عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Mar-2025

مجزرة السحور*إسماعيل الشريف

 الدستور

أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون – البقرة 100 .
 
ظهر المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون الرهائن، اليهودي آدم بوهلر، على قناة CNN، معلنًا أن الولايات المتحدة ليست عميلًا لإسرائيل، وبعد أيام تم طرده من منصبه.
 
كان بإمكان الرئيس الأمريكي أن يستغل نفوذه ويفرض إرادته لإجبار نتنياهو على إدخال المساعدات، وإيقاف الحرب، واستئناف المفاوضات، لكنه بدلًا من ذلك أعطى الضوء الأخضر لاستمرار الإبادة الجماعية بعد أن زوده بالقنابل اللازمة، واتخذ إجراءات استبدادية لترحيل الطلاب وتكميم الأفواه، بينما أغرقنا بالتصريحات بأنه لو كان رئيسًا للولايات المتحدة لما وقعت المجزرة الاولى. لذلك، لا فرق بين رئيس وآخر، أو حزب وآخر، عندما يتعلق الأمر بالصهاينة.
 
وفقًا لتقارير إعلامية، حصل الكيان على دعم الولايات المتحدة قبل استئناف عملياته العسكرية في قطاع غزة. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول صهيوني قوله إن الرئيس الأمريكي ترامب أعطى الضوء الأخضر للكيان لاستئناف الهجمات على حركة «حماس».
 
من جهتها، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن الكيان أبلغ الولايات المتحدة مسبقًا بتلك الهجمات، محذرة «حماس» وأعداء الكيان والولايات المتحدة من أنهم «سيدفعون ثمنًا باهظًا»، مضيفة: «سيفتح باب الجحيم».
 
بالنسبة لنتن ياهو، فإن العودة إلى الحرب لا علاقة لها بحماس أو بتحقيق أهداف الحرب أو إطلاق المحتجزين في غزة، وإنما تخدم أهدافًا سياسية داخلية، أبرزها تمرير الميزانية، والحفاظ على حكومته الائتلافية، والهروب من الاحتجاجات الداخلية، وتعطيل التحقيقات الدولية في جرائم الحرب، وكسب الوقت لتجنب محاكمته بتهمة الفساد، إذ يعتقد أن الدول لا تحاكم «أبطالها». كما يسعى لتفادي تدحرج كرة إقالته لرئيس الموساد، وتعزيز صورة الجيش التي تضررت، وإبقاء المجتمع الصهيوني في حالة طوارئ لضمان استمرار السيطرة عليه.
 
قلنا في مقالات سابقة إن النظام العربي أخطأ منذ بداية الحرب بعدم اتخاذ موقف صلب مما يجري في فلسطين، ولولا هذا الضعف والتشرذم العربي لما تجرأ الكيان على ارتكاب ما قام به ويقوم به، من جرائم واحتلال أراضٍ عربية إضافية. كما أكدنا أن الأمن القومي العربي يتعرض لخطر وجودي، في وقت يعلن فيه الكيان الصهيوني صراحةً عن نيته توسيع احتلاله ليشمل مزيدًا من الأراضي العربية.
 
لذلك، المطلوب اليوم هو رد عربي حازم، حتى لو جاء متأخرًا، من خلال اتخاذ سلسلة من الإجراءات، على رأسها قطع جميع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الكيان، وفرض مقاطعة اقتصادية شاملة عليه، وحشد الرأي العام الدولي عبر تعزيز التواصل مع دول آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا لزيادة عزلة الكيان. كما ينبغي تحريك القنوات الدبلوماسية الدولية، خصوصًا في الأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية، لمحاسبته على جرائمه، إضافة إلى التلويح باستخدام سلاح النفط، ومقاطعة جميع الشركات التي تدعم الاحتلال.
 
كما يتعين على الدول العربية والإسلامية حشد الرأي العام الداخلي، وتشجيع المسيرات الشعبية، وإفساح المجال أمام الشعوب للتعبير عن موقفها. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي دعم وتمويل المنظمات القانونية التي تعمل على توثيق وكشف جرائم الاحتلال، إلى جانب إنتاج محتوى إعلامي موجّه إلى شعوب العالم، يفضح بشاعة الاحتلال ويكشف حقيقته بوضوح.
 
لن يكون مقبولًا لدى الشعوب العربية الاكتفاء بإصدار بيانات التنديد، بل إنها تتطلع إلى إجراءات صارمة وملموسة تحمي الشعب الفلسطيني المنكوب، وتضع حدًّا لجرائم الكيان، وتجبره على التراجع عن سياساته العدوانية.
 
فشل الكيان على مدى خمسة عشر شهرًا في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، فما الذي سيتغير الآن ليجعله ينجح؟