عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Apr-2019

حشود كردية وشاحنات أسلحة أمريكية استعداداً لحرب متوقعة ضد الحرس الثوري الإيراني شرقي سوريا

 

دمشق- «القدس العربي» : تحدثت تقارير إعلامية سورية معارضة عن استعداد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» بدعم من التحالف الدولي الذي تترأسه الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ هجوم واسع النطاق على مواقع تشكيلات وميليشيات الحرس الثوري الإيراني شرقي سوريا، في خطوة هي الأولى حال حصولها من قبل واشنطن بعد تصنيف الحرس الثوري على قائمة الإرهاب.
ونقل موقع «فرات بوست» عن مصادر في دير الزور تأكيدات تفيد باستعداد قوات «قسد» بمشاركة مجلس دير الزور العسكري ومغاوير الثورة للهجوم على مدينة البوكمال في ريف المحافظة، وبيّن المصدر، أن الهدف من معركة البوكمال، هي قطع طريق إيران ما بين سوريا والعراق (البادية)، خاصة بعد إعلان النظام السوري عن مشروع قطار (دمشق – بغداد)، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المعركة قد تنطلق ابتداءً من مدينة البوكمال، لتصل فيما بعد إلى العشارة.
 
تعزيزات عسكرية
 
ووفق المصادر، فقد قام التحالف الدولي مؤخراً بتزويد القوات المحلية التابعة له بكميات كبيرة من المعدات والأسلحة، حيث شوهدت عشرات الشاحنات الناقلة للأسلحة تدخل مواقع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور شرقي البلاد، ورجحت المصادر أن الإمداد العسكري هدفه التحضير للمعركة المرتقبة ضد الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الموالية له.
على صعيد الجانب الإيراني، فقد قامت ميليشيا «فاطميون» وغيرها من التنظيمات التابعة لطهران بتعزيز مواقعها في البوكمال، ونشر الأسلحة الثقيلة على أطراف نهر الفرات، تزامناً مع إخراج قوات النظام السوري المتواجدة في المنطقة. ويبدو أن هذه التحركات العسكرية من الولايات المتحدة على وجه الخصوص، أتت بعد مراحل عدة من الضغط على إيران، كان أولها الحصار الاقتصادي على طهران، ثم الضربات الأمريكية على ميليشيات إيرانية وأخرى مدعومة من إيران والتي وصفها البنتاغون «بالدفاعية» وصولاً إلى مرحلة تصفية القادة الميدانيين والذين كان آخرهم قتلى الغارة التي استهدفت قصر «نواف الفارس» في منطقة «المصلخة» في ريف البوكمال، وانتهاءً بإدراج «الحرس الثوري الإيراني» على لائحة الإرهاب الدولي.
التحرك الأمريكي حسب عضو فريق «فرات بوست» صهيب جابر، سيكون منفرداً دون الاستعانة بباقي الدول المشاركة في التحالف الدولي، وذلك عن طريق حلفائها على الأرض، وتفعيل «قاعدة التنف» التي أبقتها واشنطن طوال السنوات الماضية في الوضع الدفاعي، إلا أن هذا المخطط سيحول استراتيجيتها إلى الوضع الهجومي، وهذا كان سبب المناورات التي نفذتها الولايات المتحدة خلال الفترة الماضية بالشراكة مع «مغاوير الثورة» في المنطقة.
ورجح جابر خلال تصريحات أدلى بها لـ «القدس العربي»: أن العملية العسكرية ستنهي الوجود الإيراني بشكل شبه كامل من «غرب الفرات» وصولاً إلى بادية تدمر، مع تلافي الصدام مع القوات الروسية المتواجدة في مدينة دير الزور والمطار العسكري أهم نقطتين لروسيا في الضفة الغربية، وهنا لا بد من التنويه إلى أن واشنطن كانت وقبل أي عمل عسكري تخطر الروس شرق الفرات قبل ساعات لسحب جنودهم من المناطق المستهدفة.
 
عملاء أمريكا
 
يضاف إلى هذه المعلومات أن الولايات المتحدة كانت خلال عامٍ مضى تجمع معلومات استخباراتية عبر عملاء لها متواجدين في مناطق نفوذ الميليشيات الإيرانية، وشملت هذه المعلومات تقارير مفصلة عن مواقع الإيرانيين، وأهم القادة والإمكانات العسكرية ومخازن الذخيرة والسلاح وحتى شركات السيارات التي تستخدمها الميليشيات الطائفية، وبالطبع لن تنفق واشنطن هذه الأموال لمجرد «تمضية الوقت».
واعتبر «جابر»، الهدف من هذه التحركات استراتيجي بحت، فليس في غرب الفرات «وفرة» في الثروات الباطنية ولا حتى الزراعية كما في شرق الفرات المسيطر عليه من التحالف الدولي، لكن الأهمية تكمن في قطع طريق طهران – الساحل وبالتالي إضعاف الدور الإيراني في لبنان، وقطع الإمداد اللوجستي ومنع تدفق المقاتلين من الميليشيات الطائفية إلى المناطق المقابلة للأراضي المحتلة من قبل إسرائيل.
فهذه الحرب مليئة بالتناقضات، فأمريكا التي طالما دعمت النفوذ الإيراني بشكل غير مباشر في العراق ها هي تحاربه اليوم في سوريا، وروسيا التي أعلنت العداء للمعسكر الرأسمالي ها هي اليوم تعمل جنباً إلى جنب معه ضد حلفائها القدامى، لكن هذا كله يندرج في إطار اختلاف الاستراتيجيات من منطقة إلى أخرى، ومفتاح هذا اللغز «إسرائيل».
 
