفن عن مساندتهم فلن يجدوا احدا الى جانبهم». ووفقا لدراسة اجرتها جامعة بيرمنغهام، فان المشروع ادى الى زيادة الاحساس بالامن وانحسار الشعور بالضعف، وفوق ذلك كله تراجع مشاعر الكراهية. وقد وسعت سويسرا المشروع ليشمل كافة انحاء البلاد.
وعلى الرغم من ان المشروع لا يزال صغيرا في نطاقه بالمقارنة مع المشكلة الاكبر في اوروبا، الا انه يشير على الاقل الى الحاجة الى تغيير القلوب كل على حدة. ان انتخابات الاتحاد الاوروبي ستكون مؤشرا على مدى شعبية الاحزاب المناهضة للمهاجرين، غير ان الرد عليها يكمن في مواضع اخرى.