عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    31-Jul-2020

الممثل المغربي عبد الكبير الركاكنة: نحتاج إلى سياسة عمومية واضحة في المجال الفني

 

الرباط ـ «القدس العربي»: بعد توقف اضطراري دام لأكثر من ثلاثة أشهر، عادت عجلة المشهد الفني في المغرب للدوران من جديد، وسط ظروف تتسم بالصعوبة والحذر، خوفا من انتشار عدوى فيروس «كورونا» بين مختلف العاملين في القطاع.
توقف النشاط الفني ألقى بظلاله على وضعية عدد من الفنانين الذين وجدوا أنفسهم محرومين من مصدر رزقهم الوحيد، مما زاد من تعميق ظروفهم المعيشية الهشة. بهدف التعرف أكثر على واقع المشهد الفني المغربي في ظل أزمة «كورونا» أجرت «القدس العربي» حوارا مع الفنان الممثل عبد الكبير الركاكنة، رئيس الاتحاد المغربي لمهن الدراما:
□كيف أثرت أزمة كورونا وتداعياتها على المهن الدرامية في المغرب؟
■ بالفعل، هناك تأثير كبير لحق بالمهن والفنون الدرامية في المغرب بسبب جائحة كورونا التي فرضت على الدولة إغلاق جميع الفضاءات الفنية والثقافية من دور للمسرح والسينما وإلغاء عدد من التظاهرات الفنية. وأمام هذ الوضع فإن الفنانين قد تأثروا بشكل خاص ومازالوا، خاصة منهم المستقلون الذين يشتغلون بعقود محدودة الأجل. وهو ما دفع عددا منهم لطلب الدعم من صندوق جائحة «كورونا» الذي أحدثته الدولة، لكن بعضهم لم يستفد بدعوى عدم دخول الفنان في فئة المشمولين بالدعم، رغم وجود قانون الفنان والبطاقة الفنية.
□ الحديث عن وضعية الفن والفنانين في ظل أزمة كورونا قد يعتبره البعض نوعا من الترف، وقد لا يدخل في خانة الأولويات، ما تعليقك على ذلك؟
■من غير المعقول ألا يكون الفنان جزءا من الأولويات في هذه المرحلة بالذات، فهو في نهاية المطاف فرد من المجتمع ويعاني كغيره من الفئات؛ أو ليس للفنان التزامات مادية، وأسرة يجب أن يعيلها؟ الفنانون في المغرب لا يعيشون نفس المستوى المادي؛ فهناك طبقات، أعرف عددا من الفنانين قد تضرروا فعلا بسبب الجائحة، ولولا تدخل بعض زملائهم في الميدان من أجل المساعدة لكانت الكارثة. قد يشكل الجمهور أحيانا صورة مثالية عن الفنان لكنه يبقى شخصا عاديا جدا، بل هو الأكثر عرضة من غيره للهشاشة والعطالة.
□ كيف استقبلتم في الاتحاد المغربي لمهن الدراما خطوة وزارة الثقافة تقديم دعم مالي تضامني ل 3700 من حاملي بطاقة الفنان؟
■ جلّ من تلقى هذا الدعم من الفنانين هم في الأصل إما موظفون أو أجراء، ويحملون إلى جانب البطاقة الفنية بطاقة الضمان الاجتماعي أو بطاقة المساعدة الطبية التي تعد شرطا للاستفادة من أموال صندوق جائحة «كورونا». في المقابل، هناك فنانون لم يستفيدوا من شيء. عيب بطاقة الفنان أنها لا تسدي أي خدمة على مستوى عقود الشغل باستثناء تمكين الفنانين من الاستفادة من أموال الدعم المسرحي وتخفيض أثمان تذاكر القطارات.
نتوفر اليوم على ترسانة قانونية كبيرة، لكننا لا نستفيد منها بالشكل المطلوب، فقانون الفنان على سبيل المثال الذي خرج في 2003 وعُدّل في 2016 لم يُفَعّل فيه سوى نصين يتيمين، الأول يتعلق ببطاقة الفنان والثاني يتعلق بتحديد المهن الفنية. بالنسبة لي لا معنى لقوانين توضع على الرفوف ولا يستفاد منها، كما أشير أيضا في هذا الاتجاه إلى ضرورة مراجعة مدونة الشغل التي لا تشمل مهنة الفنان.
□ كإطار معني بمهن الدراما، ماذا قدم الاتحاد للنهوض بوضعية الفنانين في ظل هذه الأزمة الصحية؟
■ كانت لدينا خطة عمل، حيث راسلنا رئاسة الحكومة وطالبناها بتخصيص دعم للفنانين من أجل التخفيف من أوضاعهم الصعبة، وقد وعدتنا رئاسة الحكومة باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة في هذا الاتجاه، كما تواصلنا أيضا مع وزارة الثقافة إلى جانب وزارة الجالية المقيمة في الخارج من أجل صرف المبالغ المالية المستحقة للفرق المسرحية لسنة 2019، وهو ما تم الاستجابة له بالفعل وصرف هذه المستحقات. نثمّن أيضا الخطوة الأخيرة لوزارة الثقافة بتخصيص برنامج استثنائي لدعم مختلف القطاعات الفنية، لكننا تدخلنا كاتحاد وطالبنا الوزارة بإدخال عدد من التعديلات على هذا البرنامج، وتمت الاستجابة لستين في المئة من مطالبنا.
