عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2020

ثلاثة استنتاجات من اغتيال سليماني - الوف بن

 

هآرتس
 
ترامب فهم كما يبدو أن انتقاد العملية أفضل من الثمن السياسي الباهظ لعدم القيام بها وإيران تهدد بالانتقام لكن اذا اصيبت بالجنون وفعلت ذلك فهي ستكتشف أن هذا لن ينتهي بصورة جيدة
الرئيس الأميركي ترامب اراد الامتناع عن التورط في حرب اخرى في الشرق الاوسط بعد فشل أميركا في العراق والـ 18 سنة حرب في افغانستان. لقد أدرك أن الرأي العام الأميركي مستاء من مغامرات عسكرية بعيدة، لذلك كان يأمل الاكتفاء بخطاب عدائي وفرض عقوبات على إيران، اضافة الى رمي بعض عظام الدعم لإسرائيل. ولكن مثل أسلافه في نصف القرن الاخير، من ريتشارد نيكسون وحتى باراك اوباما، ترامب ايضا اكتشف أن الشرق الأوسط يفرض نفسه على سياسة الولايات المتحدة الخارجية، حتى عندما تكون الدولة العظمى غير معتمدة على نفط المنطقة، رغم الميل المبرر للتركيز على التحدي الصيني في آسيا.
إن امتناع ترامب عن الرد العسكري على تدمير منشآت النفط في السعودية، بهجوم جوي لإيران في أيلول (سبتمبر) الماضي، أثار القلق الكبير في اوساط اصدقاء اميركا في المنطقة. في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية خافوا من البقاء مكشوفين أمام قاسم سليماني ومؤامراته، وقاموا بعد الصواريخ التي يمكن لإيران أن تطلقها من اراضيها مباشرة نحو اسرائيل وحذروا من أن الحرب القادمة تقترب. الضعف الذي اظهرته الولايات المتحدة تم تفسيره وبحق كاغراء لإيران على رفع المقامرة وزيادة الجرأة.
المواجهة لم تتأخر في الاندلاع حول السيطرة في العراق، الذي اعتبر في ايران كدولة تحت الجناح، والذي اعتبرته الولايات المتحدة موقعا خارجيا حيويا. بعد سلسلة أحداث في زوايا بعيدة توجه الإيرانيون إلى السفارة الأميركية في بغداد. وليس صعبا تخيل النتيجة السياسية لتكرار أزمة الرهائن في طهران، بعد سيطرة طلاب إيرانيين على السفارة الأميركية في العام 1979: كارثة لاحتمال اعادة انتخاب ترامب، كما أعاد جيمي كارتر المعدات بعد فشله في إعادة الدبلوماسيين المحتجزين. وإذا كانت هذه الاحداث هي تاريخ بعيد جدا بالنسبة لترامب ومستشاريه، فهم بالتأكيد يتذكرون الضرر الشديد الذي اصاب عدوته المكروهة، هيلاري كلينتون، بعد الهجوم الدموي على السفارة الأميركية في بنغازي في العام 2012.
اغتيال سليماني أدار الدولاب الى الوراء. ترامب اوضح بأن أميركا ستبقى في المنطقة وستلتزم بالدفاع عن مصالحها فيها. اختيار الهدف والتنفيذ كان جيدا هدف يعرفه الجميع، دون المس بالمدنيين وبدون مصابين أميركيين، مقرونا بمفاجأة تامة ونسبة الفضل الفوري له. الرئيس فهم كما يبدو أن الثمن السياسي للامتناع عن تنفيذ العملية سيكون أعلى من الانتقاد لخطر الحرب والتورط، الذي جاء ايضا من خصومه الديمقراطيين ومن الانفصاليين الجمهوريين. الرد المتأخر الذي يقول إن العملية استهدفت منع الحرب وليس اشعالها، كان متوقعا ولكنه غير مقنع.
خطأ استراتيجي
سليماني صدق كما يبدو التقارير التي شجعته، من قبل مؤيديه الذين قاموا بنشر صوره. وصدق اعداءه الذين قاموا بتضخيم اسمه. لا شك أنه كان قائد شجاع وأن زياراته المتواترة والمغطاة اعلاميا للجبهات عززت مكانته في اوساط جنوده وعملائه. حركته المكشوفة في مطار بغداد مع قادة المليشيا الخاضعة له، اظهرت ثقة زائدة بالنفس واستخفافا بقواعد الأمان الاساسية.
