عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Feb-2021

قراءة في مضامين الرسالة الملكية*فيصل تايه

 الراي

وجه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الاربعاء الماضي رسالة إلى مدير المخابرات العامة اللواء احمد حسني، أعرب جلالته خلالها عن سابغ تقديره لهذا الجهاز الوطني العتيد، وفق ما حققه من منجزات، وسعياً للاستمرار بالعمل بوتيرة أسرع وخطى ثابتة، وما يستشرفه من توجهات مستقبلية ترقى الى افضل المستويات المهنية والحرص على بلورتها وتفعيلها وفقا لمقتضيات المرحلة، وتجسيداً للإرادة الراسخة في تحسين الاداء والرفع من المعنويات بكل همة ومسؤولية، فجهاز المخابرات العامة تابع وثابر بمصداقية وأمانة على مدار مسيرتة الوطنية الطويلة، وحقق قدراً كبيراً من الإنجاز والعطاء، وفق مرتكزات تستند إلى الرؤى الملكية السامية وتجسيداً لحرص هذا الجهاز على التجديد والتحديث والتطوير المستمر كي يضل عنواناً للمهنية والانضباط والكفاءة والشفافية والنزاهة.
 
إننا ونحن نستحضر بكل فخر واعتزاز، المحطات التي قطعها الجهاز، منذ تأسيسه في فجر الاستقلال، ليكون أول رمز للسيادة الوطنية، ومسنداً للوطن، فجهود هذا الجهاز الوطني جعله يحظى بالفخر والرضى والاعتزاز، لما تجلى به من قيم العطاء والتضحية، التي ميزت أعماله وتداخلاته في كل المجالات والميادين الوطنية والدولية، فكان نموذجاً وطنياً للولاء والعطاء، مع الحرص الأكيد على تحديث بنائه الداخلي، فما عهدناه من هذا الجهاز المبادرة دوماً لإنفاذ التطلعات الملكية، فثقة جلالة الملك والأردنيين بهذه المؤسسة العريقة هي ثقة راسخة حد الحب.
 
إن الرسالة الملكية السامية التي تتزامن اليوم مع ما يعيشه العالم والمجتمع الدولي من تحولات سريعة، أفرزت أشكالاً جديدة من التحديات، التي تقتضي استيعاب الظرفية الدولية والإقليمية الدقيقة الراهنة لهذا الواقع في كل أبعاده، التي تتسم بتعاظم التحديات والأزمات الدخيلة للحدود، التي تتطلب تفعيل مخطط أمني يتوخى تحصين الأمن والاستقرار، بالمواظبة على العمل الدؤوب والانضباط لصون أمن الوطن والمواطنين، والتعامل مع كل المستجدات بكل تبصر وحكمة، وهو ما يفرض علينا أن نواصل العمل بكامل اليقظة في صون وطننا وحماية هويتنا، وتحصين كياننا، مجندين أنفسنا دائما للحفاظ على سيادة وطننا وعلى أمنه ووحدة ترابه.
 
حيث أن قدرات هذا الجهاز الوطني، يجب أن ترتكز أساساً على المعنويات العالية التي تمكن من التأقلم السريع مع المتغيرات الميدانية، فقد سبق وتحمل هذا الجهاز اعباء متعددة ومختلفة أما بسبب غياب المؤسسات المختصة أو عدم قيامها بواجبها بشكل مناسب، أو بسبب سطوة وقسوة التغييرات الخارجية المتمثلة بالحروب وما ينتج عنها من هجرات قسرية وموجات النزوح، والإرهاب والجرائم العابرة للحدود التي تطلبت من الجهاز التدخل والعمل لحماية الأمن الوطني من هذه التحديات، وقد ان الأوان لتحمل مؤسسات الدولة مسؤولياتها، مثل هيئة النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، وبالإضافة إلى ديوان المحاسبة، وهيئة الاستثمار ومؤسسات أخرى أيضاً، حيث عليها القيام بواجباتها ووظائفها في الاقتصاد والرقابة والسياسة حتى يتفرغ الجهاز إلى المهمة الأساسية وهي حماية الأمن الوطني.
 
هذا هو المنهج الملكي الهاشمي الحكيم الذي يتطلع من خلالة جلالة الملك إلى أن تظل (الدائرة) كما كانت دائماً في طليعة الأجهزة الاستخبارية في المنطقة والعالم، من حيث قدرته الأمنية واللوجستية وكفاءة ذلك محلياً وعربياً ودولياً، حيث ومن أجل ذلك حرص جلالة الملك دوماً على ضرورة تجسيد التكوين الاستخباراتي والتعمق في تفاصيله والتدريب المستمر على مجالاته وجعله أرضية صلبة لبناء الكفاءات وتعزيز القدرات، وتأهيل فرسانها وفارساتها ليواكبوا كل المستجدات التي يتطلبها اتساع نطاق المهمات الموكولة إليهم..
 
رسالة جلالة الملك غنية بالعبر والدروس، فهي خريطة طريق ملهمة تتركز عليها طاقة جميع منتسبي المخابرات في مجالات اختصاصها المهمة والحيوية للأمن الوطني والعمل الاستخباري المحترف بمفهومه العصري الشامل، لتظل (الدائرة) عنواناً شامخاً للكفاءة الاستخبارية في مجال مكافحة الإرهاب والتصدي للمخاطر الأمنية، ومنع وتجفيف منابع التطرف كافة..
 
إننا وحين نعيد قراءة الرسالة الملكية السامية بتمعن التي تحمل في مضامينها الكثير من التوجيهات الحكيمة المتعلقة بصلاحيات وأدوار (الدائرة) المتشعبة نجد الرغبة الملكية الجامحة التي تدعو إلى تسريع إعادة الهيكلة بما يتطلبه المشهد من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والاجتماعية والقضائية والاستثمارية والتشريعية والحكومية، تهدف بالمجمل للعمل على تحرير (الدائرة) من العبء الكبير الذي تحملته خلال العقود الماضية.
 
وأخيراً فأن المرحلة التي نمر بها وفق آراء العديد من المحللين تتطلب احتياجات سياسية ظرفية محددة حيث التركيز على العمل المخابراتي الذي عرفناه في مرحلة ما قبل التحول الديمقراطي نهاية الثمانينيات إضافة الى الاحتراف الأمني في ملفات مكافحة الإرهاب، وتبقى الرسالة الملكية السامية مهمّة للغاية في هذا التوقيت بالذات، لأنها تأتي لضرورة العمل الحتمي وفق الرؤى الاستشرافية لجلالة «سيدنا» خاصة بالعمل على ضرورة تحديث القوانين والآنظمة والتشريعات، مع بداية مئوية ثانية تقوم على إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية واسعة.