عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    01-Sep-2024

"هذه رسالتنا.. هذه رايتنا"..!*علاء الدين أبو زينة

 الغد

يشاهد العالم كله ويتحدث عن الهجوم الإبادي الوحشي الذي يشنّه العدو الصهيوني وحلفاؤه وأصدقاؤه– لا على الفلسطينيين كأجساد فحسب، بل على عناصر تاريخهم ورموز هويتهم. والهدف: إخراج الفلسطينيين من التاريخ، بتصفية أكبر عدد منهم جسديًا، وتهجير الباقين ليعيشوا بلا جنسية أو بهويات بديلة، وإعدام أي أدلة تؤشر على وجودهم في العالم في أي وقت، إذا أمكن. وفي الحقيقة، يزيد من فظاعة الهجمة تنوع المشاركين. ثمة أميركا وحلفاؤها الغربيون الذين لا يكتفون بالمشاركة في استهداف الفلسطينيين وحدهم بالإبادة، وإنما ينقضّون على كل من يذكرون اسم فلسطين أو يبرزون رموزها، ويسكتونهم بكافة السبل. وثمة الأفظع؛ المشاركة المؤلمة، غير المتوقعة، المتجلية في حذف بعض وزارات التعليم تاريخ فلسطين والقضية الفلسطينية من الكتب المدرسية العربية– بل وكتابة اسم «إسرائيل» على خريطتها التاريخية– كمشاركة لا يبررها شيء في إبادة فلسطين معرفيًا!
 
 
ينبغي أن يضيف هذا التنويع من الهجمات المثابرة الشرسة على الوجود الفلسطيني إلى قلق الفلسطينيين وأنصار الإنسانية– ليس من احتمال تمكُّن أي قوة أو تحالف من إلغاء هذا الوجود– لقد أظهر الفلسطينيون أن هذا غير ممكن. المقلق هو الآلام ذات الأبعاد الأسطورية التي يتحملها الفلسطينيون للدفاع عما هو مكفول لمعظم الآخرين: الحق في الوجود الحسّي والتاريخي.
 
ومع ذلك، ثمة أسباب لا تنتهي لتبديد القلق على أساس الوعد الذي يزداد صدقية فحسب بحتمية التحرر الذي لا بد أن يجلبه الصمود الأسطوري. والصمود الفلسطيني قيد العرض في كل يوم ولحظة، من فجر التاريخ وحتى رشيد حنون، وقبله وبعده.
بين الركام، في شوارع مخيم نور شمس التي دمّرتها الجرافات الصهيونية الوحشية، وأمام التهديد المميت للعربات العسكرية في الدروب الفارغة، وقف أبو ناصر، بالزي الفلسطيني ملوحًا بالعلم الوطني المحظور، ليقول أن شيئًا في العالم  لن يكسر الروح الفلسطينية. وهو شخص واحد، لكنه لخص أيضًا كل فلسطين وكل فلسطيني على وجه الكرة الأرضية. ولم يكن رشيد حنون في حاجة إلى قول أي شيء. تكفي رؤيته في موقفه الباسل لفهم كل شيء. لكنهم سألوه ونقل رسالة الفلسطينيين إلى المستعمرين والعالم.
قال للتلفزيون العربي: «رسالتي لهذا الاحتلال، ورسالتي لكل مَن يصطف إلى جانب الاحتلال، ورسالتي لكل من خذل الفلسطينيين، أن الفلسطيني، 76 عامًا يُقتل، يشرد، ويدمر، ويُسجن، وتُسلب أرضه، لكن الفلسطيني باقٍ. الفلسطيني يقول لهؤلاء المصطفين، أن شعب فلسطين، وأحرار فلسطين، عاهدوا الآباء والأجداد على أن يكونوا حماة لهذه الأرض. رغم كل هذا الدمار، لن نبتعد عن هذه الأرض. نقول لك أيها الاحتلال: نحن كأشجار الزيتون، كلما أحرقتها، كلما اخضرت وأينعت وامتدت جذورها في الأرض. هذا هو الشعب الفلسطيني، نقول لك: إن دمارك هذا لن يثنينا عن مقاومتك. لن نرحل. ولن نرفع الراية البيضاء أيها الاحتلال. لن نبتعد... «الأم الفلسطينية والبيت الفلسطيني حاضن لكل شريف، ولكل مقاوم ولكل حر. هذه رسالتنا. وهذه رايتنا...».
وقال لقناة «الجزيرة»: «رغم كل هذه الآليات التي تجرف وتقتلع، إلا أن الفلسطيني سيبقى يقاوم في أرضه لأنه أقوى من كل هذه المعدات، وستبقى رايتنا مرفوعة لتخبر العالم أجمع بأن الفلسطيني ما زال يقاوم ولم ينهزم وباقٍ على أرضه... إننا نتوارث هذه الراية وكذلك النضال وسنبقى مدافعين عن أرضنا حتى زوال الاحتلال، ولأجل هذا العلَم سنظل نقاوم».
وفي نفس اليوم، تحدث سامر جابر أبو عدي (والد القائد الشهيد أبو شجاع) عن استشهاد ابنه بطريقة جعلته بسيطًا. بدا الأب فلسطينيًا فقط، يثني على سيرة بطل من بين عشرات آلاف المناضلين الفلسطينيين. يتحدث عن كيف «هز استقرار العدو الصهيوني، كمؤسس لكتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس في مخيم نور شمس، والحالة الوطنية المقاومة في طولكرم». ويؤكد في حديث لـ»الجزيرة»: «يكفي أبو شجاع أنه وصل مرحلة شكل فيها وجوده ندًا قويًا للاحتلال، وذاع صيته وتردد اسمه محليًا وعالميًا كأيقونة ورمز من رموز الثورة الفلسطينية».
وحسب موقع القناة الإخبارية، «بدا أبو عدي غير قلق بعد استشهاد نجله، وقال إنه ترك أثرًا واضحا وطريقا لكل من خلفه، وإن استشهاده «سيترك فراغًا بلا شك، لكنه لن يوقف المقاومة التي تسير بنَفَسه وهمته، ولذلك ستظل هذه الحالة تثمر».
هذا هو تبديد القلق الذي يصنعه المقاومون وحاضنتهم الأسرية والشعبية والأممية. لن ينكسر الشعب الفلسطيني، ولن يُغيب فيزيائيًا ولا هوية ولا تاريخًا. وسط هذا الهجوم والحجم الإعجازي من التآمر، وبعد عقود طويلة من محاولات تغييب فلسطين، اشتغلت مصانع النسيج في العالم، ربما بدوام إضافي، لإنتاج القماش الأحمر والأخضر والأبيض والأسود، ألوان الراية الخالدة التي ارتفعت أعلى من كل شيء، في كل ركن من العالم. ولن يسقط من الأيدي «علم الأحرار المُشرع».