عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Oct-2024

عام منذ طوفان الأقصى‏

 الغد-مارغريت كيمبرلي‏* - (بلاك أجندا ريبورت) 7/10/2024

‏‏‏ترجمة: علاء الدين أبو زينة
 
‏كشف التحالف المهووس بين الولايات المتحدة وإسرائيل عن زيف خدعة الديمقراطية الغربية ووهم القانون الدولي.‏
 
 
‏‏‏جاءت الهجمات الصاروخية الأخيرة التي شنتها إيران على أهداف عسكرية إسرائيلية نتيجة لعام من الاستفزاز. وانتهت أشهر من ضبط النفس عندما صعَّدت إسرائيل حربها على بقية المنطقة، في لبنان. ‏
‏في عرض أظهرت فيه إسرائيل أن استعدادها لارتكاب أعمال وحشية لا يعرف حدوداً، عمدت إلى تفجير مئات أجهزة الاستدعاء الإلكترونية وأجهزة اللاسلكي المحمولة باليد لقتل وجرح آلاف الأشخاص. وأعقب هذه الفظائع اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، الذي أسفر أيضاً عن مقتل مئات المدنيين.
في حين يتم تصوير القيادة الإيرانية على أنها مجموعة من الإرهابيين المختلين، عملت إسرائيل والولايات المتحدة معاً في تنفيذ حملة تطهير عرقي في غزة قبل تحويل انتباههما إلى لبنان. وكانت إيران هي التي أظهرت ضبط النفس قبل القيام بأي عمل عسكري. وفي نهاية المطاف، تبقى الولايات المتحدة هي المسؤولة عن الخسائر في الأرواح وتدمير جميع قواعد القانون الدولي.‏
‏بدأت عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023. وقابلت قوات الدفاع الإسرائيلية فعل المقاومة، وقتلت في الأثناء المئات من أبناء شعبها في حوادث ما تسمى ‏‏بـ"النيران الصديقة"‏‏ أو حتى ‏"‏توجيه هنيبعل"‏‏، الذي يتطلب قتل الإسرائيليين المعرضين لاحتمال أخذهم أسرى.
لكنّ ما قيل للعالم فقط هو أن المقاومة ضد الصهيونية هي مجموعة من الإرهابيين الذين تصرفوا بدافع كراهية الشعب اليهودي. وتم استخدام القصص المروعة -والتي افتضح زيفها الآن- عن الاغتصاب الجماعي وقتل الأطفال لتوليد الدعم لإسرائيل.‏
‏وكان رد فعل الولايات المتحدة متوقعاً، حتى أن الرئيس جو بايدن سافر إلى إسرائيل شخصياً لتسليم شيكه على بياض لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
‏نكبة ثانية
كان العام الماضي نكبة ثانية؛ كارثة مفزعة للشعب الفلسطيني حيث قتل الجيش الإسرائيلي ما يقدر بنحو ‏‏186.000 ‏‏شخص. وكانت الولايات المتحدة وحلفاؤها ثابتين في دعم جرائم الحرب الإسرائيلية وفي فرض الرقابة على أولئك الذين ينشطون في معارضة هذه الحرب.
‏ومع استمرار المذبحة، أثبتت الهيئات الدولية المكلفة بمنع جرائم الحرب والإبادة الجماعية والمعاقبة عليها أنها مجرد أدوات للولايات المتحدة. ‏و‏كما تبين، تخضع "المحكمة الجنائية الدولية" لسيطرة الولايات المتحدة، وبالتالي ترفض التصرف بموجب تفويضها وإصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين.‏
وبالمثل، أثبتت "محكمة العدل الدولية"، المكلفة بإنفاذ القانون الدولي، أنها عديمة الجدوى هي الأخرى. وكانت جنوب أفريقيا هي التي رفعت الصوت عندما لم تفعل ذلك أي دولة أخرى ذلك، واتهمت إسرائيل بالإبادة الجماعية لدى المحكمة، لكن "محكمة العدل الدولية"، مثلها مثل "المحكمة الجنائية الدولية"، لا تتفوق سوى في التأخير والتلكؤ عندما يجب أن تتصرف كما يتطلب ميثاقها وتدعم مبادئ القانون الدولي.
‏وعلى الرغم من أن الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم سجلوا غضبهم من خلال تنظيم الاحتجاجات الجماهيرية الحاشدة، إلا أن المذبحة ما تزال مستمرة. وما تزال إسرائيل تتصرف من دون عقاب لأن الولايات المتحدة هي داعمها وشريكها.
وقد تفوقت الهيمنة السياسية الثنائية في الولايات المتحدة نفسها في استعراضٍ مدهشٍ للخنوع المذل، حيث دعت إدارة بايدن والقيادات الحزبية من كلا الطرفين نتنياهو لإلقاء خطاب أمام الكونغرس الأميركي للمرة الرابعة، وتصرفوا كما لو كانوا رهائن، وتملقوه بالتصفيق الحار والوقوف المستمر بعد كل كلمة قالها.
كما تم استهداف رؤساء جامعات "رابطة اللبلاب" (Ivy League) في محاكمة استعراضية أمام الكونغرس، ليكونوا عبرة لغيرهم. واستقال رؤساء جامعات هارفارد وكولومبيا وبنسلفانيا من مناصبهم جميعاً، على الرغم من التعبير عن استعدادهم للخضوع للمطالب الصهيونية.
