عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Jan-2020

غوغائية الرد الإيراني على مقتل سليماني - فادي ابو بكر

 

الدستور- توعّدت إيران الولايات المتحدة الأميركية برد ساحق ومزلزل على خلفية قتلها سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني فجر يوم الجمعة 3كانون الثاني/يناير 2020، إلا أن الرّد الإيراني كان غوغائياً حتى اللحظة، حيث اقتصر على ضرب إيران أهدافا عسكرية أميركية في العراق بعدد صغير من الصورايخ، معلنةً على لسان قائد قواتها الجوية: «أنها لم تكن تسعى لقتل جنود القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد وهدفها كان توجيه ضربة للمعدات العسكرية».
أعلنت إيران فجر يوم السبت 11كانون الثاني/يناير2020، أنّ الطائرة الأوكرانية تحطمت نتيجة صاروخ إيراني أصابها «بالخطأ»، أثناء قصف إيران لمواقع أمريكية في العراق، رداً على «اغتيال سليماني». وفي نفس السياق يُذكر بأن أكثر من50 إيرانياً لقوا حتفهم كما أصيب213 آخرين في التدافع خلال جنازة سليماني.
 من جهةٍ أخرى، كانت إيران قد اعتقلت السفير البريطاني لدى طهران «روبرت ماكيير» لعدة ساعات يوم السبت 11كانون الثاني/يناير2020 -وبعد تهديد لندن لها- بررّت قوى الأمن الداخلي الإيرانية ذلك بقولها:»أن احتجاز السفير البريطاني جاء على خلفية حضوره تجمعاً وصفته بأنه «غير قانوني» أمام جامعة (أمير كبير)، مضيفة أن الدبلوماسي البريطاني «تستر» في صفة «شخص أجنبي»، وأشارت إلى أنه تم إطلاق سراح السفير بعد التعرف عليه، بتنسيق ومتابعة من الخارجية الإيرانية». يُذكر بأن لندن أيّدت واشنطن بشكل رسمي قتل سليماني واعتبرته «دفاعاً عن النفس»، ولم تقم إيران بالرد أو طرد السفير البريطاني من بلادها.
أما فيما يخص «إسرائيل»، فقد قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي: أن «إسرائيل» نأت بنفسها ونحن متأكدون أنها لم تكن بعيدة عن هذه الجريمة». وهنا يُلاحظ بأن إيران تُفرّق  بين «إسرائيل» وأميركا، وكأنهما ليسا وجهان لعملة واحدة، في إشارة مبطّنة إلى أن الرد لن يستهدف «إسرائيل».   
إن غوغائية الرد الإيراني على اغتيال سليماني ونتائجه الكارثية على طهران تُفسر تمادي الرئيس الأميركي ترامب، وعدم اكتراثه، وتوعّده لإيران بمزيد من الضربات والعقوبات بعد اغتيال سليماني. حيث يتكىء ترامب على قاعدة المثل الشعبي القديم «اجرح وغمّق الجرح آخرتها على الصلح»،  وجاءت حادثة الطائرة الأوكرانية هدية لترامب من السماء، لتُسّهل عملية فرض عقوبات إضافية خانقة أكبر على إيران، خصوصاً وأن حادثة الطائرة راح ضحيتها 176راكباً من 7دول مختلفة.
 إن تكتيك قطع الرؤوس الأميركي، إذا لم ينحج فهو لم يفشل في ظل الرد الإيراني الباهت، وإن كانت حركات إيران مدروسة ومقصودة ويُراد بها إيهام وتضليل الخصم الأميركي تمهيداً لمفاجاًة من العيار الثقيل، فإن حادثة الطائرة الأوكرانية قلبت موازين الرد الإيراني.
في ضوء ما سبق، ليست هناك خيارات جيدة متاحة أمام طهران، سوى الاستعانة بأذرعها في اليمن وفلسطين ولبنان من أجل استكمال الرد على اغتيال سليماني، إلا أن عائد الرهان عليهم أصبح منخفضاً بعد أن فقدت إيران هيبتها أمامهم، ولن يكون الثمن هذه المرة بخساً على الإطلاق.
إذا ما ناقشنا المسألة من زاوية نظرية المؤامرة، كما سبق ونوّهنا لإمكانية أن تكون الحركات الإيرانية الباهتة مدروسة، فإنه لا يمكن إغفال السيناريو الذي يقوم على وجود توافق في القنوات الخلفية السرّية بين واشنطن وطهران، بضرورة التخلص من التيار الإيراني المتشدد الذي يمّثله سليماني لتسهيل إبرام الصفقة النووية.
ومجمل القول، أن غوغائية الرد الإيراني، لم تترك لإيران خيارات جيدة، بل وضعتها أمام حقائق جديدة صعبة ومؤلمة، وإيران الآن أبعد ما يكون من أن تحصل على الرد المزلزل والساحق الذي وعدت به.
* كاتب وباحث فلسطيني