عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Nov-2025

"أجيال".. كيف تسهم بصناعة القرار التربوي وتحسين جودة التعليم؟

 الغد-آلاء مظهر

في زمن تتسارع فيه التحولات التربوية وتتعاظم فيه الحاجة إلى قرارات تستند إلى بيانات دقيقة، تبرز منصة "أجيال" أداة إستراتيجية لا غنى عنها لصانع القرار التربوي كونها تضع بين يديه مؤشرات دقيقة تساعده في تعزيز جودة التعليم وتطوير السياسات بفعالية أكبر.
 
 
وبينما توفر المنصة منظومة متكاملة من البيانات الإستراتيجية الدقيقة بناء على مؤشرات آنية وشاملة لتساعد صانع القرار في رسم سياسات تستجيب للتحديات وتواكب طموحات التطوير، أكد خبراء تربويون أن المنصة تمثل خطوة نوعية نحو تحسين جودة التعليم، من خلال قدرتها على رصد الفجوات وتوجيه الموارد بكفاءة، بما يعزز العدالة التربوية ويرفع مستوى المخرجات التعليمية.
وبينوا في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن ما يميز هذه المنصة هو قدرتها على تجميع كل المعلومات التربوية في نظام موحد ذكي، بحيث يصبح لدى صانع القرار رؤية شاملة تمكنه من فهم الواقع التربوي في كل مدرسة، وفي كل مديرية، بل وعلى مستوى وطني أيضا.
وكانت وزارتا التربية والتعليم والاقتصاد الرقمي والريادة أطلقتا مؤخرا المنصة الوطنية الموحدة لإدارة المعلومات التربوية والتعلم الإلكتروني "أجيال"، التي تعد أحد أبرز مشاريع التحول الرقمي في قطاع التعليم، من خلال تطوير وتفعيل منصة وطنية ذكية لإدارة المعلومات التربوية والمحتوى الرقمي.
ويأتي إطلاق المنصة كخطوة جديدة في مسيرة التحول الرقمي في المملكة، ضمن الرؤية الملكية في توظيف التكنولوجيا لخدمة الإنسان وتعزيز كفاءته ومعرفته، وبناء اقتصاد رقمي حديث، وتعليم يواكب متطلبات العصر ويهيئ الطلبة لمستقبل يقوم على المعرفة والابتكار.
التقاط النبض التعليمي
وفي هذا الصدد، أكد مدير إدارة مركز الملكة رانيا العبدالله لتكنولوجيا التعليم والمعلومات في وزارة التربية والتعليم المهندس منيب طاشمان، أن نظام إدارة المعلومات التربوية هو المنصة المركزية لجمع وتنظيم وتحليل البيانات التعليمية في الوزارة.
وأضاف طاشمان إن هذا النظام يُعنى بتجميع بيانات من جميع المدارس والمديريات، ليشكّل قاعدة بيانات وطنية شاملة تُستخدم في التخطيط، والمتابعة، والتقييم.
وأوضح أن دور هذه المنصة يمكن وصفه بأنه نظام يلتقط نبض النظام التعليمي بالأرقام، وذلك من خلال عدة مكونات، أبرزها جمع البيانات من الميدان، حيث تُدخل المدارس البيانات عبر نماذج إلكترونية موحدة تشمل بيانات الطلبة والمعلمين والأبنية والبرامج والنتائج المدرسية.
وتعتمد هذه العملية على آلية دورية (فصلية أو سنوية)، وأحيانا آنية حسب الحاجة.
ويضاف إلى ذلك التحقق من صحة البيانات عبر تطبيق أدوات تحقق آلية (Validation Rules) للتقليل من الأخطاء، بالإضافة إلى مراجعة المدخلات من قبل مديريات التربية قبل اعتمادها مركزيا.
وأكد أن البيانات تُجمع مركزيا؛ إذ تُدمج من جميع المديريات في قاعدة بيانات واحدة، مما يتيح إنتاج مؤشرات تربوية على مستوى المدرسة والمديرية والوزارة.
وأشار إلى أن هذه البيانات تساهم في إنتاج مؤشرات وتقارير مثل نسب الالتحاق والتسرب وكثافة الصفوف ونسبة الطلبة إلى المعلمين والفجوات الجندرية وغيرها، إلى جانب توليد تقارير تحليلية تُستخدم لدعم صانع القرار في الوزارة.
وأكد طاشمان أهمية منصة (أجيال) في دعم صنع القرار، لكونها توفر بيانات دقيقة وحديثة تساعد الوزارة على تقييم الوضع التعليمي بموضوعية، فضلا عن إعداد الخطط السنوية والتقارير الدورية، ومساعدتها في إدارة الموارد بفعالية، مثل توزيع المعلمين وتحديد المدارس المحتاجة إلى توسعة وتحسين البنية التحتية، كما تدعم الشفافية والمساءلة من خلال مؤشرات قابلة للقياس والمقارنة بين المديريات.
