عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    08-Mar-2025

التعليم القائم على المشاريع.. كيف يسهم بتحسين جودة العملية التعليمية؟

 الغد-آلاء مظهر

في ظل التطور المتسارع للتعليم، وتزايد الحاجة لتعزيز التفكير النقدي والإبداعي والمهارات عند الطلبة، يبرز التعليم القائم على المشاريع، كواحد من الإستراتيجيات التعليمية الفعالة لتحسين جودة التعليم.
 
 
وبينما تعتمد هذه الطريقة التعليمية على إشراك الطلبة بمشاريع عملية تتيح لهم فرصة تطبيق ما يتعلمونه في حياتهم الواقعية، لتعزيز إدراكهم للمفاهيم الدراسية على نحو أعمق، أكد خبراء في التربية، أن هذا النوع من التعليم، من أكثر الأساليب فعالية في تحسين جودة التعليم ومخرجاته.
 
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن إستراتيجية التعليم القائم على المشاريع، من الإستراتيجيات التي تسهم بإعداد الطلبة على نحو أفضل للانخراط في سوق العمل وامتلاك مهارات تعزز مستقبلهم المهني والعملي، وتطور قدراتهم على التكيف والتفاعل مع التغيرات السريعة في مجالات العمل المستقبلية.
تنويع إستراتيجيات التدريس 
وفي هذا السياق، أكد الخبير التربوي 
د. محمد أبو غزلة، أن التنويع في إستراتيجيات التدريس أمر أساسي في ظل تعدد أنماط تعلم الطلبة، وطبيعة المحتوى التعليمي المقدم، وخصائصهم ومتغيرات بيئات التعلم، والمهارات المطلوبة، وذلك لضمان تلبية احتياجاتهم وتحفيزهم على المشاركة الفعالة في العملية التعليمية.
وبين أبو غزلة، أن تنوع إستراتيجيات التدريس يساعد على إبقاء الطلبة منخرطين ومهتمين ومتفاعلين مع المواقف التعليمية التي يتعرضون لها، كما أن هذا التنويع في الإستراتجيات التدريسية يعزز من قدرة الطلبة على التفكير النقدي والإبداعي، ويشجعهم على استكشاف المعلومات بطرق متعددة، تسهم بتحسين معارفم ومهاراتهم، وبالتالي تحسين أدائهم الأكاديمي والاجتماعي.
وأوضح، أن أهمية توظيف هذه الإستراتيجيات المتنوعة، تركز على دور المتعلم كشريك أساسي في عملية تعلم المهارات، بخاصة العملية والتطبيقية الحياتية اللتان تعدان في غاية الأهمية للمتعملين، لأنها تسهم بإعداد الطلبة على نحو أفضل لمتطلبات سوق العمل وما يحتاجه من مهارات في المستقبل، بالإضافة لتطوير قدرات المتعملين على التكيف والتفاعل مع التغيرات السريعة في مجالات العمل المستقبلية.
احترام عقل المتعلم وتطوير التعاون
ولفت إلى أن إستراتيجية التعلم القائم على المشاريع، من الإستراتيجيات المهمة التي تمنح المتعلم لأن يصبح جزءا من العملية التعليمية، لأنه يعمل فيها على دراسة موضوعات أو حل مشكلات حقيقية أو محاكاة لها، عبر تطبيق المعرفة والمفاهيم التي يتعلمونها في الصف أو في بيئات التعلم.
كما تمنح المتعلم، فرصا لتطوير مهارات التفكير النقدي وحل مشكلاته بطريقة مبتكرة، بدلا من تلقي المعلومات على نحو تقليدي من المعلم، إلى جانب ما تعمل عليه هذه الإستراتيجية من احترام لعقل المتعلم  وتطوير مهارات التعاون والتواصل، وإدارة وقته، وتشجيعه على التعلم النشط والتفاعل مع أقرانه، ما يجعل العملية التعليمية أكثر ارتباطا بحياته الواقعية.
إعداد الطلبة لمتطلبات السوق 
واعتبر أبو غزلة، أن هذه الإستراتيجية تمكن من إعداد الطلبة على نحو أفضل لمتطلبات سوق العمل والمهارات التي يحتاجها مستقبلا، وتطوير قدراتهم على التكيف والتفاعل مع التغيرات السريعة في مجالات العمل المستقبلية.
