عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-May-2020

اعتقال سليمان الريسوني رئيس تحرير «أخبار اليوم» المغربية على خلفية تهمة أخلاقية

 

 محمود معروف
 
الرباط -« القدس العربي»: بعد إيداع الصحافي المغربي سليمان الريسوني، رئيس تحرير صحيفة أخبار اليوم المستقلة، في السجن، على خلفية تهمة أخلاقية، يفتح من جديد ملف علاقة آل الريسوني وصحيفة «أخبار اليوم» وصحافييها مع السلطات، وهي العلاقة التي تأخذ دائماً بعداً “أخلاقياً” تجده السلطات الخيط الذي يسمح لها بمتابعة أفراد عائلة “مزعجة” وصحيفة لا تتوقف عن انتقاداتها الشديدة والقاسية أحياناً. أودع الصحافي الريسوني بالسجن، ومتابعته بحالة اعتقال بتهمة “هتك العرض بالعنف والاحتجاز” على خلفية ادعاء شاب “مثلي” بتعرضه قبل سنتين للاغتصاب من طرف الريسوني.
وإلى يوم 11 حزيران/ يونيو المقبل، الذي حدده قاضي التحقيق، موعد جلسة الاستنطاق التفصيلي للريسوني، سيكون الريسوني وقضيته محل جدل في الأوساط الصحافية والحقوقية والسياسية، تسنسخ الجدل الذي أثاره في نهاية آب/ أغسطس الماضي بعد اعتقال الصحافية في «أخبار اليوم» هاجر الريسوني، وهي ابنة شقيق سليمان، بتهمة الإجهاض والعلاقة غير الشرعية، وهو الاعتقال الذي أسفر عن الحكم عليها بالسجن سنة نافذة وأثار استنكاراً واسعاً مغربياً ودولياً، توقف بعد تدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس بالعفو عنها وعن من معها في الملف، وتضمن قرار العفو نقداً ضمنياً للشرطة والمحكمة.
وكان قد اعتقل يوم الجمعة الماضي، وملف أخبار اليوم ما زال مفتوحاً منذ اعتقال توفيق بوعشرين، رئيس تحريرها ومالكها، الذي حكم عليه قبل عامين بالسجن النافذ 15 عاماً، بعد إدانته بتهم “الاغتصاب والاتجار بالبشر” لمجموعة من النساء تهاطلت فجأة شكايتهن في شباط/ فبراير 2018.
وأحالت الشرطة القضائية في ولاية أمن الدار البيضاء صباح الأحد الصحافي الريسوني، أمام الوكيل العام للملك (النيابة العامة) في محكمة الاستئناف في الدار البيضاء. وذلك بعد الاستماع لأطراف لها علاقة بالشكاية المقدمة في حقه من طرف المثلي يتهمه فيها بـ”الاعتداء الجنسي”، بمن فيهم زوجته التي جرى الاستماع إليها الأحد من طرف الشرطة وليقرر قاضي التحقيق بعد الاستنطاق متابعته بحالة اعتقال وتحديد يوم 11 حزيران/ يونيو المقبل موعداً للاستنطاق التفصيلي بتهمة هتك العرض بالعنف والاحتجاز والتي يعاقب عليها القانون بـ”السجن من خمس إلى عشر سنوات من هتك أو حاول هتك عرض شخص ذكراً كان أم أنثى مع استعمال العنف”.
 
