الشارقة- الغد - نظمت هيئة الشارقة للكتاب، ضمن فعاليات الدورة الـ43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الندوة الدولية الثالثة تحت عنوان "هجرة اللغات.. قراءة في نموذج العربية والإسبانية"، استضافت خلالها نخبة من الباحثين والمختصين في اللغة والتاريخ، لاستكشاف ظاهرة التفاعل اللغوي وتبادل المفردات والصيغ بين الثقافات، ودراسة العلاقة العميقة بين اللغتين العربية والإسبانية.
وشارك في الندوة، التي أدارها الشاعر علي العامري، مدير تحرير مجلة الناشر الأسبوعي، كل من الدكتور إغناثيو غوتيريث دي تيران، أستاذ اللغة العربية بجامعة أوتونوما بمدريد، الذي تناول تجربة الأدباء العرب في المهجر الأميركي؛ والدكتور صلاح بوسريف من المغرب، الذي قدم رؤية حول اللغة العربية وأهمية الاقتراض من اللغات الأخرى؛ والدكتور إغناثيو فيراندو، أستاذ الأدب العربي بجامعة قادس، الذي ركز على المفردات ذات الأصول العربية في الإسبانية؛ والباحثة التونسية هدى الهرمي التي ناقشت التمثلات الحضارية للغة العربية وأثرها في بناء جسور ثقافية بين الشعوب.
وقدم الدكتور إغناثيو غوتيريث دي تيران، أستاذ اللغة العربية بجامعة أوتونوما بمدريد، ورقة بحثية عن تجربة شاعرين عربيين في المهجر بأميركا الجنوبية: إلياس فرحات الذي عاش في البرازيل، وظل متمسكا بلغته الأم، والشاعر الفلسطيني محفوظ مصيص الذي عاش في تشيلي وكتب بالإسبانية. وتناول دي تيران تأثير الهجرة على كل منهما، متسائلا عن أسباب اختيار بعض المهاجرين التمسك بلغتهم الأم بينما يميل آخرون إلى استخدام لغة محلية.
من جهته، أوضح الدكتور صلاح بوسريف من المغرب أن اللغة ليست مجرد أداة، بل هي كيان وجودي، رافضا وصف اللغة العربية بأنها"ميتة" أو ضعيفة بسبب اقتراضها من لغات أخرى. وأكد بوسريف أن الاقتراض من اللغات يعكس انفتاح اللغة وإبداعها، معتبرا أن التأثر بلغات أخرى يثري اللغة ولا ينقص منها، بل يعزز انتشارها وتأثيرها.
في مداخلته، قدم الدكتور إغناثيو فيراندو، أستاذ الأدب العربي والترجمة بجامعة قادس، دراسة عن تأثير اللغة العربية على الإسبانية، مسلطا الضوء على عدد من المفردات الإسبانية ذات الأصل العربي. وناقش التحولات الصوتية والدلالية التي طرأت على هذه الكلمات خلال الفترة الأندلسية، موضحا كيف أثرت لهجة العرب في الأندلس على تطور اللغة الإسبانية، وقسم الكلمات ذات الأصل العربي إلى أسماء وصفات وأدوات لغوية.
اختتمت الباحثة التونسية هدى الهرمي الندوة بورقة بحثية تناولت مفهوم "هجرة اللغة" كمرآة للتطور الحضاري للأمم، مشيرة إلى دور اللغة العربية في التأثير على لغات عدة، خاصة الإسبانية، التي تأثرت بعمق بالمفردات العربية. وأكدت الهرمي أهمية الدراسات اللغوية والترجمة في توثيق الروابط الثقافية بين اللغتين، وتعزيز الحوار بين الحضارات.