كما أشار إلى أنها تعزز مهارات الطلبة وتطور قدراتهم العملية والفكرية، لأنها عملية منظمة تعمل على تحديد أهداف واضحة للمشروع، تربط بين المحتوى الأكاديمي والحياتي للطلبة، وتشجعهم على البحث والاستكشاف، وتحت إشراف المعلم خلال سير مراحل المشروع، مع تقديم الدعم لهم في البحث والتحليل، وصياغة الحلول، دون تقديم إجابات جاهزة لأنهم يكتشفونها بأنفسهم.
التطبيق في الحياة الواقعية 
وأشار أبو غزلة إلى أن التعليم القائم على المشاريع، يتيح للطلبة الفرصة لتطبيق ما يتعلمونه في حياتهم الواقعية، ما يعزز من فهمهم للمفاهيم الدراسية على نحو أعمق بالعمل على مشاريع تعليمية جماعية أو فردية، عبر مراحل متعددة، مع تحديد معايير واضحة لتقييم كل مرحلة، وتقديم تقارير أو عروض تفاعلية، ما يتيح لهم تقييم تقدمهم دوريا بالإضافة إلى ذلك، تمنحهم فرصا لاستخدام أساليب تقييم متعددة، تشمل التقييم الذاتي والتقييم من الأقران، وهذا يساعدهم في تحسين أدائهم وتطوير مهارات تفكيرهم النقدي.
وأضاف أبو غزلة، نظرا لنجاح ونجاعة هذه الإستراتيجية، اعتمدتها النظم التعليمية المتقدمة في العديد من الدول، كإحدى إستراتيجياتها لتعزيز جودة التعليم وتحفيز الطلبة على التفكير النقدي والابتكار، وطبقتها في العديد من الموضوعات الدراسية العلمية والأدبية والمهنية، بخاصة في مجالات مثل الآداب والفنون والأعمال، والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والمعروف بـ(STEM)، بحيث يجري تشجيع الطلبة في العمل على مشاريع بحثية وحل مشكلات حقيقية، تتعلق بحياتهم اليومية، وهذا يعني تعزيز مهاراتهم العملية والبحثية، وتطوير مهاراتهم في القيادة والعمل الجماعي عبر مشاريع جماعية.
تجهيز الطلبة لمتطلبات الحياة العملية 
وأشار أبو غزلة، إلى أن دولا وظفت هذه الإستراتيجية في معظم المواد الدراسية  لتشجيع الطلبة على تطبيق ما تعلموه بحل مشكلات حقيقية ومتنوعة، لأنها تتيح لهم الفرصة للعمل في مجموعات ومشاريع تفاعلية، تربط ما يتعلمونه بحياتهم اليومية، وهذا يؤكد فعالية هذه الإستراتيجية بتحسين جودة التعليم، وإعداد الطلبة على نحو أفضل لمتطلبات الحياة العملية.
ولضمان نجاح توظيفها وتحقيق أهدافها، بحسب أبو غزلة، فمن المهم أن تضع وزارة التربية والتعليم، سياسات وإرشادات تشجع على تطبيق الإستراتيجية، بتوفير موارد تعليمية وبرامج تدريبية للمعلمين، لأنهم هم من سيطبقونها، وهم الأساس بإنجاحها، ولعل من المهارات التي يجب أن يتدرب عليها ويمتلكها المعلم، مهارات التخطيط والتنظيم الدقيق للمشروعات التعليمية، وإعداد الخطط الواضحة والشاملة له، بدءا من تحديد الأهداف التعليمية وارتباطها مع المناهج الدراسية، وربط تطبيق مفاهيمها في سياقات عملية، وتوفير الموارد التعليمية المطلوبة، وتحديد المراحل الزمنية لتنفيذ المشروع  وتدريبهم على كيفية إدارة هذه المشاريع التعليمية.
مهارات التقييم المستمر والمتنوع 
فضلا عن أهمية تمتع المعلم بالمرونة أثناء تدريسه، ومن المهم تدريبه على كيفية تحديد وتوزيع المهام، والأولويات، والأدوار والأنشطة بفعالية ضمن الفرق، وتنفيذها في أوقاتها، وتمكين المعلمين من مهارات التقييم المستمر والمتنوع طوال مراحل تنفيذ المشروع، ومتابعتهم لأداء طلبتهم الفردي والجماعي، بحيث يمكنهم تقييم تقدم الطلبة أثناء تنفيذ المشروع، وتقديم التغذية الراجعة لهم، لتساعدهم على تحسين أدائهم، وتحقيق الأهداف المحددة في بداية المشروع، بالإضافة للتقييم النهائي الذي يعكس الفهم العميق والمهارات المكتسبة من المشروع.
