«جماعة عمان».. والتعليم المهني*محمد بركات الطراونة
الراي
ضرورية ونوعية وفي وقتها المناسب، هي المبادرة التي أعلنتها وتبنتها جماعة عمان لحوارات المستقبل، لتغيير الثقافة المجتمعية نحو التعليم المهني، ولا يخفى على أحد ان المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، اصبحت ضرورة وطنية ملحة، ويجب ان تحظى بالأولوية عند متخذي القرار، وندرك تماماً حجم الاكتظاظ الذي يعاني منه السوق في مجال التخصصات الراكدة، والتي لم تعد متناسبة ولا متناسقة مع ما يتطلبه السوق المحلي بل والخارجي من مهارات نوعية، تؤمن فرص عمل للشباب، وبوقت سريع وتخفف من تكدس طلبات التوظيف في ديوان الخدمة المدنية والذي لا يستطيع تأمين فرص عمل لأكثر من خمسة عشر ألف باحث عن عمل، معظمها في التربية والصحة.
من هنا بات أمر تغيير الثقافة المجتمعية لأنماط التعليم العالي في الأردن أمراً ملحاً، ولا يحتمل التأجيل، حتى لا تضاف أعداد جديدة إلى سجل العاطلين عن العمل، وتنطلق الجماعة في مبادرتها من أن إصلاح التعليم هو عامل رئيس ومرتكز مهم في الإصلاح الشامل، ويخدم تطوير الاقتصاد الوطني من خلال إصلاح هيكل القوى العاملة في هذا القطاع المهم، وأن نعزز مفهوم الإنتاج والاعتماد على الذات، وأصبح ملحاً كذلك العمل وبشكل جدي على تغيير أنماط التفكير المجتمعي والثقافة المجتمعية نحو التعليم المهني، وفي ذلك حفاظ على أمن المجتمع واستقراره والمساهمة بفاعلية في تنميته وتطوره.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف ترى «الجماعة» أنه لا بد من توحيد المرجعيات القائمة على أمر التعليم والتدريب المهني والتقني ومؤسساته، لتنضوي تحت مظلة واحدة، مع التركيز على تضييق الفجوة بين التعليم المهني والاكاديمي، والتوجه بشكل جاد وعملي نحو التعليم المهني، في مقالات سابقة وضحنا أهمية التوجه نحو التعليم المهني، خاصة وأن الجامعات الأردنية الرسمية منها والخاصة أدركت أهمية هذا البعد، واستحدثت تخصصات جديدة تخدم هذا الهدف، وتصب مباشرة في تلبية حاجات السوق، ومتطلبات في العمل ومقتضيات التطور، وهي بذلك تساهم بفاعلية في تهيئة البيئة المناسبة لتعزيز مفهوم التوجه إلى التعليم المهني، الكرة الآن في مرمى الطلبة و اولياء امورهم لوقفة جادة امام واقع التعليم ومستقبل أبنائهم وتشجيعهم على اختيار ما يناسب حركة التطور التي يشهدها المجتمع، بعيدا عن التمترس والتخندق حول الثقافة المجتمعية التي تعطي الأفضلية لتخصصات دون غيرها، رغم الركود في مجالها، وهذا أمر يضر بمصلحة الشباب ويقف عائقاً أمام تحقيق طموحاتهم، وعليه لا بد من التوسع في نشر مراكز التعليم المهني بمختلف مناطق المملكة، ولا بد من أن يشارك القطاع الخاص، ويقوم بدوره الوطني في توفير التدريب العملي والتطبيقي للطلبة الملتحقين في برامج التعليم المهني، وفق شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وبذلك نكون قد بدأنا خطوات جادة لتنفيذ مفهوم، وقاعدة المواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق.