عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Nov-2019

موقف حماس سيملي حجم التصعيد - بقلم: عاموس هرئيل

 

هآرتس
 
بهاء أبو العطا، القائد الكبير في الجهاد الاسلامي الذي صفي فجر أول من أمس في عملية اسرائيلية في القطاع، عرف أنه يعيش في وقت مستقطع منذ بضعة اشهر ظهر اسمه علنا في الاعلام الاسرائيلي كمن أشير اليه من قبل اجهزة الامن كمسؤول رئيسي عن اطلاق الصواريخ من القطاع. هذه المرة عندما كانت الحماية الشخصية حوله تشمل فقط زوجته وبدون حزام دفاعي آخر من المواطنين، تم اطلاق صواريخ سلاح الجو لتصفيته. تقريبا في نفس الوقت تم الابلاغ عن محاولة اغتيال منسوبة لاسرائيل في دمشق. ايضا هناك اطلقت صواريخ على شخصية كبيرة من نفس المنظمة. في هذه الحالة تم الابلاغ عن قتل إبن ذاك الناشط. حسب معرفتنا، يبدو أن الشخص نفسه، اكرم العجوري، من قادة الذراع العسكرية للجهاد الاسلامي، نجا.
هاتان العمليتان اشعلتا جولة لكمات مع الجهاد في القطاع، الذي حتى مساء أول من أمس اطلق 200 صاروخ تقريبا على الجنوب والمركز، من غلاف غزة وحتى غوش دان، بدون اصابات. في المدى الابعد قليلا، فان سير الامور – تصعيد محدود لبضعة ايام أو مواجهة واسعة – مرتبط بمتغيرين اساسيين هما موقف حماس وعدد المصابين في الجانب الاسرائيلي.
أبو العطا كان قائد اللواء الشمالي في الذراع العسكري للجهاد في القطاع. بعد الاغتيال قالوا في اسرائيل بأنه كان مؤخرا هو القائد الفعلي للذراع العسكري. ومهما كان الامر، هو يوصف في جهاز الامن كشخص مشاكس بصورة منهجية، ويعمل بشكل مستقل ولا يخضع لتوجيهات من أحد. لقد نسبت اليه المشاركة في اطلاق واسع للصواريخ في جولة التصعيد الاخيرة في شهر أيار ( مايو)وفي عمليات قصف محدودة اخرى، منها في نهاية شهر آب (أغسطس (بعد هجوم اسرائيلي في سورية)؛ وفي شهر ايلول (سبتمبر) عشية الانتخابات الاخيرة (حادثة الغت لقاء لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في اشدود)؛ وقبل عشرة ايام، مسؤوليته عن اطلاق 11 صاروخا على سديروت.
في شهر ايلول (سبتمبر) ، كما نشرت “هآرتس”، ضغط نتنياهو في رؤساء اجهزة الامن للمصادقة على عملية تصفية واسعة ضد قادة الجهاد في القطاع، وأبو العطا كان ابرزهم. ولكن في قيادة الجيش تحفظوا من ذلك بذريعة التوقيت وخشية من المس بالمواطنين. في نهاية المطاف، كان مطلوبا تدخل المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، الذي طلب من نتنياهو عقد الكابنت للنقاش، بذريعة أن العملية يمكن أن تؤدي الى حرب قبل اسبوع على موعد الانتخابات. العملية الغيت، لكن قائد اللواء الغزي بقي على الهدف. التصفية صودق عليها نهائيا في جلسة من جلسات الكابنت بعد اطلاق النار على سديروت في بداية الشهر الحالي. هذه المرة الجيش تماشى مع نتنياهو، وحسب رواية الجيش فانه ضغط نحو القيام بالعملية.
