عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    20-Mar-2020

“كورونا”.. كيف نواجه تحول “آفة العالم” إلى فرصة للتنمر؟

 المسؤولية الاجتماعية تتجسد بمن تصله الرسائل والفيديوهات المسيئة بألا يعيد إرسالها وتشغيل الرقابة الذاتية لديه

 
مجد جابر
 
عمان- الغد- كشفت أزمة فيروس كورونا التي يعيشها العالم، عن ممارسات سلبية عديدة تغزو مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أشخاص يتصيدون المواقف، تحديدا بما يخص تناقل مقاطع فيديو وصور والمساهمة بنشرها وتعميمها عبر تلك المنصات وبرامج التراسل.
مع الظرف الصعب الذي يعيشه العالم، ومع بدء انتشار حالات مصابة بفيروس كورونا بالأردن، ظهرت العديد من المواقف المرتبطة بهذا المرض، واستغلها البعض عبر التشهير بالآخرين ومشاركة مقاطع مصورة على مواقع التواصل بدون مراعاة لمشاعر هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم.
ومنذ بدء أزمة فيروس كورونا، وإصابة الأردني محمد الحياري، مرورا بانتشار أخبار عن هروب الشاب تامر المصاب بالفيروس من المستشفى، وليس انتهاء بالفتاة التي استنجدت بوالدها في المطار عندما جاء قرار الحجر الإجباري 14 يوما لكل القادمين من الخارج؛ تعمد العديد من الأشخاص إيذاء مشاعر هؤلاء سواء بإطلاق “هاشتاغ” أو السخرية منهم، وحتى إعادة نشر كل ما يؤذيهم، و”النبش” بتاريخ عائلاتهم.
ما حصل دفع هذه الأسر، للتوعد باللجوء للقضاء لمحاسبة كل من هاجم أبناءها وسخر منهم وتعمد إهانتهم و”التنمر” عليهم.
الهدف فقط من وراء تلك الأفعال السلبية والفردية، التشهير بالآخرين وإطلاق “هاشتاغ” خاص لمشاركته على أوسع نطاق وجعلهم مادة دسمة للسخرية والتمادي عليهم بشكل غير مبرر، وآخرون يستغلون إعادة النشر من باب الضحك والسخرية وإضافة الحس الفكاهي بتلك الأجواء الصعبة، متناسين التأثير السلبي.
هذه السلوكيات ربما كانت موجودة في السابق، إلا أنها زادت مع الأزمة الحالية وكشفت كثيرا من صفات أشخاص يستمتعون بالتسلية على مشاكل الآخرين.
اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي، يستغرب من الفهم الخاطئ للحرية، والأحقية التي يمنحها الشخص لنفسه ومن خلال هاتفه الذكي، وكأنه يملك مطلق الحرية للإساءة للآخرين، إلى جانب غياب الوعي والإدراك الجيد لخطورة ما يقومون به، لافتا إلى أن هذا النوع من الفيديوهات يلحق الأذى بالآخرين ويتسبب بأمراض نفسية ومجتمعية.
ويعتبر الخزاعي أنه يأتي هنا دور المسؤولية الاجتماعية لمن تصله هذه الرسائل والفيديوهات بأن تتوقف عنده وألا يعيد إرسالها، وتشغيل الرقابة الذاتية عند كل شخص، مبينا أن الفراغ الذي يعيشه الناس هذه الفترة ساعد على زيادة هذه السلوكيات.
ويناشد الخزاعي الأشخاص بأنه وقبل نشر أي شيء، عليهم أن يضعوا أنفسهم مكان الشخص الذي تم تصويره والتصرف على أساسه.
في حين يذهب الاختصاصي التربوي الدكتور عايش النوايسة، إلى أن هذه التصرفات تدل على قلة الوعي بطبيعة الأزمة الحالية، فينظر البعض للموضوع على أنه عادي من دون إدراك لحجم الخطر، مبينا أن سلوك اللاوعي انعكس على طبيعة الأحداث في التعامل مع خصوصيات الناس وتصرفاتهم ومرضهم من باب التسلية، وهذا ما ظهر خلال الأيام الماضية.
ويعتبر النوايسة أن هذا السلوك مرده نقص ثقافة التعامل مع الأزمات، واحترام خصوصيات الآخرين، مضيفا أن كثيرين ممن يروجون أو يتعاملون مع الأحداث من باب السخرية تجدهم من تلك الفئة التي اعتادت الانتقاص من إنجاز الآخر أيا كان والسوداوية لديهم انعكست على ما ينشرون.
ويرى أنه لا بد من إعادة النظر في تشريعات الجرائم الإلكترونية للحد من مثل هذه الظاهرة.
الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة، يرى أن الأزمة الحالية بحاجة من الجميع إلى وقفة جادة ومسؤولة، مبينا أن الضحك على المصائب والمواقف التي تحدث مع الناس ينم عن غياب المسؤولية والوعي اللازم لهذه الفترات، وليس كل شيء يمكن اعتباره نكتة والاستهزاء به.
ويشير إلى أن الإسقاطات النفسية تحدث نتيجة ردة الفعل والتعبير عن الألم الداخلي على شكل نكتة، إلا أن اغتيال الشخصية والإساءة للآخرين مرفوضان على الإطلاق بكل المعاني والمعايير.
ويلفت مطارنة إلى أنه لا يمكن لأي شخص أن يعرف ما هي ردة فعل الآخر أثناء وقوعه في الموقف، والأصل هو المساهمة في الدعوة الإيجابية لبث التهدئة لدى الناس والتخفيف عنهم وليس عملهم مادة للسخرية.
ولا بد، هذه الفترة، من التحلي بأخلاق إنسانية وتخفيف حالة الرعب والتوتر عند الناس، مبينا أنه لا يجوز استخدام مواقف البعض لجعلها فرصة للتندر والاستهزاء بهم، فذلك مؤشر على أمراض نفسية.
ويختم مطارنة بأن كل شخص معرض لأن تنتابه حالة عصبية وخروج بعض الكلمات والمواقف منه ومن دون قصد، مبينا أنه لا بد أن نكون واقعيين وتقديم حسن النية والتعامل على أساسها، فالظرف لا يحتمل ولا بد أن يكون لكل شخص دور إيجابي واحترام مشاعر الناس والآخرين.