إسرائیل ھیوم
اسرائیل ھي دولة قویة ووضعھا الاستراتیجي افضل مما كان في أي وقت مضى. ومع ذلك ما تزال توجد تھدیدات على امنھا. فالازمة مع ایران من شأنھا ان تؤدي الى مواجھة علنیة معھا ومع فروعھا. اذا ما حصل ھذا، سینشأ تھدید واسع على الجبھة الاسرائیلیة الداخلیة وعلى اھداف البنى
التحتیة. كما توجد اسرائیل في نزاع عنیف طویل وغیر قابل للحل في المدى المنظور، مع الفلسطینیین. وبالتالي، فان علیھا أن تكون مستعدة للحرب. ھذا ایضا ھو الاختبار الاعلى للمجتمع
في اسرائیل.
ان التحدي الاھم لكل حكومة في اسرائیل ھو الحفاظ على تراص الصفوف في المجتمع، واستعداده
لان یقف معا في وجھ أوضاع صعبة من شأن المحیط العنیف أن یخلقھا. ولھذا التراص اھمیة كبیرة ایضا في اوقات الھدوء، بسبب مكانھ في معادلة الردع. فالردع لا یقوم فقط على أساس القوة العسكریة بل وایضا على مدى التصمیم على العمل عند الحاجة وفوق كل شيء على القدرة على
تحمل الالم في الجبھة وفي الجبھة الداخلیة.
لما كان السلام المنشود لیس خلف الزاویة، فان القدرة على طرح جواب ناجع ومتفق علیھ عند
الازمة تتأثر بمدى التراص بین عناصر المجتمع. فشرخ اجتماعي او سیاسي عمیق، او كبدیل
قطیعة بین القیادة السیاسیة والعسكریة و/ أو بینھا وبین المزاج العام، یمسان بتنفیذ السیاسة القومیة، یشجعان الخصم على تشدید جھوده لتشویش خطى اسرائیل، یقوضان صلاحیة القیادة السیاسیة، ویساھمان في تآكل قدرة صمود الجبھة الداخلیة تحت النار.
ان دروس العقود الاخیرة ھي تحذیر من خطوات تغامریة، عسكریة او سیاسیة، التي الى جانب
المكاسب السیاسیة اللحظیة أدت الى شرخ عمیق في النسیج العام وندب ما تزال لم تلتئم بعد.
فالخروج الى حرب لبنان الاولى مثلا كان في البدایة شعبیا ولكن التأیید لھ ھبط بشدة، واتفاقات
اوسلو كانت تترافق في بدایتھا وشرخا عمیقا بین الیسار والیمین.
یجدر التشدید على ان الشروخ السیاسیة في المجتمع في اسرائیل لا تفوق احساس الوحدة الاسرائیلیة. فضلا عن ذلك، فان ھذا الوضع لیس قضاء وقدرا لا یمكن تغییره؛ فما یزال یوجد قاسم
مشترك واسع في اسرائیل یمكن ومن الضروري تطویره. وبالنسبة للبعد الامني، فان التأیید الجماھیري الواسع لحملة الجرف الصامد في صیف 2014 ،حیث أن اكثر من 85 في المائة ساندوا الحملة، یشكل دلیلا على أن ھناك تراصا قومیا خاصا في الظروف التي تعتبر ”لا مفر“. من
المھم الحفاظ على ھذا، حتى بثمن اضطرارات سیاسیة وقیود على القتال، لغرض تثبیت الشرعیة
في الداخل وفي الساحة الدولیة.
في ضوء ذلك، وبعد حملة انتخابات بشعة، فان الحزب الذي سیفوز في الانتخابات التي فرضت علینا في ایلول، یجب ان یتطلع الى بناء ائتلاف واسع قدر الامكان. كما أن على الحكومة المنتخبة ان تعمل على تثبیت التراص الاجتماعي في الخطوط التالیة: یجب خوص حوار جماھیري منضبط والامتناع عن التشھیر بالخصوم السیاسیین؛ فالسلوك الواعي تجاه خطة ترامب ومضاعفاتھا، على اساس الحفاظ على التراص القومي والتركیز على حفظ تلك الانجازات التي یوجد حولھا اجماع شبھ كامل. فالامتناع عن انسحابات من طرف واحد و/ أو خطوات سیاسیة باعثة على الخلافات في الشعب، ولا سیما حین یكون الھامھا السیاسي موضع شك كبیر. والاستخدام للقوة یجب أن یكون حذرا، ومرغوب فیھ ان یبدو بانھ ”لا مفر منھ“ في ضوء المخاطر على أمن الدولة. ینبغي تبني سیاسة لجم البناء في المناطق والحفاظ على البعد الاقلیمي الحالي الذي یوجد معظمھ ضمن الاجماع الاسرائیلي. وبالمقابل، یجب توسیع البناء في نطاق القدس، لتعمیق السیطرة الاسرائیلیة في القدس الموسعة، المنطقة التي توجد في قلب الاجماع في اسرائیل. ان الحفاظ على تراص شعب اسرائیل في بلاده ھو الھدف الاسمى.
رئیس معھد القدس للاستراتیجیة والامن