عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2020

علموا أبناءنا في بيوتهم!*فريهان سطعان الحسن

 الغد

لم نكن يوما من أنصار التعليم عن بعد، خصوصا مع الأخطاء الكثيرة التي شابت التجربة السابقة بكل جوانبها، إذ وضعت أولياء الأمور والطلبة في اختبار صعب، ووضع لم نعتد عليه من قبل.
لكن حينما تكون صحة أبنائنا وسلامتهم على المحك، فينبغي أن ننظر إلى الأمر على أنه أولوية قصوى لا تقترب منها اي أولوية أخرى، حتى لو اضطررنا إلى اتخاذ قرار بوقف التعليم الوجاهي مؤقتا، واعتماد التعليم عن بعد.
اليوم، يدخل الأردن بداية مرحلة التفشي المجتمعي لوباء كورونا، ما يعني أن البيئات المجمعة ستكون بؤرا للتفشي، وهي مرحلة خطرة، قد نشهد خلالها تسجيل أعداد كبيرة يوميا من الإصابات، وهو ما تؤكده الحكومة حين تقول إن علينا الاستعداد والتحضير لأسوأ سيناريوهات الحالة الوبائية.
في ظل هذا الوضع، أغلقت عشرات المدارس أبوابها واعتمدت التعليم عن بعد، بعد ظهور إصابات فيها، بلغت 42 طالبا وطالبة، و31 معلما ومعلمة.
الأرقام تتزايد بسرعة كبيرة، فيما ما تزال وزارة التربية والتعليم مصرة على تنفيذ تعليم وجاهي في المدارس من غير أن تفكر بسيناريوهات أخرى تسهم في حماية سلامة الطلبة، وعدم تعريض حياتهم للخطر. التعايش مع الوباء، كما تقترحه الحكومة، لا يأتي دفعة واحدة، كما أنه لا يجبرنا على وضع الطلبة في مختبر تجربة قد تكون نتائجها كارثية، وبعدها نأكل أصابعنا ندما!
الحكومة، للأسف، ترفض الإفصاح عن نيتها بتعطيل المدارس والانتقال إلى نظام التعليم عن بعد لكل المنشآت التعليمية مع بدء موجة جديدة وشرسة للفيروس، تاركة القرار لكل مدرسة على حدة إذا ما حصل فيها إصابات. ما فعلته هو أن ألزمت المدارس بأخذ الاحتياطات، والتوجيه بإجبار الطلبة على ارتداء الكمامات وتحقيق التباعد الاجتماعي، وهو أمر نعلم جميعنا أنه صعب التحقيق، وحتى في حال تتنفيذه لن يكون كافيا للوقاية من انتشار الفيروس الذي أصبح يعيش بيننا.
ندرك جيدا أهمية العودة للمدارس وانخراط الطلبة بالعملية التعليمية الوجاهية، والتعايش مع كل الأوضاع الصعبة لإكمال مسيرة التعليم بشكلها الصحيح؛ لكننا اليوم نعيش ظرفا استثنائيا يتوجب معه أن نفكر بالبدائل المناسبة، والتي نرى أنها ستكون في التعليم عن بعد خلال الوقت الراهن، من أجل أن يكون أبناؤنا بأمان في بيوتهم.
العديد من دول العالم، أعلنت مبكرا اتجاهها بتحويل التعليم عن بعد، بغض النظر عن نجاح هذه التجربة أم لا، لكن الهدف حماية الأطفال من إصابات متوقعة في بيئة المدرسة الخصبة لتفشي المرض، ولحين معرفة المنحنى الوبائي وتطوره، رغم أن هذه الدول لديها إمكانات صحية كبيرة وهائلة لاستيعاب أعداد المصابين، وهو ما لا يتوفر لدينا.
الخطورة من الدوام في المدارس لا يتحمل متاعبه الأطفال فقط، وإنما يعرض حياة الأجداد وكبار السن أيضا للخطر وممن لديهم أمراض مزمنة، بسبب سهولة التقاط المرض، وهنا مكمن الخطورة الذي يرجح ازدياد أعداد المخالطين والمرضى.
ندرك جيدا أن تعطيل المدارس والتعليم عن بعد، أمر يربك أولياء الأمور، والذي يحتم وجود الأم أو الأب في المنزل لمتابعة الصغار وشؤونهم ودراستهم، ولكن وبأمر الدفاع ينبغي أن يكون هناك ما يضمن حقوق الموظفين، وتحديدا الأمهات اللواتي ليس لديهن خيار سوى المكوث مع الأبناء، لفترة مؤقتة، وهو ما يتطلب مرونة من أصحاب العمل، وعدم استغلال الظرف الصعب!
حماية أبنائنا الطلبة تبقى أولوية، تفوق كل شيء، وبإمكاننا أن نعلمهم عن بعد إلى حين الخلاص من هذه الجائحة.