حل حاسم
 
من المعلوم أن الولايات المتحدة تحاول القيام بحل حاسم ضد النظام الإيراني بشتى الوسائل وتعتبر البوكمال محطة استراتيجية لدخول وخروج الميليشيات الإيرانية إلى سوريا بالإضافة إلى استخدامها في أعمال التهيئة لأعمال التهريب.
وقال الباحث المختص في شؤون شرق سوريا في مركز عمران للدراسات بدر ملا رشيد لـ «القدس العربي»: يمكن اعتبار القيام بعملية اعادة انتشار وتقوية الخطوط جزءًا من هذا التوجه، ولكن في الإطار العام لم تقم الولايات المتحدة والتحالف الدولي في سوريا بالهجوم على قوات الدول الاخرى في سوريا الا في حالات نادرة كان أهمها صد توجه «ميليشات فاغنر» الروسية باتجاه حقل العمر النفطي بداية العام 2018. كما قامت بصد قوات النظام السوري في مدينة الحسكة اثناء اشتباكها مع قوات الاسايش، فيما عدا هذه الحالات لم يحدث ان قامت الولايات المتحدة بهكذا توجه.
ويرجح الباحث، استحالة قيام التحالف بهكذا خطوة بوجود القوات الروسية أيضاً في تلك المناطق بالاضافة إلى كونها منطقة تقع ضمن منظومة الصواريخ الروسية، وفي حال حدوث هجوم مدعوم من التحالف، فهو إما سيكون لمواجهة روسيا وإيران معاً، أو اتفاق أمريكي – روسي على تحجيم دور إيران بشكلٍ متفق عليه.
ومنذ تدخل إيران عسكرياً في سوريا من وجهة نظر الباحث السياسي عبد الرحمن عبارة وقواعد الاشتباك بينها وبين الدول الغربية لم تتغير، مقتصرة على ضربات إسرائيلية لأهداف عسكرية إيرانية في سوريا بين الحين والآخر دون رد عسكري إيراني، وهذا لا يعني بقاء الأمور على ما هي عليه في مرحلة ما بعد تصنيف الحرس الثوري الإيراني على قوائم الإرهاب الأمريكي. فمن المحتمل أن تلجأ واشنطن في المرحلة المقبلة إلى استهداف مصالح إيران في سوريا، إن كان بصورة مباشرة أو عبر حلفائها في سوريا وفي مقدمتهم «قوات سوريا الديمقراطية» («قسد»)، والأنباء التي تتحدث عن حشود عسكرية لقوات «قسد» على تخوم منطقة البوكمال شرق سوريا، تعزز صحة هذا الاحتمال.
وبلا شك فإن تغيير قواعد الاشتباك بين جميع أطراف النزاع في سوريا لن يكون أمراً سهلاً، وخوض معركة على الأراضي السورية أحد أطرافها إيران وميليشياتها في مقابل طرف ميلشيوي مدعوم أمريكياً بأحدث المعدات العسكرية فضلاً عن سيطرة أمريكية على الأجواء السورية، معركة لن تكون في صالح إيران عسكرياً، ف»قسد» ستحارب بالوكالة عن الولايات المتحدة الأمريكية بينما إيران ستدخل المعركة أصالة عن نفسها. ولا أعتقد أن الهدف من حشود «قسد» العسكرية السيطرة على حقول النفط، لأن تلك الحقول حالياً تحت سيطرتها، وليست بحاجة إلى فتح معركة مع إيران وميلشياتها لتعزيز المنطقة الأمنية حول تلك الحقول.
وأضاف «عبارة»، ربما تكون الحشود العسكرية محاولة من واشنطن للسيطرة على كامل الشريط الحدودي بين سوريا والعراق بهدف قطع الطريق البري الواصل بين طهران ودمشق مروراً ببغداد، فإن حصل ذلك، فهذا يعني أن المشروع الإيراني في سوريا أُصيب بضربة في الصميم، وبالتالي لن تستطيع طهران – مهما فعلت – التعويض عن تلك الخسارة الفادحة في أي مكان آخر في سوريا.