عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    11-Jan-2021

الديمقراطية الأمريكية في حالة استنفار*فايز أبو حميدان

 الدستور

من كان يعتقد يوماً ما سيتم اقتحام مبنى الكونغرس الأمريكي ، ولو تفوّه أحد بهذا لقلنا انه أصيب بالجنون ، لم نصدق اعيننا عندما قام مواطنون مؤيدون للرئيس الأمريكي ترامب باقتحام اهم معاقل الإدارة الامريكية ورمز الديمقراطية والحرية وبتحريض من قبل الرئيس نفسه. 
 
الرئيس دونالد ترامب شكل نوعية جديدة في إدارة أعظم دولة في العالم وكان من المتوقع منذ السنتين الاوليتين من حُكمِه نهاية غير جيدة وخاصة لقيام الحزب الديموقراطي في تقديم طلبات لنزع الثقة منه واتهامه بالتعاون مع روسيا بالتأثير على الانتخابات ضد هيلاري كلينتون وأُحيكت له كل الاتهامات منها ما هو صحيح ومنها ما هو ملفق ولكن تصرفاته اتسمت بالتخبط في المواقف السياسية وخلت من الدبلوماسية المعهودة عند الرؤساء وكانت قيادته للبلاد منفردة وبمزاجية متقلبة، لقد قام باستخدام حسابه على تويتر لحكم دولة مؤسسات عظمى وقاد البلاد بشكل شبه ديكتاتوري فإدارته كانت اكثر الإدارات التي تنحى بها الوزراء والقادة السياسيين او تم طردهم من مناصبهم دون أسباب بل حسب مزاج الرئيس يضاف الى ذلك مواقفه في السياسة الداخلية والتي أدت الى انقسام المجتمع الأمريكي والذي كان يتسم بالتماسك وخاصة في مراعاة مصالح البلد يضاف الى هذا كله فشله في مكافحة جائحة كورونا حيث تجاوز عدد الإصابات في أمريكا 20 مليون نسمة وعدد الوفيات 350 ألف حالة. 
 
ان زمن الاخفاقات السياسية في عهده لم يقتصر على السياسة الداخلية فحسب بل ان سياسته الخارجية ايضاً كانت تتسم بالعنف السياسي وفرض الرأي على الحلفاء والأعداء ، وتم التعامل مع الجميع من جانب اقتصادي بحت وكأن العالم مكون فقط من شركات استثمارية وليست دول لها سيادتها وتلتزم بقوانين واعراف دولية. 
 
العالم العربي كان اكبر الخاسرين من سياسته بدأ بضم هضبة الجولان الى إسرائيل والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الامريكية الى القدس والعداء الواضح للعرب والمسلمين في بداية توليه السلطة ومنع دخول العرب والمسلمين الى أمريكا وتقييد الاقامات والحصول على الجنسية إضافة الى الابتزاز المالي لبعض الدول العربية والتدخل في شؤون بعض الدول العربية الداخلية الى محاولة فرض صفقة القرن والتي رفضها الأردن منذ البداية والتي يترتب عليها تصفية حقوق الشعب الفلسطيني وفرض واقع جديد وقام بالانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران دون الرجوع الى دول 5+1 . وقام من جانب اخر بإحداث اضرار بالغة لحلف شمال الأطلسي وإلغاء دوره في الإبقاء على التوازن السياسي والعسكري العالمي . كما ان مواقفه في رفع الرسوم الجمركية على البضائع وخاصة من الصين والدول الأوروبية قد أدى الى تعكير صفو العلاقات الاقتصادية مع الأصدقاء والاعداء مما أدى الى اتخاذ إجراءات مشابهة في التعامل مع البضائع الامريكية وكان لهذا عواقب وخيمة على الصناعة الامريكية وزيادة عدد العاطلين عن العمل.
 
وبلا شك ان إصلاح هذا كله وتصويب الشؤون الداخلية والخارجية واعادتها الى نصابها الصحيح وصقل المجتمع الأمريكي واحياؤه من جديد سيتطلب جهود استثنائية جبارة وعملاً دؤوباً من قبل الرئيس جوبايدن ليس هذا فحسب بل قد يستغرق هذا كله عدة سنوات لإعادة احياء الدولة من جديد وخاصة في ظل تداعيات الازمة العالمية بسبب جائحة كورونا ، ولعل اهم التحديات التي تتطلب تركيز جهوده عليها في هذه المرحلة الحرجة هي وضع خطة محكمة لمحاولة احتواء الوضع الوبائي ومكافحة جائحة كورونا وإعادة التلاحم للشعب الأمريكي و حل المشاكل الداخلية وخاصة مشكلة التأمين الصحي الشامل وبناء جسور جديدة مع الحلفاء وخاصة الدول الأوروبية ، والعودة الى اتفاقيات التجارة الحرة مع عدة دول منها الصين وبعض دول أمريكا اللاتينية وكندا والدول الأوروبية ، أما في السياسة الخارجية فعليه ايجاد حل جذري فيما يخص الاتفاق النووي والتعديلات المطلوبة عليه واتخاذ مواقف اكثر حيادية في التعامل مع القضايا الإقليمية وخاصة قضية فلسطين .