وقوبل الطلاب الجامعيون، الذين شاركوا في احتجاجات سلمية، بالقمع والعنف، حيث طالب المتبرعون الأثرياء والإداريون الجبناء باعتقالهم وطردهم ومضايقتهم وحرمانهم من فرص العمل.
تعرية ضعف الغرب
كشفت دول الغرب الجماعي عن حقيقة أن أي ادعاء لها بالديمقراطية وحرية الفكر أو العمل هو مجرد خداع. كما تكشف ضعف النظام الدولي بوضوح. وقد اغتالت إسرائيل قادة المقاومة الذين زعمت أنها كانت تتفاوض معهم، وأفشلت المفاوضات الرامية إلى تحرير الرهائن الذين تدعي أنها توليهم كامل الانتباه.
مثل المتنمرين في كل مكان، تستمد إسرائيل جرأتها من مظاهر الضعف، وتستهدف الصحفيين وعائلاتهم بالاغتيال بسعادة، وتستخدم التجويع كسلاح حرب، وتحتفل علناً بعمليات التعذيب والاعتداء الجنسي وتدافع عنها.
كل هذه الجرائم موثقة جيداً، ويعرِّفها القانون الدولي بأنها جرائم حرب وفقاً لاتفاقيات جنيف، ومع ذلك تظل تُرتكب بحصانة من العقاب.
بعد إفلاتها من العقاب على ارتكاب المجازر الجماعية في غزة، حولت إسرائيل أنظارها إلى لبنان كميدان لجرائمها المتزايدة، وقامت بتوسيع حرب لطالما سعت إليها لعقود. وتُعتبر الفخاخ المتفجرة، مثل أجهزة الاستدعاء الملغومة، محرمة بموجب القانون الدولي، وكذلك أي أساليب للعقاب الجماعي ضد السكان المدنيين. ولكن، من دون وجود أي قوة مستعدة لاتخاذ إجراء، استمرت إسرائيل في تصعيد العنف بلا هوادة.
ألقت إسرائيل قنابل زنة الواحدة منها 2.000 رطل على مبانٍ سكنية من أجل اغتيال حسن نصر الله، متحديةً بذلك إيران للرد، ومقدمة ذريعة لتدمير ذلك البلد. والأسوأ من ذلك هو أن نتنياهو أصدر أوامر تنفيذ هذه الهجمات وهو في مقر الأمم المتحدة في نيويورك. ولو كانت الأمم المتحدة تحترم ميثاقها، لكانت قد طردت إسرائيل من عضويتها منذ زمن طويل.
لا تنطوي إسرائيل على أي خوف من العواقب أو العقوبات. فقد تعهد كل من جو بايدن، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، والرئيس السابق دونالد ترامب، بالولاء لها. وبغض النظر عن نتائج يوم الانتخابات في الولايات المتحدة، يمكن لإسرائيل أن تكون واثقة من أن الرئيس الأميركي والكونغرس القادمين سيمنحانها حرية التصرف كما تشاء.
من الواضح أن نتنياهو يفضل دونالد ترامب ليكون الرئيس القادم، وهو ما يجعل تواطؤ بايدن وإذعانه له ليس إجرامياً فحسب، بل فشلاً ذريعاً ومؤشراً على عدم الكفاءة أيضاً. ومن المرجح أن يكون الرد الإيراني متوقعاً، وسوف تضغط إسرائيل للحصول على إذن من الولايات المتحدة لارتكاب عمل عدواني آخر.
سوف تعقَد الانتخابات الرئاسية بعد خمسة أسابيع فقط، بينما تتستر وسائل الإعلام الكبرى على بايدن ولا تقدم أي معلومات ذات معنى حول هذه الأزمات. ويُطلب من الملايين اتخاذ قرار بينما يتجادل الحزبان حول أيهما هو الأكثر دعماً لإسرائيل.
ينبغي أن يظهر عالم مختلف بعد هذا العام الخارج من الجحيم. لا يمكن السماح للولايات المتحدة بالاستمرار في الدوس الخشن على الإنسانية وجلب الكوكب إلى حافة الكارثة. ليست مواجهة القوة العظمى بالمهمة السهلة، لكن بقاء العالم نفسه يعتمد على هذه المواجهة.
 
‏‏*مارغريت كيمبرلي Margaret Kimberley: المحررة التنفيذية وكاتبة عمود أولى في ‏‏تقرير الأجندة السوداء‏‏ black agenda report، والمضيفة الحالية لبودكاست ‏‏راديو الأجندة السوداء‏‏. نشر كتابها، "التحيز: أميركا السوداء والرؤساء"‏‏ Prejudential: Black America and the Presidents‏‏ في العام 2020 (منشورات ستريتفورث برس). في 20 أيار (مايو) 2024، أطلعت ‏‏مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة،‏‏ بصفتها ممثلة للمجتمع المدني، عن عمليات نقل الأسلحة إلى أوكرانيا باعتبارها ‏‏تهديدا للسلام والأمن الدوليين‏‏. حصلت على ‏‏جائزة سيرينا شيم للنزاهة في الصحافة‏‏، ‏‏وجائزة المرأة في الإعلام للعام 2021 من معهد المرأة لحرية الصحافة‏‏. وهي أيضا عضو مجلس إدارة "‏‏كونسورتيوم نيوز"‏‏.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Year After Al-Aqsa Flood