"أجيال" وصناعة القرار التربوي
من جهته، يرى الخبير التربوي فيصل تايه، أن منصة أجيال تمثل اليوم إحدى أكثر المبادرات التربوية طموحا في الأردن، فهي ليست مجرد أداة تعليم إلكترونية، بل بنية تحتية معرفية تستهدف إعادة تشكيل منظومة صناعة القرار التربوي عبر بيانات دقيقة ومتكاملة. 
وبين تايه أن ما يميز المنصة قدرتها على تجميع كل المعلومات التربوية، من بيانات الطلبة، والمعلمين، والحضور، والغياب، والأداء في التقييمات الرقمية، والمحتوى التفاعلي، والخطط التدريسية، في نظام موحد ذكي، بحيث يصبح لدى صانع القرار رؤية شاملة تمكنه من فهم الواقع التربوي في كل مدرسة، ومديرية، وعلى مستوى وطني، دون تشتيت أو وجود فراغات معلوماتية.
وأكد تايه أن هذه الشبكة المتكاملة من المعلومات تترجم في لوحات قياس ذكية (dashboards) وتقارير فورية تحدث باستمرار، ما يمنح المسؤولين القدرة على رصد المؤشرات التربوية بشكل لحظي، فحينما يلاحظ صانع القرار تراجعا في أداء بعض المدارس، أو انخفاض معدلات الحضور في مناطق معينة، أو ارتفاعا في نسبة الغياب، يمكنه أن يتدخل بسرعة عبر تحليل هذه المؤشرات الفورية، وأن يوجه التدخلات حيث تكون الحاجة ماسة، سواء بإرسال فرق دعم، أو بتعديل السياسات أو إعادة توزيع الموارد.
موثوقية وأمان
وقال تايه إن الأمان والموثوقية عنصران محوريان في أجيال، فالمنصة مستضافة على السحابة الحكومية الخاصة (GPC)، وهو ما يضمن حماية البيانات واستمراريتها، ويقلل من مخاطر الاختراق أو الفقدان، ما يعني أن المؤشرات التي تنبثق من المنصة ليست مؤشرات سطحية أو عرضية، بل مبنية على بيانات موثوقة، تمنح صناع القرار ثقة كبيرة في اتخاذ خطوات إستراتيجية.
وأضاف إن الربط بين أجيال وبوابة سند الرقمية، يعد نقطة قوة كبيرة في هذه المنظومة، فبفضل هذا التكامل، يتم توسيع نطاق البيانات ليشمل أولياء الأمور، الذين يمكنهم من خلال "سند" متابعة درجات أبنائهم، وطلب النقل، والتحقق من سجلاتهم، وإصدار بعض الخدمات، لافتا إلى أن هذا الربط يخلق تفاعلا أوسع، ويغني المؤشرات التربوية بعنصر الأسرة، ويمنح صناع القرار صورة أوضح عن مدى تفاعل أولياء الأمور مع العملية التعليمية.
وأكد أن الأهمية الحقيقية لهذه المؤشرات لا تتجلى فقط في جمع البيانات، بل في قوة تأثيرها على تحسين جودة التعليم، من خلال البيانات الفورية والتحليلات الذكية التي توفرها المنصة، بحيث يمكن رسم إستراتيجيات موجهة وحقيقية، فمثلا إذا أظهرت المؤشرات أن بعض المدارس أو الطلاب يعانون من ضعف في مواد معينة، يمكن تطوير محتوى رقمي ملائم أو وحدات تفاعلية إضافية، أو تصميم دورات تقوية أو دعم حتى قبل أن يتفاقم الخلل التربوي.
وأضاف: "تسمح التقييمات الرقمية التي تدمجها المنصة بمراقبة أداء الطلبة في الوقت المناسب، وليس فقط من خلال اختبارات دورية تقليدية بعد فترات طويلة، وهذا النوع من التقييم المستمر يمنح المعلمين القدرة على التكيف مع احتياجات الطلاب بصورة فورية، سواء بمنح دعم إضافي لطلبة يعانون، أو تقديم تحديات إضافية للمتفوقين، وبالتالي يتحقق تعليم مخصص وشخصي يلبي احتياجات كل طالب."
واعتبر تايه أن وجود هذه البيانات الشاملة يعزز مبدأ المساءلة والشفافية في النظام التعليمي، فصانع القرار يمكنه تقييم مدى فعالية سياساته أو برامجه عبر مؤشرات موضوعية، وليس مجرد فرضيات، كما يمكن إشراك أولياء الأمور من خلال عرض النتائج وتطور الأداء، ما يخلق نوعا من الشراكة التربوية الحقيقية بين الوزارة والمجتمع المحلي.
