عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2020

الحبُّ طريقٌ للسعادة - د.حسان ابوعرقوب

 

الدستور- يُصوّرُ فريق من الكتّاب والمؤلفين الحبّ على أنه مآسي ومعاناة نهايتها حزينة غالبا، وأنّ أهلَ الحبّ لا بدّ أن يكتووا بناره، ويذوقوا لهيبه؛ لتظلّ دموعُهم هاطلة دون توقّف كالليلة الماطر في الشتاء، ومن ثَمَّ يدخلون في حالة من الكآبة لا يخرجون منها إلا بالموت أو اللقاء، هذه الخلاصة نجدها في الأدب الغربي والعربي على حدٍّ سواء، حتى صارت قصص الحبّ مكرورة ومحفوظة عند أغلب الناس، لأنها تسير على نفس النسق والطريق.
لكن الشيء الأهمّ في الحبّ، والذي يغيب عن أذهان الناس، أن الحبَّ سعادةٌ للمُحِبّ والمَحبوب؛لأنه يحرّك في الإنسان أهمّ خاصية شعورية فيه، وهي مشاعر الحبّ التي تغذي الإنسان بالطاقة الإيجابية، وتسبب له الفرح والسرور، وتدخله في حالة من السعادة كلّما ذكر أو التقى بمحبوبه، هذه السعادة التي لا تُباع ولا تُشرى، ولكنها تنبع من قلب الإنسان ومشاعره، فهي منه وله وإليه.
عندما يلتقي الوالد بأولاده، والزوج بزوجته، والصديق بصديقه، كم هو مقدار السعادة التي يشعر بها كل واحد منهم، إنها سعادة لا توصف، تولّد الراحة والطمأنينة، والسرور، حتى إنّ أحدهم لا يحبّ مفارقة محبوبه، ويودُّ لو أن الوقت يتوقف عند لقائهما، حتى يطول اللقاء ولا ينتهي، ويظلّ ليلُ العاشقين طويلا.
لا تقتصر سعادة الحبّ على البشر وحدهم، بل لها أثر على الحيوانات والنباتات، فمن يمارس الزراعة ويعتني بالنبات تنشأ رابطة حبٍّ بينه وبين شجره وزرعه، حتى إنه يعامل هذه النباتات والأشجار كأولاده الصغار، وربما عاملها كأصدقائه الكبار، وصار يفضفض لها، ويتبادل معها أطراف الحديث. وكذلك الحيوانات يتعامل معها بعض محبّيها كصديقة أو جزء من عائلته، يحضنها ويقبّلها، ويضمّها ويشمّها. حتى تجد هذه النباتات أو الحيوانات تبادل الحبَّ بالحبِّ فيصيبها الحزن على فراق محبيها، وربما ماتت من شدّة القهر والكمد.
وهكذا نستطيع أن نفهم سرّ السعادة عند المؤمن حال صلاته ودعائه وعبادته؛ فهو يلتقي بمحبوبه، ولا أجمل ولا أغلى ولا أعلى من لقاء الله تعالى، فهو راحة للقلوب والنفوس، وطمأنينة بلا حدود، وسعادة ما بعدها سعادة، فإذا كان لقاء البشر والمخلوقات يسبب السعادة، فما بالنا بلقاء الخالق الرازق؟ ما علينا إلا أنْ نستشعر ونستحضر عظمة هذا اللقاء، لنجد أنّ حبّنا لله سيكون طريقا لسعادتنا، ورقيّنا، وراحتنا، ونفهم قول نبيّنا صلى الله عليه وسلم: (يا بلالُ أقم الصلاةَ أرِحنا بها).