يديعوت آحرونوت
كانت هذه مظاهرة الاحتجاج الاكبر منذ كورونا: ميدان رابين كان مليئا أول من أمس حتى الهوامش، وقليلا بعد الهوامش. المتظاهرون، يكاد يكونون بلا استثناء وضعوا الكمامات. التباعد الاجتماعي، كما تتطلب تعليمات وزارة الصحة، لم يكن، ولكن لم يكن ايضا حشرا. وبالاساس كانت الصافرات البلاستيكية التي ضجت بالآذان في مونديال جنوب افريقيا في 2010، وهي تحتفل منذئذ.
كل طيف الاحتجاج كان هناك، من اصحاب المصالح التجارية التي انهارت، عبر العاطلين عن العمل من صناعة الترفيه، الموسيقيين، رجال السياحة وحتى قدامى ميدان غورن ومظاهرات بلفور وخائبي أمل اليسار وشبيبة الجبهة الديمقراطية. هذا ما يمكن لتل أبيب ان تعرضه: بلدات المحيط لم تكن هناك، الاصوليون لم يكونوا، العرب لم يكونوا هناك.
“هذه ليست مظاهرة سياسية”، عاد وأعلن المنظمون، وكأن المظاهرة ضد الحكومة، في كل مكان في العالم يمكنها أن تكون مظاهرة غير سياسية.
في اثناء موجة الاحتجاج في 2011 كان نتنياهو مقتنعا بأن نزلاء الخيام في جادة روتشيلد بعيدين عن ان يكونوا شبانا أبرياء ملوا غلاء المعيشة. كلها مؤامرة، هكذا اعتقد. حزب العمل بعث بهم كي يصفيه. العمل تقليص منذئذ الى مكانة متسول يلتقط الفتات من تحت طاولة حكومته. وحتى الاشتباه به لا يمكن. وبشكل لا مفر منه، الاشتباه سيقع على الصندوق الجديد لاسرائيل، او على جورج سوروس، او على اثرياء غير معروفين قلوبهم في اليسار. نتنياهو ومحيطه لا يؤمنون بالمظاهرة الاصيلة الا عندما تأتي من معسكرهم.
لست واثقا من أن مظاهرة أول من أمس ينبغي أن تقلقهم. فالمتظاهرون الذين حملوا يافطات مثل “حرب – ضخوا المال”، “التنفس او الحرب”، سيكفون عن القتال عندما يضخ المال.
وهو سيضخ. احتجاج جوهره المال يمكن تهدئته بالمال. والحكومات في كل العالم تضخ الآن المليارات للاتحادات، للمصالح التجارية، لجيوب المواطنين. هذا قرار سهل نسبيا، شعبوي جدا، وفي اثناء الازمة يكون قرارا صحيحا. اصعب من ذلك ادارة الاوبئة، الانتصار في الحروب، تثبيت الامن، السلام، التشغيل الكامل، الاستقامة العامة، المساواة الاقتصادية، الحوار الديمقراطي. كل هذه المواضيع تغيظ المتظاهرين الآخرين الذين جاؤوا الى الميدان، ولكن نتنياهو لا يحصيهم. هم العدو.
هل كان غضب في الميدان؟ اعتقد أن نعم: غضب مكبوت، يتفجر في عنوان على يافطة، في كمامة سوداء كتب عليها “أيها المنقطعون مللناكم”، في مجرد القرار للوقوف في الميدان، رغم التحذيرات من تجمهرات نهايتها العدوى. تذكرت اغنية شلومو آرتسي “القمر”: “كان عهدا كهذا جاءت فيه السعادة بغضب”. كان عهدا كهذا جاء فيه الفقر بغضب. “لم يتبق لنا غير أن نعانق الأسى”، غنى آرتسي لاحقا. الكثير من الاسى يرافق الغضب الحالي. من هذا الغضب لا تقوم الثورات.