عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jan-2019

لماذا يصمت حزب الله أمام تكرار الخروقات الإسرائيلية للبنان؟ - تسفي برئيل

 

«هل الأحداث على الحدود الجنوبية تقض مضجعك؟» سئل وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في مقابلة مع الـ «سي.ان.ان». «ما يقض مضجعي في الليل هو الصمت إزاء الخروقات المتكررة لإسرائيل، ومسها بسيادتنا واستقلالنا»، أجاب باسيل، «لنا سجل مسجل فيه 150 خرقاً إسرائيلياً لقرار 1701 (الذي أدى إلى إنهاء حرب لبنان الثانية). وإذا كانت إسرائيل حقاً تريد استقرار أمنها وهذا من حقها، فإن عليها التوقف عن مهاجمة دول أخرى».
هذا التصريح الاستثنائي لباسيل بأنه يعترف بحق إسرائيل في الدفاع عن أمنها، أثار كما هو متوقع عاصفة كبيرة، سواء على المستوى السياسي أو في شبكات التواصل الاجتماعية التي ذكرت باسيل بدعمه للمقاومة وحزب الله. ولكن وزير الخارجية الذي يترأس «التيار الوطني الحر»، الذي أقامه رئيس لبنان مشيل عون، لم يتراجع عن أقواله. ما يقلقه في هذه الأثناء ليس ردود فعل الجمهور، بل الخطوات الدولية التي تضم عقوبات على إيران، والمؤتمر المناوئ لإيران الذي بادر إليه دونالد ترامب والذي يتوقع أن يعقد في وارسو منتصف شهر شباط. هذا هو القلق الذي يشاركه فيه حزب الله، لأن هذه الخطوات يمكن أن تؤثر على مكانة لبنان، ولا سيما على وضع حزب الله.
منذ الانتخابات في أيار الماضي، لم تنجح الحكومة الانتقالية في لبنان، برئاسة سعد الحريري، في التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة، لذلك لا تستطيع اتخاذ قرارات حيوية في مجال الأمن والاقتصاد. العقبة الأساسية هي مسألة أي تيار يمكنه أن يفرض الفيتو على القرارات، لأنه-حسب الدستور-هناك حاجة إلى أغلبية ثلثي أعضاء الحكومة من أجل اتخاذ قرارات مصيرية. يكفي أن تمتنع كتلة من الكتل، ثلث + 1 من الوزراء، من أجل عدم اتخاذ أي قرار هام. حزب الله الذي امتلك في السابق مع مؤيديه «الثلث المانع» يتوق بالطبع إلى مواصلة تقرير خطوات الحكومة، ولذلك هو يرفض مرشحين لوظائف وزارية ويصمم على إضافة وزير من السنة على حساب نصيب الرئيس أو نصيب رئيس الحكومة، وهذا طلب تم رفضه هذان الشخصان. ولكن في الأسبوع الماضي سمعت أصوات جديدة يبدو أن حزب الله سيتنازل وسيسمح لحركة باسيل «التيار الحر» بامتلاك قوة الفيتو، الأمر الذي يمكنه أن ينهي الأزمة السياسية. حسن نصر الله يعتقد أنه يمكنه التوصل إلى تفاهمات مع باسيل، لا سيما على خلفية نية وزير الخارجية الانحراف عن السياسة المعلنة للحكومة ورئيسها، وأن يقوم بزيارة بشار الأسد.
حزب الله ليس بحاجة إلى تجديد علني وصريح للعلاقة بين لبنان وسوريا من أجل الحصول من خلالها على السلاح أو المساعدة اللوجستية. إسرائيل، وليس قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، هي التي تزعجه من أجل تشغيل خط آمن لنقل الوسائل القتالية. ولكن غياب الحوار السياسي بين سوريا ولبنان يعوق عودة مليون لاجئ سوري من لبنان إلى بلادهم. ويعزز الموقف المناهض لإيران من قبل أعداء حزب الله في الحكومة. حزب الله محصور الآن بين توقه لتعزيز مكانة إيران وسوريا والحاجة إلى امتلاك القوة السياسية التي ستمكنه من إملاء موقف الحكومة. ولكن في ظل غياب الحكومة، ليس لحزب الله أداة ضغط حقيقية. وتصميمه على تشكيل الحكومة يعرضه أيضاً كمن يشوش على لبنان في التغلب على الأزمة الاقتصادية الشديدة التي هو موجود فيها.
تفاصيل نشرت في الأسبوع الماضي في صحيفة «الأخبار» المقربة من حزب الله، عن نقاشات المجلس الأعلى للأمن، الذي يرأسه الرئيس، يمكن أن تدل أيضاً على القيود العسكرية التي تثقل على الحكومة. مثلاً، قائد الجيش العضو في المجلس طلب تعليمات من المستوى السياسي حول كيفية العمل إزاء خروقات إسرائيل، وبالأساس الجدار الذي تقوم ببنائه على طول الحدود. الجواب الذي حصل عليه هو «قم بتعزيز قواتك في المنطقة ونحن سنبحث مسألة الرد». أي، لا تفعل أي شيء. رئيس المخابرات في سلاح الجو، طوني منصور، تساءل عن سبب هذه الضجة: «ما الذي حدث بالفعل؟ كان هناك جدار من الأسلاك الشائكة لم نعترض عليه، والآن إسرائيل تقوم ببناء جدار من الإسمنت. ما الذي تغير؟ من الآن فصاعداً نحن لن نراهم وهم لن يروننا».
منصور الذي يعارض أي رد عسكري أوضح أنه «في كل رد، لن يصمد الجيش أكثر من 24 ساعة». الحريري أجاب بأنه مع الرد. لكن كل رد عسكري يجب أن يحصل على مصادقته ومصادقة الرئيس، أي أنه ليس الجيش، وبالتأكيد ليس حزب الله، هما اللذان يقرران طبيعة الرد، هذا إذا وجد أصلاً رد كهذا. إلى جانب الاعتراف بعدم قدرة الجيش اللبناني على المواجهة مع إسرائيل، من الواضح أن حزب الله أيضاً اضطر إلى ضبط نفسه من أجل ألا يعقد عملية تشكيل الحكومة أكثر، لمنع الضرر الذي يمكن يأن حدث للبنان من جانب إسرائيل، ولا يؤدي إلى تحويل ساحة القتال الإسرائيلية من سوريا إلى لبنان.
من هنا فإن مفهوم المقاومة أيضاً، المبرر للوجود العسكري لحزب الله، خاضع لاعتبارات سياسية، وهذه تلزم حزب الله، إذا كان ينوي مساعدة سوريا وإيران. ولكن هذه الضغوط ليست مثبتة بالإسمنت. هي مرتبطة بنوايا إسرائيل، لا سيما نشاطاتها العسكرية في سوريا ولبنان. حزب الله مستعد لأن يمنح لبنان الحق في النوم بهدوء طالما أن إسرائيل لا تزعجه في نومه.
 
 
هآرتس