الراي- رولا مرعي
يُقال إن «العالم قرية صغيرة» بسبب التطور الكبير الذي نتج عن شبكات الانترنت التي وسّعت بدورها المحيط الذي نعيش فيه عبر شاشة كمبيوتر صغيرة، ما أدى إلى زيادة عدد مستخدمي الانترنت في غضون السنوات الأخيرة، وزاد ذلك بشكل واسع خلال جائحة كورونا، ومع اقرار الحظر الشامل آنذاك أدى الى اكتشاف تطبيقات لجميع فئات العُمر بغرض الترفيه والتسلية لوجودهم لساعات طويلة في المنزل.
ومن التطبيقات الأكثر انتشارا أثناء الجائحة تطبيق «تيك توك» الذي احتل المركز الثاني كأكثر التطبيقات تحميلا عام 2019 واحتل المركز الأول عام 2020، حيث يتيح لمُستخدميه إنشاء مقطع فيديو قصير مُدته تتراوح من (15-30) ثانية يحتوي على موسيقى في الخلفية، وتمّ إطلاقه عام 2014 باسم «ميوزيكلي» وبُدئ بالتوسع فيه سبتمبر 2016، ثم طُرح عالميًا باسم(TikTok) في العام التالي.
ومع التغير الكبير في العالم خلال القرن الواحد والعشرين أصبح لكل طفل تقريبا «آيباد» أو هاتف محمول يستطيع من خلاله إنشاء حساب على تطبيق «تيك توك»، ويمكن أن ينتحل عمرا غير حقيقي للدخول اليه، فهو يشترط أن يكون عمر مستخدميه 13 عاماً فأكثر.
وتعقيبا على ذلك، قال أخصائي الصحة النفسية والعقلية في جامعة الزرقاء الدكتور مالك الطريفي: إن الطفل عرضة لاضطراب «الهوية الشخصية» بسبب ما يشاهده من أشخاص غير أسوياء أو من خلال الشتائم التي يسمعها ويتعلمها من الفيديوهات التي تُنشر عبر التطبيقات، ما يؤثر على نفسيته نتيجة تعرضه لـ «التنمر» بسبب التعليقات التي تؤدي إلى نتائج سلبية قد تُدخل الطفل في حالة اكتئاب كما انها عرّضت البعض لمحاولات الانتحار.
وأضاف الطريفي: إن الحوار مع الطفل ومناقشته حول سلبيات وإيجابيات التطبيق من أنسب الطرق للوصول إلى التوعية الصحيحة له، حيث إن التطبيق يعمل على إضاعة الوقت وعدم اهتمامه بواجباته المدرسية، ويجب تعليمه عن كيفية وزمان استخدام مثل تلك التطبيقات للاستفادة منها بشكل إيجابي، وإن كان الطفل من محبي الشهرة ينبغي توعيته ومراقبة المحتوى الذي قام بإنشائه ونشره على حسابه.
وحذر أطباء مختصون من استخدام الاطفال لتطبيق «تيك توك» لما فيه من تحديات خطيرة منها أن يقوم بربط العنق لمدة 10 دقائق، وإثبات ذلك بمقطع فيديو»، حيث أودى ذلك التحدي بوفاة طفل أردني يبلغ من العمر 13 عاما الشهر الماضي، حيث قام بصنع مشنقة من حبل وربطها حول عنقه بهدف القيام بالتحدي المشهور وتصوير المشهد عبر مقطع فيديو على تيك توك فأدى لوفاته.
وبحسبهم زاد الأمر خطورة في الفترة الأخيرة فأصبح كل شخص يملك هاتفا وانترنتا ينشر مقاطع فيديو حتى وإن لم تكن صالحة للنشر أو ضارة على المجتمع بهدف الترويج لفيديوهات التحديات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم ينتهز الاطفال الفرصة لتقليد كل ما يُنشر وخاصةً عبر تطبيق «تيك توك» الذي أتاح خاصية نشر ومشاركة الفيديوهات بشكل سريع دون خصوصية.
وذكر خبير التكنولوجيا وأمن المعلومات محمد المقدادي، أن مواقع التواصل الاجتماعي «سلاح ذو حدين» لذلك يوجد جزء ايجابي وجزء سلبي لاستخدام هذه المواقع، حيث إن التطبيقات المعتادة تتيح فيديوهات غير مناسبة أحياناً لمشاهدة الأطفال، لذلك أقرت يوتيوب التابعة لشركة جوجل إنشاء ما يُعرف بـ"Youtube kids» الموجه للأطفال و المُخصص لطرح محتوى يتناسب مع عقلية وعُمر الطفل الأقل من ١٣ عاماً وهو العمر القانوني لإنشاء حساب عبر التطبيقات الأخرى.
وأشار مقدادي، إلى عدم وجود دورات متخصصة في تعلم كيفية تعامل الأهل مع أطفالهم الذين يستخدمون الـ«سوشيال ميديا»، ما يشكل فجوة بينهم وبين الطفل، خاصةً انهم لا يراقبون ما يفعله اطفالهم، وماذا ينشرون عبر تطبيق مثل التيك توك بسبب انشغالهم عنهم، لذلك أصبح الاب يرى طفله ساعة بينما يجلس الطفل ما يقارب الـ ٨ ساعات لمشاهدة فيديوهات تطبيق التيك توك، حيث إن مثل هذه التطبيقات كفيلة بأن تشكل تفكير الطفل وتغير وجهة نظره اتجاه الكثير من الأمور وتؤثر عليه أيضاً عندما يصبح في سن المراهقة.