لكن الخطأ الاعمق لسليماني كان استراتيجيا وليس تكتيكيا. مع كل الاحترام لشجاعته، هو كان يترأس قوة صغيرة نسبيا، وكانت في العقد الأخير حظيت بحرية العمل طالما أنها كانت إن لم تخدم مصالح الولايات المتحدة على الأقل لم تزعجها. لقد تعاون مع الولايات المتحدة لتحطيم العدو المشترك وهو “داعش”. الأميركيون سلموا بعملياته من اجل انقاذ نظام الرئيس السوري بشار الاسد. وفي اللحظة التي توجه فيها مباشرة ضدهم، فان “المقاول الثانوي” تمت تصفيته، مثل سياسة اسرائيل تجاه الشخصيات الكبيرة لحماس والجهاد الإسلامي في قطاع غزة.
الآن إيران تهدد بالانتقام، والشبكات الاجتماعية مليئة بالتحليلات حول الضربة المتوقعة. ربما ستجد طريقة للرد، لكن يجب علينا أن لا ننسى للحظة تناسب القوى. لا يوجد لإيران أي سبيل للمس بالولايات المتحدة، وهي مكشوفة تماما أمام كل القدرات العسكرية التي يمكنها تخريب بجهد غير كبير منشآتها النووية وصناعة نفطها والمس برؤوس النظام. ويمكن الافتراض بأنه يوجد في ادراج البنتاغون خطط عملياتية مفصلة لتدمير هذه الأهداف من الجو.
سليماني قتل في العراق وليس في إيران، التي ما تزال خارج حدود الضربة الأميركية. ايضا في ظل غياب تفويض شرعي من الكونغرس أو الامم المتحدة. إذا اصيبت إيران بالجنون وقامت بمهاجمة الولايات المتحدة فهي ستكتشف أن هذا لن ينتهي في أي يوم بصورة جيدة. ومثلما كتب الباحث ادوارد لوتفاك عن هجوم بيرل هاربر، الشيء الأفضل الذي استطاع الطيارون اليابانيون فعله هو القاء القنابل في البحر بدلا من تعريض بلادهم للدمار.
هدية السنة الجديدة
تحذيرات الحرب لرئيس الاركان افيف كوخافي التي سمعت بعيدة عن جدول الأعمال الإسرائيلي الذي يتركز على مصير رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، اكتسبت فجأة أهمية كبيرة. كوخافي فقد حقا من اعتبره العدو الكبير، سليماني. وهو الآن سيضطر إلى خلق منافس جديد، ولكن من الآن سيصغون اليه أكثر – ومطالبته بالميزانيات ستمر بسهولة في حناجر كبار وزارة المالية.
الرابح الأكبر من تصفية سليماني هو نتنياهو. فقد كان أسبوعا ناجحا له بدأ بقمع تمرد جدعون ساعر واستمر بخشية المحكمة العليا من مناقشة أهلية متهم جنائي بتشكيل حكومة، وبعد ذلك طلب الحصانة، التي ستضع جانبا لوائح الاتهام لفترة طويلة في الكنيست وانتهى بعملية اميركية محفوفة بالمخاطر اعادت الى العناوين “الوضع الامني” وازالت منها ملفات الفساد، المعارضة الامنية من ازرق ابيض سارعت لتسوية الصفوف. إذا كان هناك تصعيد أمني، محلي أو اقليمي، سيزداد الضغط على بني غانتس ويئير لبيد من أجل الدخول إلى وزارة الدفاع ووزارة الخارجية في ظل حكومة نتنياهو.
ولكن من السابق لأوانه الحديث عن حكومة وحدة. فإسرائيل يجب عليها أن تجتاز قبل ذلك الحملة الانتخابية وحرف التركيز عن لوائح الاتهام والحصانة الى الدفاع عن الدولة في وجه التهديد الإيراني، هي هدية السنة لنتنياهو. ليس فقط بسبب تشخيصه كمحذر يقف على الباب من إيران، بل بسبب الهدف السياسي الذي يرتبط به بقاؤه – رفع نسبة التصويت في معاقل الليكود، وانخفاض نسبة التصويت في المجتمع العربي. المزيد من المصوتين في بات يم، 52 %في انتخابات ايلول (سبتمبر)، ونسبة تصويت اقل في سخنين 72 % ، سيمنح نتنياهو حبل النجاة من القضاء والعزل وسيسهل عليه ادخال غانتس ولبيد إلى خيمته وتحييدهما.
الوضع الأمني يساعده في أن يخرج من البيت ناخبين من اليمين، الذين سئموا منه في السابق بسبب الفساد، ولكنهم سيضعون ذلك جانبا من اجل انقاذ الدولة من ايران. في المقابل، احاديث الحرب والمقاطعة ستبعد القائمة المشتركة عن الاندماج في ائتلاف مستقبلي مع ازرق ابيض وتبعث على اليأس في اوساط عرب صوتوا في أيلول (سبتمبر) الماضي أملا في الاندماج. إن بقاء نتنياهو مرتبط إذا بنجاحه في الحفاظ على جدول الأعمال الأمني في العناوين في الأسابيع الثمانية القادمة.