واوضح أن منصة أجيال تعد بوابة مهمة نحو مستقبل يعتمد على الذكاء الاصطناعي والتحليلات التنبؤية، بالنظر إلى البنية الرقمية التي توفرها المنصة، والبيانات الضخمة التي تجمعها، حيث يمكن مستقبلا استخدام خوارزميات تنبؤية للتعرف مبكرا على مؤشرات أخطار مثل التسرب أو الانخفاض في الأداء، وبالتالي اتخاذ إجراءات استباقية، ما يعني ليس فقط تحسينا مستمرا في جودة التعليم على المدى القريب، بل بناء نظام تربوي ذكي وإستراتيجي قادر على التكيف مع التحديات المستقبلية.
وأكد أن المنصة تمثل نقطة تحول حقيقية، فهي أداة تكنولوجية مطورة، لكنها في الوقت نفسه أداة تربوية قوية جدا لصناعة القرار، بفضل المؤشرات الفورية والدقيقة التي توفرها، ويمكن للوزارة والإدارات التربوية أن تتحرك بسرعة أكبر، وتخطط بذكاء، وتقيم بصدق، وتبتكر بوعي، ومن خلال ذلك تتحقق جودة تعليم أعلى، لأن التخطيط لا يكون بناء على مفترضات، بل على معرفة واقعية مدعومة ببيانات حديثة وشاملة.
استجابة لرؤية التحديث
من جانبه، أكد الخبير التربوي عايش النوايسة، أن منصة أجيال تأتي استجابة لمشروع التحديث الاقتصادي ولإستراتيجية التطوير الرقمي.
وأضاف النوايسة أن إطلاق هذه المنصة يمثل خطوة نوعية نحو تحسين جودة التعليم، من خلال قدرة المنصة على رصد الفجوات وتوجيه الموارد بكفاءة، بما يعزز العدالة التربوية، ويرفع مستوى المخرجات التعليمية.
ورأى أن هذه المنصة تأتي استجابة للتحول الكبير في أدوات التكنولوجيا، وتحولا نوعيا في توظيف التقنية في التعليم وصناعة القرار التربوي، فهي بمثابة نظام إدارة معلومات تربوية وتعلم إلكتروني موحد يهدف إلى استبدال الأنظمة السابقة مثل "الإيميس" لتوحيد جميع الخدمات التعليمية والإدارية في مكان واحد، ووفق أفضل الممارسات، وتعزيز دور الوزارة في إدارة الأنظمة الإلكترونية والإفادة منها في تحسين وتطوير وتجويد التعليم.
وبين أن منصة أجيال تعد علامة فارقة في مسيرة التحول الرقمي في التعليم الأردني، إذ تجسد نموذجا متقدما للشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، وهي ركيزة أساسية في رؤية الأردن المستقبلية، لما تحققه من توازن بين الخبرة المؤسسية الحكومية والابتكار التقني المتسارع.
ولفت النوايسة إلى أن المنصة تعد القلب النابض للتعليم الذكي في المملكة، إذ تخدم أكثر من 1.9 مليون مستخدم من الطلبة والمعلمين والإداريين ضمن ما يزيد على 4000 مدرسة حكومية في مختلف محافظات المملكة، وتستند المنصة إلى البنية التحتية للحوسبة السحابية الحكومية (GPC)، بما يضمن أعلى مستويات الأمان والاستقرار واستمرارية الخدمة، وتوفر بيئة تعليمية رقمية متكاملة تشمل إدارة الكتب الإلكترونية، والاختبارات والتقييمات الرقمية، والخطط الدراسية، والمحتوى التفاعلي، إضافة إلى الحصص الافتراضية. 
وأكد أن المنصة تتيح أدوات تحليل متقدمة، ولوحات بيانات ذكية تمنح صانعي القرار رؤى دقيقة وفورية، تسهم في رفع كفاءة التخطيط وتطوير جودة العملية التعليمية، لافتا إلى أنها تعد بوابة للتكامل الرقمي مع الخدمات الحكومية عبر منصة "سند"، ما يتيح لأولياء الأمور تفاعلا مباشرا وسلسا مع النظام التعليمي من خلال خدمات إلكترونية تشمل التسجيل، وطلبات النقل، وتتبع العلامات، واستخراج الشهادات، لتشكل تجربة تعليمية رقمية متكاملة وشفافة.
وأشار إلى أن الأردن بهذا الإنجاز يخطو بثبات نحو مرحلة جديدة من تحديث التعليم، عبر تمكين الطلبة والمعلمين من أدوات رقمية مبتكرة، وصقل مهارات جيل جديد من القادة الشباب المبدعين، القادرين على الإسهام في بناء اقتصاد معرفي تنافسي يعزز مكانة الأردن إقليميا ودوليا.