عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    09-Apr-2024

"الحبل السري".. بين أميركا وأسرائيل!*احمد ذيبان

 الراي 

يراهن بعض النخب السياسية والثقافية العربية على ما يقال عن خلافات أميركية إسرائيلية، وأظن أن هؤلاء يتجاهلون طبيعة العلاقات العضوية بين واشنطن وتل أبيب، ربما توجد اختلافات تكتيكية بين الطرفين لكن أحدهما لا يستغني عن الآخر، فوجود إسرائيل مصلحة استراتيجية أميركية!.
 
ومن يراجع تاريخ العلاقات بينهما منذ إقامة الكيان الصهيوني عام 1948 يدرك أن الولايات المتحدة تولت رعاية هذا الكيان، بعد أن مهدت بريطانيا الطريق لإقامته منذ صدور "وعد بلفور" عام 1917، ثم تسهيل وصول المستوطنين الصهاينة وحتى النكبة الفلسطينية الأولى عام 1948..!
 
ولا حاجة للتأكيد على المساعدات الأميركية الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية المتواصلة لإسرائيل، أما الدعم العسكري فيبدو أكثر وضوحا في المراحل المفصلية الكبرى للصراع العربي الصهيوني، وبدون الدخول بالتفاصيل لنأخذ حالتين للدلالة على ذلك، الأولى في حرب اكتوبر – تشرين الأول عام 1973، حيث قامت الولايات المتحدة بتسيير جسر جوي لنقل الأسلحة والذخائر لدولة الاحتلال بالإضافة إلى الدعم السياسي والدبلوماسي، من منطلق أن واشنطن مستعدة لوضع ثقلها كدولة عظمى لإنقاذ الكيان الصهيوني عندما يتعرض لخطر، وبسبب الدعم الأميركي تمكنت إسرائيل من استعادة توازنها العسكري، بعد الضربة الموجعة التي تلقتها على الجبهيتن السورية والمصرية في 6 أكتوبر، ونتج عن ذلك حدوث خلل عسكري لصالح دولة الاحتلال، تم تعزيزه لاحقا بجهد سياسي ودبلوماسي أميركي تمثل بصدور قرار مجلس الأمن رقم "338"، الذي طالب بوقف إطلاق النار على الجبهتين، ثم قيام وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر بجولات مكوكية لتثبيت وقف إطلاق النار، وقيادته للمفاوضات الدبلوماسية بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا، التي أفضت إلى اتفاقيات "فك الاشتباك"، وانتهت بمعاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.
 
والحالة الثانية تتمثل بالجسر الجوي والبحري الأميركي لنقل الأسلحة لدولة الاحتلال، بعد عملية طوفان الأقصى التي قامت بها "كتائب القسام" في 7 أكتوبر العام الماضي، حيث فتحت الولايات المتحدة مخازن أسلحتها لتزويد الكيان الصهيوني بأحدث الأسلحة فضلا عن الدعم الاقتصادي، رغم أن الحرب ليست مع دولة تمتلك جيوش، بل مع فصيل عسكري صغير يستخدم أسلحة بسيطة لا تقارن مع دولة مدججة بأحدث الأسلة وبتكنولوجيا متقدمة، وزادت واشنطن على ذلك بدعم سياسي ودبلوماسي للعدوان الذي يستهدف المدنيين العزل، وكان أبرز محطات الرعاية الأميركية لهذا العدوان، استخدم "الفيتو " لإحباط مشاريع القرارات التي قدمتها بعض الدول لمجلس الأمن وتدعو لوقف إطلاق النار، رغم أن ضحايا العدوان هم من المدنيين وغالبيتهم أطفال ونساء وكبار السن، حيث تجاوز عدد الشهداء حتى الآن 32 ألفا وما يزيد عن 75 ألف مصاب!.
 
ومن يظن أن الولايات المتحدة ستتخلى عن الكيان بسبب خلافات تكتيكية فهو واهم، ذلك أن إدارة بايدن لا تزال تدعم استمرار العدوان العسكري على القطاع، وهي مع اجتياح جيش الاحتلال لمدينة رفح التي أصبحت مستودعا بشريا لا مثيل له، بعد أن دفعت قوات الاحتلال مئات الآلاف من الغزيين للنزوح من شمال ووسط القطاع، وأصبح عدد سكان المدينة أكثر من مليون ونصف مليون نسمة غالبيتهم يعيشون بمخيمات بائسة، لكن أميركا "تناشد " حكومة نتنياهو، أن تنقل المدنيين قبل أن تجتاح رفح وتكمل مسلسل الابادة الجماعية!
 
الواقع أن ثمة "حبل سري" بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ربما لم يتنبه له أحد، وهو أن الوايات المتحدة الأميركية تشكل تجربة فريدة في العالم وتعتبر أكبر "مستوطنة" في التاريخ، فجميع سكانها مستوطنين قدموا من مختلف القارات، وأسست في البداية على أيدي المهاجرين الأوروبيين بعد أن أبادوا السكان الأصليين "الهنود الحمر"، ويمكن اعتبار دولة الاحتلال نموذج مصغر للولايات المتحدة من حيث التكوين، حيث قامت على نفس النمط الاستيطاني من خلال تهجير ملايين اليهود إلى فلسطين بعد أن تم تهجير أصحاب الأرض الأصليين، لكن الفرق الوحيد بين "المستوطنين"، أن دولة الاحتلال قامت على أسس دينية ك "دولة يهودية"، لكنها تبقى الطفلة المدللة لـ "المستوطنة الأم "!
 
والخلاصة أن استمرار اسرائيل مرتبط بالدعم والرعاية الأميركية، وإذا انهارت أميركا فستنهار إسرائيل بالضرورة!