عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jan-2020

الصلاحين أول عميد كفيف: الطموح تأشيرة عبور للإنجاز والعطاء

 

ربى الرياحي
 
عمان –الغد-  كل ما حوله يثبت أن الإصرار على التميز والنجاح لا تثنيه أبدا عراقيل الحياة وتلك التعرجات الخطرة بل على العكس الدكتور عبد المجيد الصلاحين قرر أن يكون منتصرا دائما في كل المعارك التي خاضها، والتي أكسبته حتما شخصية مستقلة تعتمد على نفسها.
هو ولأنه وثق بإمكاناته لم يتذمر من كونه شخصا كفيفا قدرته على رؤية الحياة بقلبه مكنته من أن يصنع لنفسه تاريخا حافلا بالإنجازات. تفوقه دراسيا في المدرسة ومن ثم الجامعة وحصوله على شهادة الدكتوراه في علم الفقه وأصوله جعله جديرا بالوصول إلى طموحه، ووقوفه في المقدمة وأهله، لأن يكون أول عميد كفيف لكلية الشريعة في الجامعة الأردنية متحديا بذلك كل الأفكار المغلوطة والمشوهة عن الإعاقة.
كف البصر حالة رافقته منذ الولادة، لكن دون معرفة السبب الحقيقي لها يقول وجوده في عائلة بسيطة جدا، وكونه ابن لأم وأب أميين كل ذلك لم يمنعه من أن يحلم ويبحث عن التميز لديه، لم يرض بأن يستسلم لتلك الظروف رغم صعوبتها، بل صمم على أن يستمع لذلك الصوت المحمل بالحماس والتشجيع.
الدكتور عبد المجيد عشق النجاح، وأراد أن يواجه العالم بأسره مراهنا على أن النور ينبع من الذات، حتى وإن كانت العينان لا تبصران.
هو ولأنه اختار أن يكون مختلفا بإصراره على الإنجاز والعطاء استحق أن يكون موجودا في واقع ما يزال يجهل الكثير عن الإعاقة، وعن نماذج مشرفة تأبى إلا أن تسطر نجاحاتها بعزيمة لا تعرف الإحباط أو التراجع هؤلاء الأشخاص تحديدا فهموا أن حياتهم ليست سهلة، وتتطلب منهم أن يكونوا أقوياء أكثر من غيرهم، ليتسنى لهم الوصول وليس السير فقط.
يقول عن دراسته، واجهته بعض العوائق أثناء تلك الفترة، فهو لم يتمكن من دخول المدرسة في سن مبكرة، بل تأخر مدة سنتين، وذلك بسبب عدم وجود مدارس خاصة بالمكفوفين في الأردن في ذلك الوقت، الأمر الذي دفعه إلى الالتحاق بالمدرسة العلائية للمكفوفين في رام الله وهناك استطاع أن يتعلم القراءة والكتابة بطريقة برايل لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يمهله طويلا بل جاء وفرض عليه الانقطاع مدة عام كامل عن الدراسة.
تفاصيل كثيرة ودقيقة أسهمت في تكوين هذه القامة العلمية الكبيرة كان لها أثر مهم في دفعه نحو أهداف تمكن من تحقيقها بالجد والمثابرة والرغبة في التأكيد على أن الإعاقة وحدها لا يمكنها مطلقا تكبيل الطموح وانتزاع الفرص من أشخاص يهوون المغامرة والتفرد، يجيدون فعليا معاندة الظروف والتمرد عليها.
ويتابع، في المرحلة الثانوية عاد ليكمل دراسته في “يرقا” في السلط. الصلاحين وفي هذه المرحلة تحديدا عرف أن عليه أن يكثف من دراسته معتمدا في ذلك على ذاكرته القوية في حفظ شرح المعلمين، كما استند أيضا على زملائه الذين كانوا يساعدوه في قراءة المواد واسترجاع المعلومات، لافتا إلى أن عدم توفر كتب مطبوعة بطريقة برايل كانت فعلا عقبة استطاع التغلب عليها، لكونه أحب العلم ورأى أن تفوقه هو السبيل لتغيير حياته نحو الأفضل، وبالذات بعد أن نجح في أن يكون الأول في التوجيهي على مستوى المملكة.
ويبين أن دراسته الجامعية كانت في جامعة أم القرى في مكة المكرمة، وقد تمكن من تحقيق المركز الأول على سبع جامعات هناك، وبناء على ذلك تم تكريمه. تعيينه كمدرس في الجامعة الأردنية كان ثمرة جهد طويل وسنوات تخللتها الكثير من الصعوبات والتحديات كانت وستزال شاهدا على مسيرة زاخرة بالمؤلفات العلمية والخبرة ومن ثم الوصول إلى منصب العميد في كلية الشريعة.
الصلاحين وبما يحمل من فكر نير ووعي بوضع ذوي الإعاقة اجتماعيا يجد أن من الضروري التخلص من الثقافات السلبية السائدة، والتي أساسا موجهة ضد فئة جديرة بالحياة قادرة على العطاء وخدمة المجتمع، موضحا أن نقص الوعي المجتمعي بقدراتهم وما لديهم من طاقات يجعلهم حتما سجناء داخل تلك الصورة النمطية التي تعتقد أن أقصى ما يحتاجه الشخص من ذوي الإعاقة هو العطف والشفقة.
كما يؤكد على أهمية فهم الأشخاص من ذوي الإعاقة لأنفسهم وتقديرهم لإمكاناتهم، ليستطيعوا بالتالي أن ينجحوا في تسويق ذواتهم للمجتمع بأسلوب إيجابي يبرز حقيقتهم ومدى استعدادهم لتحدي كل من يفكر بالتقليل من قدراتهم وتحجيم طموحاتهم.