*تهمة الاعتداء الجنسي
 
واعتقل الريسوني، من طرف عناصر أمن بالزي المدني، من أمام مسكنه، حيث تم اقتياده إلى ولاية أمن الدار البيضاء وإخضاعه لتدابير الحراسة النظرية رهن بحث تمهيدي بعد أيام على نشر مثلي الجنس، تدوينة يتهمه فيها بـ”الاعتداء الجنسي” قبل عامين. واستمعت الشرطة يوم الأحد، الذي صادف عيد الفطر في المغرب، لزوجة الريسوني، الناشطة خلود المختاري، بالإضافة إلى المدعي مثلي الجنس محمد آدم.
وأكدت الشرطة أنها باشرت الإجراءات المسطرية المطلوبة بأمر من النيابة العامة المختصة، لضرورة وحاجيات البحث، في حق الريسوني، وأنها أوفدت لهذه الغاية موظفتين للشرطة بجانب ضابط الشرطة القضائية المكلف بالبحث، وذلك ضماناً للتطبيق السليم للمقتضيات القانونية ذات الصلة، نافية بشكل قاطع “المزاعم والادعاءات التي نشرتها بعض المواقع الإخبارية، والتي ادعت فيها بأن فريقاً أمنياً كبيراً حضر لمنزل الريسوني الذي كان يوجد رهن تدبير الحراسة النظرية على خلفية بحث تمهيدي، وأن هذا الإجراء المسطري “سيتم دون موافقة خطية صريحة مسلمة من طرفه للقيام بالتفتيش”.
وتم تسريب شريط اعتقاله ويظهر أربعة من رجال الشرطة أمام منزله بعد أن نفت الشرطة بشكل قاطع “المزاعم والادعاءات التي نشرتها بعض المواقع الإخبارية، والتي ادعت فيها بأن فريقاً أمنياً كبيراً حضر لمنزل الريسوني الذي كان يوجد رهن تدبير الحراسة النظرية على خلفية بحث تمهيدي، وأن هذا الإجراء المسطري “سيتم دون موافقة خطية صريحة مسلمة من طرفه للقيام بالتفتيش”.
وقد تكون الصدفة أن يتم الاعتقال في اليوم الذي ينتقد فيه ما نشرته “وسائل إعلام مغربية، بحياد يشي بعضه بالابتهاج، عن وصول عشرة وزراء من أصول مغربية إلى حكومة بنيامين نتانياهو وبيني غانتس، وكأن هؤلاء الوزراء سيدخلون الكنيست لأداء اليمين الدستورية حاملين غصن زيتون بيد وباليد الأخرى خطة سلام وإنصاف الفلسطينيين، أو كأنهم سيقتطعون قليلاً من وقتهم ويحركون كثيراً من لوبياتهم في العواصم العالمية للدفاع عن مصالح المغرب وقضاياه الاستراتيجية، بالحماس نفسه الذي يدافعون به عن سياسات الاحتلال. والحال أن أيدي بعض هؤلاء الوزراء ملطخة بالدم الفلسطيني، ومن تبقى منهم يتعطشون إلى هذا الدم الذي لا يكتمل “المجد الصهيوني” إلا باستباحته”.
وأضاف: “عندما يكون لديك أخ دموي، فإن أقل ما يمكن أن تقوم به هو أن تتوقف عن المفاخرة بعلاقة الدم التي تربطك به. إن من يردد أسطوانة “مغاربة إسرائيل يتحدثون خيراً عن العرب في فاس وتطوان والصويرة ووزان ويحنون إليهم” ويصمت عن أنهم يكرهون العرب ويقتلونهم في القدس ويافا وحيفا… يشبه، إلى حد كبير، من يقول إن الدواعش يحنون إلى المسلمين في عهد الرسول (ص) ويصمت عن أنهم يقتلون المسلمين في سوريا والعراق وليبيا”. وقال إن المناضل المغربي من أبوين يهوديين، سيون أسيدون، التقط ذلك بقوله “إن مغاربة إسرائيل لا يختلفون عن الدواعش المغاربة، فهما، معاً، يرتكبان جرائم حرب ضد الإنسانية، إذ إن الحاصلين على الجنسية الإسرائيلية جنود احتياط مدربون على السلاح، وأغلبهم لن يتردد في قتل الفلسطينيين وغيرهم من شعوب الجوار إذا تلقى أمراً بذلك. فلماذا نعتقل الدواعش حال عودتهم إلى المغرب، ونفتح أذرعنا وبرلماننا لشخص مثل عمير بيرتس الذي قتل أطفال ونساء غزة، وقصف لبنان بلا رحمة في 2006 عندما كان وزيراً للدفاع؟”.
 
