عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    24-Jan-2019

نتنیاهو والدولة - شلیف حیمي
ھآرتس
 
الغد- في منتصف الثمانینیات وفي نھایة الحرب الباردة، المغني ستینغ نشر اغنیة ”روس“ التي كانت
في أحد البوماتھ المعروفة. ھذه الاغنیة انتقدت الولایات المتحدة والاتحاد السوفییتي على العداء المتبادل بینھما. لكن یتم تذكرھا بالاساس بسبب السطر الھجومي الذي جاء فیھ ”آمل أن الروس أیضا یحبون أولادھم“. اذا كان الروس یحبون اولادھم فربما سیتم منع حرب نوویة.
المقارنة مع بنیامین نتنیاھو محددة بالسطر الھجومي المذكور: اذا كان نتنیاھو یحب إسرائیل
ویھتم بمستقبل اولادھا اكثر من مستقبلھ، لكان أعلن الآن بأنھ قرر عدم التنافس في ھذه المرة على رئاسة الحكومة. لیس كدلیل على الضعف، ولیس كخطوة استسلام لمؤامرة الیسار التي یحذر منھا، وربما یؤمن بوجودھا أیضا، بل كمحب حقیقي ووطني نموذجي، وضع مصالح دولتھ فوق مصالحھ.
من یحب دولتھ لا یفرض علیھا انتخابات ھزلیة، في مركزھا قضایاه الجنائیة. ولا یرسل مبعوثیھ من اجل اطلاق الشتائم لمؤسساتھا. ولا یفرض على مؤیدیھ انقاذه من أنیاب القانون. ولا یجر الجمھور الإسرائیلي للقیام بالحسم بین سلطة القانون وعبادة الشخصیة، بین الدیمقراطیة وفساد الحكومة المستشري. المحب الحقیقي كان سیطأطئ رأسھ ویوافق على الحكم ویكرس نفسھ لإثبات براءتھ ویعفي الدولة من عقابھ، على الاقل حتى مرور العاصفة.
یبدو أن نتنیاھو یحب دولتھ ومناظرھا، لغتھا، حتى لو كان ذلك بدرجة ثانیة، وثلث سكانھا بدرجة أولى اذا خصمنا الفلسطینیین والعرب والیساریین والمراسلین والمدعین العامین وكل من یرفض تأدیة التحیة لفخامتھ. نتنیاھو بالتأكید یؤمن بأنھ یحب حتى دولة إسرائیل، لكن ھذا نظریا فقط. ولایتھ الاخیرة والمسمومة أظھرت كراھیتھ الاساسیة لجذور الدولة ونظام حكمھا، رغم أنھا ھي التي اوصلتھ إلى ما وصل الیھ.
اذا ما ھي أسس الدیمقراطیة الإسرائیلیة، تعبیراتھا الواضحة على استقلالیة إسرائیل وممثلوھا الموالون للدولة الرسمیة، التي دافید بن غوریون صمم على غرسھا فیھا. الرئیس الذي یمقتھ
نتنیاھو، المحكمة العلیا التي یشل نتنیاھو عملھا، ورئیس الاركان الذي تخلى عن نتنیاھو لصالح
الیئور ازاریا، الثقافة الإسرائیلیة التي تخلى عنھا ووضعھا في أیدي میري ریغیف، حریة التعبیر التي یعمل على تقلیصھا، التعایش الذي سحقھ من خلال قانون القومیة، التعلیم العالي الذي اصبح طابوار خامسا، الاعلام الحر الذي تحول إلى عدو الشعب، وفوق كل ذلك، سلطة القانون التي ھي اساس وجود الجمھوریة الإسرائیلیة الجدیدة التي قام نتنیاھو بتفكیكھا من اجل التخلص من عقوبتھ.
رئیس حكومة یقول إن الشرطة والنیابة العامة والمستشار القانوني للحكومة یقومون بحیاكة قضیة لھ، ویخترعون الأدلة ویدیرون ضده مطاردة ساحرات، یضعضع ثقة الجمھور بجھاز تطبیق القانون، ویخرب امكانیة العیش معا. رئیس حكومة مستعد لتلویث العملیة الدیمقراطیة بشؤونھ الشخصیة والجنائیة، ویدفع جمھوره لحل نیر الملكیة، یضر أسس النظام ویخرق قسم ”الدفاع عن دولة إسرائیل ودستوریھا“.
رئیس حكومة یتصرف بھذا الشكل تجاوز منذ زمن مرحلة ”الدولة ھي أنا“. الخیار الشدید المتوحش والمجزأ الذي یطرحھ على الناخب الآن ھو ”إما الدولة وإما أنا“. افتراض البراءة الجنائیة لنتنیاھو موجود، لكن في سابقة تقررت في محكمة سلیمان، فإن ادانتھ موجودة بالفعل:
الأم التي تنازلت عن امومتھا من اجل أن یعیش طفلھا، اظھرت أنھا تحبھ. والأم التي كانت مستعدة لقطعھ إلى قسمین فقط من اجل أن تبقى صفة الامومة لھا، كشفت أن حبھا ھو فقط لنفسھا.