منذ ذلك الحين انتظروا الفرصة، التي جاءت أخيرا فجر أول من أمس. بدرجة ما هذه الامور تذكر بتصفية رئيس اركان حماس، احمد الجعبري، في مثل هذا الاسبوع قبل سبع سنوات، وهي العملية التي كانت بداية عملية “عمود السحاب”. ايضا في حينه بذلت جهود لتضليل وتنويم الجانب الفلسطيني رغم أن قرار الاغتيال كرد على تصعيد حماس، كان قد اتخذ قبل ذلك.
ما سيأتي لاحقا، كما قلنا، مرتبط بدرجة كبيرة بسلوك حماس. من الاسهل كما يبدو على قيادة المنظمة في القطاع العيش بدون قائد اللواء من الجهاد، الذي شوش على جهود حماس لتمديد التهدئة والحصول على تسهيلات من اسرائيل بوساطة مصر وقطر. في المقابل، حماس تصغي لما يدور في اوساط الجمهور الغزي ولا يمكنها السماح لنفسها بالظهور كمتعاونة مع اسرائيل. في اعلانات حماس أول من أمس تم التأكيد على حق الجهاد في الانتقام بدون الالتزام بأن تشارك هي نفسها في اطلاق النار. يبدو أن رئيس حماس في القطاع، يحيى السنوار، يريد أن يبقي لنفسه مساحة من المناورة طبقا للتطورات وعدد المصابين. كلما زاد عدد مصابي الجهاد، اعضاء الخلايا التي تزود الصواريخ لمن يقومون بالاطلاق، بسبب هجمات سلاح الجو، هكذا يزداد خطر القيام برشقات اكثر شدة التي يمكن أن تؤدي الى تصعيد واسع.
بداية الشهر الماضي عرض الجهاد الاسلامي بصورة استعراضية صواريخ في مسيرة اجراها في القطاع. وحسب اقواله هي قادرة على الابتعاد حتى ابعد من شمال تل ابيب. المنظمة لديها آلاف الصواريخ معظمها للمدى القصير، لكنه يستطيع، كما اثبت أول من أمس، اطلاق الصواريخ حتى على غوش دان، وكما يبدو على منطقة أبعد، حتى الخضيرة.
سؤال آخر مهم يتعلق بالعلاقة بين هذه الخطوات وايران، التي في الفترة الاخيرة يتصاعد التوتر العسكري بينها وبين اسرائيل في الجبهة الشمالية. في الجيش الاسرائيلي قالوا مؤخرا بأن أبو العطا يعمل بشكل مستقل دون الحصول على توجيهات من ايران. هذا رغم أن اتهام الايرانيين بكل تطور سلبي في المنطقة هو جزء اساسي من صفحة الرسائل المعهودة لوسائل الاعلام الاسرائيلية.
حتى هذه الاثناء، المحاولة (المنسوبة لاسرائيل) للمس بشكل مواز بالقيادي من الجهاد الاسلامي في دمشق، يمكنها أن تشير الى علاقة اكثر عمقا للقيادة الايرانية من خارج المناطق. العجوري، هدف التصفية في دمشق، هو مقاوم مخضرم كان يعمل كمستشار للنشطاء الشباب في القطاع. وسواء القيادة في دمشق أو النشطاء في القطاع هم مرتبطون بايران التي تحول اليهم الوسائل القتالية واموال للرواتب، وعلى الاغلب تحاول املاء سياستها عليهم.
بموته أوصى بالوحدة
في الخلفية لا يمكن تجاهل السياقات السياسية للتطورات العسكرية. ضرر أبو العطا كان معروفا ومعترف به. الجيش الاسرائيلي قال إنه كان ينوي الخرج الى حيز التنفيذ عمليات اطلاق صواريخ وقنص في غلاف غزة في الايام القريبة القادمة. ومع ذلك، التصعيد يمكنه أن يدفع قدما بالاتصالات السياسية. وبالنسبة لنتنياهو هذا ادعاء ممتاز لجر حزب ازرق ابيض الى حكومة وحدة. وكل من يعرف بني غانتس منذ سنوات خدمته الطويلة في الجيش يمكنه أن يشخص بدون صعوبة من لغة جسده (وأن يقرأ بين سطور تصريحاته) رغبته العميقة في أن يتقاسم المسؤولية في القيادة.
