عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Feb-2019

سوء الظن بالحكومة - احمد ذيبان

الراي - أعترف بأنني أسأت الظن بالحكومة، فيما يتعلق بخدمة «واتساب» للتواصل الاجتماعي التي يملكها موقع فيسبوك، حيث فوجئ مستخدمو هذا التطبيق، بتحديد سقف عدد مشاركات الرسائل والدردشات بخمسة فقط، في كل كبسة بدل عشرين مشاركة كما كان في السابق، ومن يريد المزيد عليه أن يكرر عملية اختيار الارقام، التي يرغب التواصل معها وهكذا.. وهي عملية مملة ومتعبة للنشطاء.. ! وخطر ببالي على الفور بأن أجهزة الحكومة المعنية، ربما اخترقت التطبيق و"قرصنته» باتجاه التقليل من ممارسة الضغوط عليها، وانتقاد سياساتها بعد أن أصبح «واتساب »، وسيلة أساسية في تواصل الأردنيين مع بعضهم،وتبادل الرسائل والأخبار والمواد الاعلامية والتعليقات الساخرة والفيديويهات وبسرعة لافتة، وكذلك التهاني والدعوات و"جمعة مباركة»..الخ ! وتحول هذا التطبيق الى جزء أساسي في حياة النسبة الكبيرة من الأردنيين !

وذهبت بي الشكوك الى «نظرية المؤامرة»، وربطت هذه الفرضية بمشروع قانون الجرائم الالكترونية الجديد،الذي تسعى الحكومة لتمريره، وهو مشروع قوبل بمعارضة شعبية واسعة، وخاصة من قبل نقابة الصحفيين والنقابات الأخرى ومنظمات المجتمع المدني، ومختلف الشرائح الاجتماعية والنخب الثقافية والاعلامية، نظرا لما يتضمنه مشروع القانون من عقوبات مغلظة، بهدف الحد من سقف حرية التعبير التي وفرتها وسائل التواصل الاجتماعي لعامة الناس، حيث أصبحت سياسات الحكومة وقراراتها تحت المجهر، وخاضعة لسلطة الرأي العام.
وأحدث مثال على ذلك التعيينات الأخيرة لأشقاء"أربع نواب» في مواقع قيادية،التي أثارت ضجة واسعة وقوبلت بإدانة شديدة وأحرجت الحكومة، باعتبارها تصب في نهج الواسطة والمحسوبية والفساد الاداري، بعيدا عن «الشفافية» التي يتحدث عنها المسؤولون في تصريحاتهم !
وكان أحد ارتدادات ما اعتبر «صفقة التعيينات»، انتقالها الى مجلس النواب وتوتر الأجواء تحت القبة، ونشوب مشاجرة حامية الوطيس على الهواء مباشرة ! وإطلاق عديد النواب تصريحات يتبرأون فيها من هذه «السقطة »، ويؤكدون فيها أنهم لم يستخدموا مواقعهم كنواب، للحصول على خدمات ومكاسب من الحكومة !
وشكل تفاعل الرأي العام مع هذه القضية عامل ضغط على الحكومة، وأظن أنه لولا الخدمة التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي، لتم تمرير التعيينات بسهولة، ولو ذكرت قصة التعيينات بشكل فردي،على لسان ناشط سياسي أو خلال جلسة محدودة ، لتم تصنيفها في إطار الشائعات واغتيال الشخصية ! وتم توظيفها في حملات التعبئة، لتمرير مشروع قانون الجرائم الالكترونية، وربما تمت ملاحقته الشخص المعني قضائيا !
ومن قبيل «الشفافية» والالتزام بالبحث عن الحقيقة، تواصلت مع ثلاثة أصدقاء يعملون خارج البلاد،أحدهم في دولة الأمارات، والثاني في تركيا، والثالث في الأوروغواي بأميركا الجنوبية، وسألتهم: هل تحديد الحد الأعلى لعدد رسائل المشاركة – الدردشة،عبر» الواتساب » حدث في البلاد التي يعيشون فيها، فأكدوا لي ذلك، وتمنى صديقي في الأوروغواي أن يتم انتاج تطبيق عربي مشابه لـ"واتساب»، فقلت له العرب مشغولون بصراعاتهم وخلافاتهم وحروبهم ومناكفاتهم البينية !
لكن من المهم التذكير بأن سوء الظن بالحكومة أصبح حالة عامة، بسبب انهيار الثقة بالسياسات والقرارات العامة، ليس في عهد الحكومة الحالية فقط، بل تشمل الحكومات السابقة أيضا، المسؤولة عن تراكم الأزمات وصولا الى الحالة الراهنة، ومن المؤكد أن قضية التعيينات الأخيرة، ستعمق فجوة الثقة بين الحكومة والرأي العام !
وأحدث نموذج على فقدان الثقة، قرارات التعيين الأخيرة التي تخالف المعايير التي تتحدث عنها الحكومة،عن الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص ومكافحة الواسطة والفساد، وفي هذا الصدد أذكر أن أحد المشمولين في هذه التعيينات، الذي أحيل على التقاعد من موقع قيادي،وتم تعيينه في نفس الوقت بموقع آخر «أكثر دسامة»، كان يتحدث كثيراً عبر وسائل الاعلام،وهو في موقعه السابق عن الشفافية والنزاهة والتزام معايير دقيقة في تعيينات الجهاز الحكومي، لكنه نسي كل ذلك في لحظة تعيينه في موقعه الجديد !