عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Apr-2021

لماذا نستعجل؟ وماذا بعد المؤامرة؟*مكرم أحمد الطراونة

 الغد

ليست سمة أردنية خالصة، وإنما هي غريزة إنسانية عابرة للثقافات والأعراق، فقد خلق الإنسان عجولا، فهو مجبول على هذه الصفة التي قوامها الفضول والبحث عن التفاصيل، وعدوها الرئيسي الانتظار والتأني.
من حق الناس اليوم أن تقف على التفاصيل الكاملة بشأن المؤامرة التي كشف عن لثامها يوم السبت الماضي، والتي ما تزال بحاجة لتوضيحات عديدة. لا بد للدولة أن تسارع بالكشف عنها قدر الإمكان لوضع حد للإشاعات التي تدور على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تستقطب عديدين للبحث عن أي معلومة وتناقلها، بعد أن أطفأت الدولة، بقصد أو غير قصد، منارة الإعلام الذي غاب قسرا عن القضية.
لكن مقابل هذا الحق، وجب على المواطنين التأني وعدم الاندفاع باتجاه المعرفة السريعة على حساب الحقيقة، فالوضع لا يحتمل أي اجتهادات، فمثل هذه الملفات يتقدم فيها العقل على العاطفة، والعقل يقول إنه لا يمكن إطلاق الأحكام المسبقة قبل انتهاء التحقيق، ومعرفة جميع الحيثيات.
مع تحليل ما يجري منذ الأسبوع الماضي، فإن الدولة فشلت بما لا يدع مجالا للشك في أن يكون خطابها الإعلامي الداخلي والخارجي حاضرا في الملف، ما دفع الناس إلى الاستماع لنوافذ إعلامية خارجية مختلفة التوجهات، وهذا ساهم في إرباك المشهد لأيام متواصلة، ودفع الناس أيضا لطرح المزيد من التساؤلات التي بقيت بلا إجابة، لتتسع دائرة التحليلات والتفسيرات التي أضعفت الموقف الرسمي.
“لا أعلم”، هي الجملة الأسوأ التي قد يبوح بها أي صحفي، وهي ذات الجملة التي لا يتمنى أي إعلامي أن تكون في قاموس عمله، كون مهمته الأساسية توفير المعلومة للرأي العام، وتحليلها وتفسيرها، لتكون ذات قيمة مضافة. لكن اليوم لا يجزم أي صحفي أنه يعلم ما يدور في فلك قضية المؤامرة، خصوصا أنها تخضع لحظر نشر، ولتحقيق قضائي. وعندما يجهل الصحفي ما يدور حوله، تغيب الحقيقة عن المواطن.
التعاطي بهذا الشكل مع مسألة بهذه الحساسية لا يمكن قبوله، ولا يعقل تجنب الإشارة إليه. الحكومة رغم نجاحها في توفير إجابات أولوية في ثاني أيام كشف المؤامرة، إلا أنها غابت حتى اليوم، وتركت الساحة خالية لوجهات النظر الأخرى.
في المقابل فإن أبرز ما حققته الدولة في هذا الشأن هو التأكيد على سيادة القانون، وتطبيقه على أي شخص مهما علا شأنه، وهو مطلب شعبي منذ سنوات. لكن يبقى السؤال الأهم، ماذا عن مستقبل الأردن؟
محطات عديدة مرت بها المملكة التي تحتفل اليوم بدخولها المئوية الثانية، وتحديات قاسية مرت عاشتها. صحيح أنها تجاوزتها بصعوبة، لكنها باتت اليوم خلفنا. والمؤامرة قيد التحقيق، هي جزء من التحديات التي نتحدث عنها، والتي لا بد وأن تنتهي بمحاسبة القائمين عليها، وكشف ارتباطاتهم الداخلية والخارجية. هذا من شأنه أن يقنع الناس فقط.
التضامن العالمي مع الأردن في هذا الملف يشكل نقطة قوة، ورسالة إلى أصحاب الأجندات الداخلية والخارجية بأهمية المملكة على المستويين؛ الإقليمي والدولي، إلا أن ذلك لا يكفي، إذ يتوجب على الدولة إعادة النظر في جميع أشكال الإدارة السياسية والاقتصادية، وعلاقتها مع أبناء شعبها.
الإسراع في التغيير في غاية الأهمية، فلا بد من نهج جديد، أساسه الناس، واحتياجاتهم، وأعمدته إصلاح يلبي الطموح، ويدفع العجلة إلى الأمام. الحاجة ملحة إلى من يحلل ما يجري، ويقدم وصفة عقلانية لصورة الأردن الذي نريد في المستقبل. فلننهِ الملف سريعا، حتى نتفرغ لما بعده.