كبار “القيادة” الآخرين في ازرق ابيض يفكرون بطريقة اخرى. ولكن عندما يقتحم نشطاء اليمين بعملية محسوبة لقاءات علنية لرؤساء الحزب ويتهمونهم بأنهم يساريون يحبون العرب، فانهم في ازرق ابيض يتصببون عرقا. وعندما تنطلق الصواريخ يقل كما يبدو ايضا احتمال بلورة دعم خارجي للقائمة المشتركة لحكومة اقلية برئاسة غانتس.
نتنياهو عقد أمس مؤتمر صحفي فسر فيه اعتباراته حول المصادقة على الهجوم، دون التطرق مباشرة للظروف السياسية. وقد رافقه رئيس الاركان افيف كوخافي ورئيس الشباك نداف ارغمان. مكان وزير الدفاع الجديد، نفتالي بينيت، كان شاغرا في هذا الحدث كما يبدو.
لقد مرت اقل من ساعة ومكتب وزير الدفاع اصدر بيانا عن تسلل الوزير الجديد لمنصبه، وفي اعقابه ايضا صورة فيها يظهر نتنياهو وبينيت، الخصمين القديمين، في مشاورات امنية مشتركة مع رئيس الاركان. بينيت تشرف بالاعلان عن حالة الطوارئ في الجبهة الداخلية حتى مسافة 80 كم من القطاع. هذه كانت طبعة محسوبة للخطوة المتسرعة الى حد صباح أمس، التي فيها عطلت قيادة الجبهة الداخلية منطقة دان وأوقفت التعليم وأعفت بشكل نهائي عمالا غير ضروريين من الذهاب الى اماكن العمل.
تجنيد محدود
بعد عملية الاغتيال في قطاع غزة بثت اسرائيل الرسائل التالية: هذه عملية جراحية محددة. لقد بذلنا جهود كبيرة لتقليص المس بالمدنيين. المواجهة هي مع الجهاد الاسلامي فقط في هذه الاثناء ولا توجد لنا نية لتجديد سياسة التصفيات. الخط الموحد بين التصريحات يقول إن اسرائيل ستعيش في سلام مع بضعة ايام من التصعيد المحسوب، وعندها ستسمح للطرف الآخر بالانسحاب والعودة الى وقف اطلاق النار الذي ساد في السنة والنصف الاخيرة.
خلافا لسياستها في السنوات الاخيرة، ركزت اسرائيل الهجمات على اهداف للجهاد وليس على اهداف لحماس. لقد ظهر بوضوح أنه قد تم بذل جهد لابقاء حماس خارج اللعبة. ووفقا لذلك تجنيد الاحتياط كان محدود جدا: بضع مئات من اوامر التجنيد تم اصدارها لجهاز الدفاع الجوي وقيادة الجبهة الداخلية ووحدات الاستخبارات. اسرائيل لا ترسل اشارات بشأن تحضير حثيث لعملية برية. في هذه الاثناء تنتظر وساطة مصر على أمل أن تنجح في هذه المرة ايضا في تهدئة النفوس رغم التصفية الاستثنائية.
ولكن الدمج بين العملية في غزة والعملية المنسوبة لاسرائيل في دمشق، حتى في منطقة السفارات التي تعتبر محصنة تقريبا، يمكن أن يتبين بأنه جسر واحد بعيد جدا. النتيجة السياسية للاحداث يمكنها أن تخدم نتنياهو وربما أن تكون مريحة ايضا لغانتس. ولكن التداعيات العسكرية ما زالت لم تتضح بصورة كاملة، وسيطرة اسرائيل على التطورات بعيدة عن أن تكون مطلقة. وكما قلنا، هي مرتبطة كالعادة بصاروخ واحد: حادثة يكون فيها الكثير من المصابين يمكنها أن تقود المستوى السياسي لتغيير الاتجاه وتوسيع الهجمات على القطاع.