عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Feb-2021

لعناية وزير الداخلية ومدير الأمن الوطني*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

مع كل التقدير لشخصيكما ووظيفتيكما، وقبل أن أضع هذه الملاحظة بين أيديكما، أرجو أن تعلما بأن نصف عملي في مهنتي ينصبّ على القانون والأمن ورجالهما، وليس ذلك من باب التقرب لجهة أو لأحد، بل لقناعتي بأن خير هذه البلاد حين يتطلب الأمر رجالا وطنيين طيبين، يكون في العسكر ورجال الأمن والقانون، وأزعم بأن الناس لو تفهموا القانون والتزموا به لكانت مملكتنا أفضل من كل الديمقراطيات التي نتغنى بها، ونحاول الاستشهاد بمواقف شعوبها التي تنم عن الوعي والولاء لها، فتاج الديمقراطية هو سيادة القانون، ولو عرف كل مواطن ما له وما عليه، لتجاوزنا الكثير من القضايا والأزمات، التي تحول بيننا وبين الإصلاح الشامل، الذي لا ينفك رأس الدولة يدعو له في كل مناسبة.
 
الملاحظة التي أتحدث عنها نابعة من شعور بالازدواجية في متابعة بعض القضايا المتعلقة بخلافات الناس، حيث تمنح هذه الازدواجية هامشا واسعا للمتنمرين على الآخرين، للاستيلاء على حقوقهم، وتفريخ سلاسل من المشاكل والأزمات بين الناس، وسوف أذكر جزئية واحدة تبين ما أعتبره إزدواجية في المرجعيات الأمنية والقانونية المتعلقة بإدارة الدولة للشؤون العامة، الواقعة ضمن اختصاص وزارة الداخلية من جهة الحكام الإداريين، واختصاص الأمن العام من جهة المراكز الأمنية.
 
حين يعجز الناس عن خلافاتهم يلجأوون للقانون ومؤسساته الرسمية المعنية بتطبيقه، فخلاف بين جيران أو سكان في عمارة، حول شؤون العمارة وحقوق ساكنيها، يقع ضمن مسؤولية الحاكم الإداري، وحين يباشر المحافظ أو المتصرف او من يقوم مقامهما باتخاذ إجراءات قانونية لحل خلاف أو نزاع، فإن الأطراف المتضررة من حكم القانون المتنمرة على الآخرين والمستولية على حقوقهم تقوم بتقديم شكاوى كيديه، ضد الطرف الذي لجأ أصلا للمحافظ أو المتصرف، حيث يبرع بعضهم في تقديم فنون من الكيديّات وافتعال الجرائم، فيتوجهون تارة للحاكم الإداري وأخرى للمركز الأمني، ويشرعون في تقديم تظلمات وشكاوى، تهدف بالدرجة الأولى للتأثير على خصمهم في القضية المنظورة من قبل الحاكم الإداري، وابتزازه للتراجع عن طلب حقوقه!.
 
لدي أكثر من ملاحظة موثقة، لقيام اشخاص مطلوب توديعهم للحاكم الاداري على خلفية قضية ونزاع هم أطراف فيها، بالتوجه الى المراكز الأمنية، وتقديم شكاوى بحق الطرف الذي اشتكى عليهم أساسا عند الحاكم الاداري، وأصبحوا مطلوبين لديوانه، بينما هم يقومون بكل حرية بتقديم شكاوى جديدة ومتعددة، من خلال لجوئهم الى المراكز الأمنية، وكلها شكاوى تتعلق بجزئيات في القضية الرئيسية المنظورة من قبل الحاكم الإداري!.
 
أنا أعلم تماما حجم الضغط الواقع على رجال الأمن وعلى الحكام الإداريين، وأجزم أن مقدارا كبيرا من هذا الضغط المتمثل بكثرة الشكاوى من قبل المواطنين على بعضهم البعض، ناجم عن هذه الازدواجية، فلماذا لا تحدد وزارة الداخلية من خلال الحكام الإداريين، ومديرية الأمن العام من خلال مراكزها الأمنية، إجراءات وعقوبات وغرامات أيضا، على كل من يشغلهم بجزئيات من قضايا منظورة من قبل إحدى الجهتين، فهي فوق الضغط الذي تشكله على الوزارة والأمن العام، تفاقم الازمات والمشاكل بين الناس، وتفتح هامشا كبيرا للمعتدين على حقوق الآخرين بأن يتنمروا على الناس ويبتزونهم بحقوقهم، من خلال توريطهم بقضايا مفتعلة او كيدية، لا يحق أن يتم النظر فيها او الحكم عليها من قبل جهتين رسميتين؟!.