وأشار أبو غزلة لأهمية تضمين الإطار الوطني للتقييم الذي طورته الوزارة مؤخرا، أدوات تقييم لهذه الإستراتيجية، كما يمكن للوزارة تكليف المشرفين التربويين بنشر الوعي بأهمية التعليم القائم على المشاريع، وتوجيه ومتابعة المدارس بتبني تطبيق هذه الطريقة التي تشجع الطلبة على العمل الجماعي وحل المشكلات الواقعية.
كما يجب العمل مع المركز الوطني للمناهج على تضمين التعليم القائم على المشاريع في المناهج الدراسية، وإعادة تصميم بعض جوانب المناهج لتكون أكثر مرونة وتفاعلية، بحيث تتيح للطلبة الفرصة لتطبيق ما يتعلمونه في سياقات عملية ومواضيع تعليمية متعددة، بحسب أبو غزلة.
تعزيز بيئة تعليمية تدعم التفكير النقدي
وعلى المدرسة، تعزيز بيئة تعليمية تدعم التفكير النقدي والابتكار ومتابعة المعلمين في تطبيقها، عبر تصميم مشاريع تربوية تشرك الطلبة في تجارب تعلم عملية وحقيقية، ما يزيد من تحفيزهم ويطور مهاراتهم في البحث والتحليل والتعاون، كذلك توفير بيئة مناسبة تتيح للطلبة تطبيق ما تعلموه في مواقف واقعية، وتعزز من قدراتهم على التفكير النقدي، وحل المشاكل، وليصبح التعلم القائم على المشاريع نهجا تدريسيا فعالا ومؤثرا بتحسين نوعيىة التعليم، بحسب أبو غزلة.
إشراك الطلبة بتنفيذ مشاريع واقعية
بدورها، قالت الخبيرة التربوية د. حنان العمري، إن التعليم القائم على المشاريع من الأساليب التعليمية الحديثة التي تعتمد على إشراك الطلبة بتنفيذ مشاريع واقعية، تهدف لحل مشاكل حقيقية، ما يعزز مهارات تفكيرهم النقدي والإبداع والعمل الجماعي.
ولفت العمري إلى أن هذا النهج، يركز على التعلم بالتجربة، إذ يشارك الطلبة بالبحث والتخطيط والتنفيذ، وبالتالي جعل العملية التعليمية أكثر تفاعلية وواقعية، موضحة أن هذا النهج يتميز بتعزيز التعلم النشط والتفاعلي، وتنمية مهارات الإبداع والتفكير النقدي، ودمج المعرفة بالتطبيق العملي، ومسؤولية واستقلالية الطلبة.
وأضافت العمري أن التعليم القائم على المشاريع، يحسن من جودة التعليم، بجعل التعلم أكثر تشويقا وارتباطا بحياة الطلبة، إذ إنه يُعزز الفهم العميق والجيد للمواد الدراسية، بدلاً من الحفظ والاسترجاع، كما يرفع من مستوى تفاعل الطلبة وتحفيزهم نحو التعلم الذاتي.
مشاريع تحاكي التحديات الحياتية
ولفتت إلى أن هذا النموذج يوفر تجربة تعليمية واقعية، عبر مشاريع تحاكي التحديات الحياتية، وتعزز التعلم التعاوني بتشجيع العمل الجماعي لحل المشاكل، وتنمية مهارات البحث والاستقصاء والمساعدة برفع مستوى تحفيز الطلبة، ما يجعل التعلم ممتعا وهادفا.
وبينت العمري، بأن مخرجات التعليم من أهم المؤشرات على نجاح أي نظام تعليمي، من هنا فإن التعليم القائم على المشاريع، يتميز بقدرته على تحسين هذه المخرجات عبر إعداد الطلبة ليكونوا أكثر استعدادا للحياة العملية، إذ يسهم هذا النموذج بتعزيز المهارات العملية، وإكساب الطلبة القدرة على تطبيق المعرفة في مواقف حقيقية.
تحفيز القدرات الإبداعية والابتكار
 كما يعمل، بحسب العمري، على تطوير مهارات الاتصال والعرض، ويساعدهم على التعبير عن أفكارهم بوضوح، وبتحفيز قدراتهم الإبداعية والابتكار، إذ يتمكن الطلبة من توليد حلول جديدة للمشاكل، ما يؤهلهم لسوق العمل بتنمية مهارات التفكير النقدي وحل المشاكل.
وأشارت العمري، إلى أنه برغم الفوائد العديدة لهذا الأسلوب، لكن هناك تحديات تعيق تطبيقه في المؤسسات التعليمية، ويعد نقص التدريب والخبرة لدى المعلمين في إدارة المشاريع من أبرز التحديات، إذ يتطلب التحول لدور الموجه بدلا من الملقن، مهارات جديدة كتصميم المشاريع، وتوجيه الطلبة وتحفيزهم على البحث الذاتي.
ونوهت بأنه يمكن التغلب على هذا التحدي بتنظيم دورات تدريبية للمعلمين، وتوفير مصادر تعليمية وأدلة عملية، وتشجيع تبادل الخبرات بين المعلمين في ورش عمل واجتماعات تعاونية.
دمج المشاريع في المناهج الدراسية
كما وتعد صعوبة إدارة الوقت تحديا آخر، بحسب العمري، بحيث تحتاج المشاريع لوقت أطول للتخطيط والتنفيذ، مقارنة بالدروس التقليدية، لكنه يمكن التغلب على هذا التحدي بدمج المشاريع في المناهج الدراسية، بدلا من اعتبارها نشاطا منفصلا، مبينة أن نقص الموارد والتجهيزات، عائق أمام تنفيذ بعض المشاريع، بخاصة في المدارس ذات الميزانية المحدودة، ويمكن مواجهة هذا التحدي باستخدام الموارد المتاحة كالمواد القابلة لإعادة التدوير أو التطبيقات الرقمية المجانية، وتشجيع المشاريع التي تعتمد على البحث والتفكير بدلا من تلك التي تحتاج لموارد مكلفة.
وبينت أن التعليم القائم على المشاريع، من أكثر الأساليب فعالية بتحسين جودة التعليم ومخرجاته، إذ يوفر تجربة تعلم نشطة وذات معنى، ويعد الطلبة لمواجهة تحديات الحياة العملية، بتطوير مهاراتهم الفكرية والعملية، مؤكدة أن التعليم القائم على المشاريع ليس مجرد طريقة تدريس، بل هو أسلوب تعليمي يُعد الطلبة للمستقبل بتمكينهم من مواجهة التحديات الحقيقية بمهارات عملية وقابلة للتطبيق.
تطبيق المعرفة في سياقات علمية
من جانبه، قال الخبير التربوي عايش النوايسة، إن التعلم القائم على المشاريع يعد نهجا تعليميا، يعتمد على إشراك الطلبة في عمليات تعلم عبر ما يقومون به من مشاريع، مضيفا بأن هذا النوع من التعليم، يسهم بتعزيز مهارات الاستكشاف وحل المشاكل، وتطبيق المعرفة في سياقات علمية، لافتا إلى أن هذا النهج التعليمي له مزايا تتمثل بربط التعليم بالتطبيق، ما يتيح للطلبة فرصة تطبيق ما يتعلمونه في حياتهم الواقعية.
وأشار النوايسة، إلى أن التعليم القائم على المشاريع، ينمي مهارات التفكير النقدي والإبداعي وحل المشاكل، إلى جانب مهارات أخرى، منها إدارة الوقت والتعاون واتخاذ القرارات وصناعتها، مبينا بأن هذه الإستراتيجية تسير وفق منحى تكاملي في التعليم، عبر ربط أكثر من مبحث دراسي في المشروع ذاته، بالإضافة إلى أنه يشجع التعلم الذاتي لدى الطلبة على نحو أكبر.
ولفت إلى أن هذه الإستراتيجية تسهم بقوة في تحسين جودة التعليم، كون الهدف من التعليم اليوم، تعزيز وبناء مهارات الطلبة، وتشجيعهم على استكشاف المفاهيم بطريقة علمية، ما يساعدهم على استيعاب المعرفة بشكل أعمق وأكثر مقارنة بالتعليم التقليدي، بما يكسبهم مهارات تحليلية وتفسيرية عبر البحث.
وأوضح النوايسة، أن المشاريع عادة توفر وسيلة لتقييم الأداء بصورة أكثر شمولية، عبر تقييم المهارات المعرفية والعملية بدلا من الاقتصار على الاختبارات التقليدية، بالتالي هذا هو الهدف الأسمى للتعليم، بالإضافة إلى تعزيز إبداع الطلبة وابتكاراتهم.