□فئة التقنيين كانت أكبر المتضررين أيضا من توقف النشاط الفني، فكيف يمكن مساعدة هذه الفئة على تجاوز الظروف الصعبة التي تعيشها؟
■ صحيح، لقد تضرر التقنيون بشكل كبير جراء توقف النشاط الفني خاصة أنهم فئة تشتغل مع جميع الإنتاجات سواء التلفزيونية أو السينمائية أو المسرحية، ولابد لوزارة الثقافة أن تفكر في طريقة لدعم هذه الفئة المتضررة، ولقد دافعنا في الاتحاد المغربي لمهن الدراما منذ بداية الأزمة على جميع الفئات الفنية بدون استثناء بمن فيها التقنيون، حتى أصبح الاتحاد يحظى باحترام كببر داخل الوسط الثقافي والفني الوطني.
□ لطالما شكلت الأوبئة مادة خصبة لكثير من المبدعين في مختلف المشارب، فكيف يمكن استثمار موضوع جائحة كورونا في الأعمال الفنية المغربية؟
■نعم، يجب الاستفادة من هذه الأزمة، أعرف عددا من الزملاء قد بدأوا بالفعل في الاشتغال على أفكار مرتبطة بموضوع الجائحة سواء سينمائيا أو مسرحيا، وهذا شيء إيجابي لأن الفنان يمثل نبض المجتمع. شخصيا، بدأت في وضع خطة لعمل فني جديد يمكن أن اسميه «ميلاد عالم جديد».
□ كغيره من القطاعات سيشهد المجال الفني في المغرب عودة تدريجية، فما الذي يجب التركيز عليه في المرحلة المقبلة لتقوية هذا القطاع في وجه الأزمات؟
■ لتقوية المجال الفني نحتاج لسياسة فنية عمومية واضحة، لذا فإننا نناشد الحكومة والوزارة الوصية والبرلمان أيضا لإعطاء دفعة للتشريعات القانونية المرتبطة بالفنان.
□ هذا على المستوى التشريعي فماذا عن المستوى الفني؟
■ فنيا، أظن أنه يجب على الفنان الاتجاه أيضا نحو استغلال منصات التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية عموما، فهذه المنصات يمكن أن تلعب أدوارا مهمة في إيصال الرسائل وإبراز العطاء الإبداعي للفنانين. غير أن هناك أشكالا فنية لا يمكن إيصالها بالشكل المطلوب عبر هذه المنصات لأن لها سحرا خاصا، وأقصد بالذات المسرح الذي أتمنى أن تعود له الحياة من جديد في أقرب وقت.
■مازالت النقابات الفنية في المغرب تعيش مرحلة هيكلة القطاع، فما الذي يعيقها عن أداء أدوار متقدمة؟
ـ لدينا إشكال كبير على مستوى تفعيل القوانين، مما يجعل الحركة الثقافية والفنية لا تسير بخير. لو كانت القوانين واضحة ساعتها ستقوم النقابات بأداء أدوار طلائعية في تنظيم القطاع والترافع على مطالب الشغيلة بطرق أخرى. مازلنا كنقابات نشتغل فقط على المستوى الهيكلي والقانوني كهيئات اقتراحية تساهم الى جانب القطاع الوصي من أجل تفعيل النصوص التنظيمية المتعلقة أساسا بقانون الفنان والمهن الفنية.
□«التعاضدية الوطنية للفنانين المغاربة» واحدة من الهيئات التي تعيش اليوم صراعا حول الشرعية، إذ أصبحت تسير برأسين، ما تعليقك على ما تعيشه التعاضدية؟
■ القول إن التعاضدية تسير برأسين هو حق أُريدَ به باطل، فهي لحد الآن تسير برأس واحد، ورئيسها الفعلي القانوني والإداري هو الفنان الحاج يونس مع أعضاء مكتبه بمن فيهم أنا بصفتي الكاتب العام للتعاضدية. لقد قمنا بوضع شكاية لدى النيابة العامة ضد الجهة الأخرى التي قامت باقتحام مقر التعاضدية على طريقة العصابات، هذه الجهة قامت أيضا بعقد اجتماع مفبرك وغير قانوني تم فيه انتخاب رئيس ينتمي لتعاضدية أخرى، وهو ما يعد خرقا لأحد النظم الداخلية لدينا التي تمنع الانتساب إلى أكثر من تعاضدية في الوقت نفسه. لقد وقفت وزارة الشغل على هذه الخروقات، كما أن الأحكام القضائية قد صدرت لصالحنا، لكن الغريب أن الجهة الأخرى سارعت لدخول مقر التعاضدية حتى قبل سماع الحكم القضائي.