صراع الرؤى: بين "الترانسفير" و"حل الدولتين"*أ.د عبد الله إبراهيم زيد الكيلاني
الراي
تتأرجح الأزمة الفلسطينية-الإسرائيلية بين رؤيتين متناقضتين للمستقبل، تحمل كل منهما تصورًا مختلفًا تمامًا للحل. الأولى، فكرة "الترانسفير" الممنهج، التي تتبناها بعض الأوساط اليمينية المتطرفة في إسرائيل، والثانية، حل الدولتين، المدعوم من المجتمع الدولي كسبيل وحيد لتحقيق سلام دائم. وفي هذا الصراع، تبرز تحديات كبيرة أمام أي محاولة لتحقيق السلام.
مخاطر "الترانسفير" الممنهج وواقع "حل الدولتين"
إن فكرة "الترانسفير" ليست مجرد مقترح سياسي، بل هي كارثة إنسانية وسياسية محتملة. فبدلاً من السعي للتعايش، تدعو هذه الفكرة إلى ترحيل السكان الفلسطينيين من أراضيهم. إن تنفيذ مثل هذا المخطط سيشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان، وسيؤدي إلى موجة عنف وصراعات لا يمكن التنبؤ بحدودها.
ولكن، في مقابل هذه الرؤية المتطرفة، يواجه حل الدولتين صعوبات كبيرة في تحقيقه على أرض الواقع. فبالرغم من الدعم الدولي الواسع له، فإن القوى السياسية داخل إسرائيل، وتحديداً اليمين المتطرف، أصبحت تهيمن على المشهد السياسي بشكل يجعل من الصعب تبني هذا الحل.
* هيمنة اليمين: يزداد نفوذ الأحزاب اليمينية والمتطرفة التي ترفض بشكل قاطع حل الدولتين، وتدعو إلى فرض سيطرة إسرائيلية كاملة على الأراضي الفلسطينية.
* تراجع اليسار: في المقابل، تراجعت شعبية الأحزاب اليسارية التي كانت في الماضي تدعم حل الدولتين.
* الخلافات الداخلية: حتى داخل الأحزاب التي تدعم الحل، هناك خلافات عميقة حول قضايا أساسية مثل وضع القدس والمستوطنات، مما يضعف من موقفها الموحد ويجعلها غير قادرة على تقديم بديل سياسي قوي.
المستقبل الآمن: هل هو بالتعايش أم بالصراع؟
إن حل الدولتين يمثل رؤية للمستقبل تعتمد على القانون الدولي والعدالة وحقوق الإنسان، في حين أن "الترانسفير" هو فكرة تعود إلى عهود مظلمة من التاريخ، وتعتمد على القوة والعنف. ومع ذلك، فإن تحقيق حل الدولتين يتطلب وجود قيادة سياسية قادرة على تجاوز الخلافات الداخلية، وقبول حلول وسط، وتوحيد القوى من أجل تحقيق سلام دائم.
إن الظالم لا يتنازل عن الحقوق بدافع من صحوة الضمير أو عدالة قضية المظلوم، خاصة عندما يستخدم تبريرات دينية لظلمه. بل يتحقق ذلك فقط عندما يصبح الاحتلال مكلفًا للغاية، كما حدث عندما فُرضت عقوبات اقتصادية على نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا. وحتى يأتي ذلك اليوم، يجب تعزيز إيمان صاحب الحق بحقه، وتمكين الفلسطيني داخل أرضه من حق البقاء، ودعم دولي وعربي وإسلامي لحماية حقوقه على أرضه.
إن المستقبل الآمن والمستقر للمنطقة يعتمد على اختيارنا للرؤية التي نريد أن نعيش بها: هل هو التعايش أم الصراع؟