هآرتس
الطاقات التي اظهرها المحتشدون على الجدران في شارع بلفور في الأسبوع الماضي لم نشاهد مثلها في عالم المظاهرات هنا منذ سنوات. عمليا، يبدو لي أن المرة الأخيرة التي شاهدنا فيها مجموعة من حماس ايديولوجي كهذا وشريحة عمرية مشابهة، كانت في بداية سنوات الالفين، في حالة شبيبة التلال.
مجموعات شابة ارادت تحدي النظام والقواعد. شبيبة التلال في حينه، مثل المشاغبين في بلفور، لم يرغبوا في تقويض العالم القديم من اساسه، بل ارادوا خرق تعليمات الشرطة وهز حدود الشرعية ونقل رسالة صادمة ومصدومة. التشابه موجود ايضا من حيث الاستعداد لدفع ثمن هذه الأفعال وايضا التشابه موجود في الدوافع – السلطة قامت بخيانة القيم ولم تعد تدفعها قدما.
أنا لا أقارن هذه الحفنة من بلفور مع شبيبة التلال الآن، المؤيدين لتدفيع الثمن والمس بالعرب كأيديولوجيا رئيسية، بل مع الشباب الذين صعدوا على تلال السامرة في العقد الماضي. فهؤلاء كانوا رومانسيين وعاشوا في ظروف قاسية وأرادوا في الاساس تحدي التيار الرئيس في معسكرهم، وأن يخرجوا الى حيز التنفيذ ما يدعو له فقط كبار السن.
هذا التشابه ينتهي في موقف المعسكرات (القطاعية والعامة) منهم. في حين أن شبيبة التلال كانوا دائما مجموعة هامشية في اليمين، شباب ربما يجب عناقهم، لكن بالتأكيد عدم تشجيعهم، فان اليسار يعانق بأضعاف المرات شبيبة تلاله. ادانات العنف وادانة خرق النظام في هوامش اليسار ستكون على الأغلب ضعيفة وجزئية، مع تسامح كبير بأضعاف لشتم وضرب المراسلين. لن تسمعوا أن حفنة مشاغبين من بلفور هم “مشكلة اليسار” في فترة لا يوجد فيها تقريبا أي يساري لم يتم القول بأنه يشكل مشكلة اليسار.
المتظاهرون العنيفون هم أصحاب الامتيازات من بين الفوضويين. مفهوم “اعشاب ضارة” لن يسمع وهو يوجه اليهم، رغم أن العنف في هوامش المعسكر هو بالضبط التعريف لـ “اعشاب ضارة”. اسألوا شبيبة التلال من العقد السابق الذين في معظمهم كبروا وتجندوا للوحدات القتالية وحتى أن عددا منهم اصبح برجوازيا. ولكن عندما استخدموا العنف تم تصنيفهم على أنهم قمامة أحواض. وقطع طريق القطار الخفيف من قبل شباب من اليمين سيعتبر عملية أعنف كثيرا من القطع الذي حدث في الاسبوع الماضي، وهو سيواجه ادانات اكثر من الطرفين.
سوق الفوضى الإسرائيلية بحاجة الى التنظيم والى لجنة خاصة، جيدة بالطبع، حيث تعطي رد حاسم وواضح على مسألة “من هو الفوضوي”. ومن يرشقون الحجارة على الجنود، على اشكالهم، يوجدون بالتأكيد في هذا الاطار. ولكن ماذا بالنسبة لمن يخرقون أوامر الشرطة؟ هل اعضاء احتجاج المعاقين الذين اغلقوا الشارع هم فوضويون؟ وماذا عن العاملين الاجتماعيين؟.
عندما تتم صياغة قانون الإدانات بالكامل، أريد أن أقترح بأن تضاف اليه ثلاثة بنود: أ- المواطن هو مواطن. الماضي العسكري للشخص لا يعطيه الحق، سواء كان عميد في سلاح هام بشكل خاص أو كانت له أوسمة أو كان من مقاتلي الدوريات أو كان من المتهربين من الخدمة. مجتمع سليم يمكنه التحرر من العسكرتارية الزائدة هذه. ب- التحريض هو تحريض. الدعوة الى المس برئيس حكومة تتم معالجتها حتى لو لم يكن اسم رئيس الحكومة نتنياهو. وبصورة منفصلة عن علاقته مع موجهي هذه الدعوة. ج- العنف ضد المراسلين هو عنف، دون صلة بماضي المراسل العسكري الفخم. ويجب عدم تبرير العنف ضد المراسل بذريعة أنه يكتب ويغرد بأقوال فارغة. وإلا لن يبقى الكثير من المراسلين الذين يحظر ضربهم هنا.