*تبادل الاتهامات
 
وفي وقت يستفيد دعاة الحريات الفردية والمدافعون عن المثلية من قضية الريسوني لـ”يشرعنوا” المثلية كما استفادوا من قضية هاجر الريسوني للدفاع عن حرية العلاقات الجنسية والإجهاض، قال عبد المولى المروري، محامي الصحافي سليمان الريسوني، إنه يتعرض لحملة ممنهجة وشرسة “مؤطرة من طرف أشخاص مجهولين، بسبب تدوينة استفهامية ومجردة، لا تحمل أي اسم أو بلد ولا تعني أي شخص” تعليقاً على إعلان مثلي الجنس أنه تقدم بشكوى ضد المروري بتهمة التحريض ضده وانتهاكه لحقوقه الدستورية.
وقال محمد آدم: “بعدما اطلعت على تدوينة المحامي عبد المولى المروري التي تنزع مني مواطنتي وحقي في اللجوء إلى القضاء واحتمائي بالقانون وبالدستور المغربي والمواثيق الدولية قررت أن أضع شكاية ضد هذا الشخص الذي يبدو أن عماءه الأيديولوجي أنساه أننا نعيش في بلد تحكمها قوانين ومؤسسات وليس في غابة يتغول فيها القوي على الضعيف”، وأن هذه التدوينة “تُحرض بشكل خطير على الكراهية والعنف ضد شخصي، مما يعتبر ترهيباً حقيقياً وجريمة يعاقب عليها القانون”، مسترسلاً: “أصبحت أشعر بخوف شديد على سلامتي الجسدية”، وفق تعبيره.
وأكد المحامي المروري أنه كتب في تدوينته محل شكاية مثلي الجنس: “هل فعلاً تم قبول شكاية شخص يتبجح بأنه “مثلي” (يعني من قوم لوط) يدعي فيها تعرضه لمحاولة اغتصاب؟ من أولى بالاعتقال؟ في أي بلد يقع هذا؟ عجيب أمر هؤلاء!”.
وأوضح: “ما هو ملاحظ فإن التدوينة لا تحمل لا اسم المشتكي ولا اسم المشتكى به ولا اسم أي بلد، وهي – فقط – عبارة عن استفهامات وتساؤلات مجردة خالية من أي تحريض أو دعوة إلى كراهية أو أي من الإشاعات التي روجت بسببها. وقد استغل بعض المجهولين هذه التدوينة وحملوها معاني غير موجودة وغير مقصودة، ولا يخرج هدفها ومضمونها عن تلك التساؤلات المجردة عن أي أشخاص. وللمزيد من التضليل والتهييج ادعى أحدهم أنه هو المقصود بها ويعتزم وضع شكاية ضدي، فأين اسم هذا الشخص في هذه التدوينة حتى يضع هذه الشكاية؟ وأين العبارات التي تستهدفه؟ وأين عبارات التحريض والكراهية التي يدعيها؟ وأين الدعوة في التدوينة إلى اغتصاب المثليين واعتقالهم كما يدعي المغرضون؟”.
وأضاف المروري أن “هذه التدوينة لا علاقة لها بكوني محامياً للصحافي سليمان الريسوني، لأني كتبتها يوم الجمعة، أي قبل تكليفي الذي كان يوم السبت، وبالتالي هو ربط يستهدف التشويش والتضليل”، وقال إن “البعض باتهامي بالداعشية ووصفني بـ”أبو جهل”، وكنت عرضة أيضاً لمئات الاتهامات والسب والقذف والإهانات والتهديدات التي استهدفتني وأسرتي عبر صفحات الفيسبوك من طرف المئات من الأشخاص المجهولين، مما يؤكد أنها حملة ممنهجة ومنظمة لبث الرعب والخوف وتحريض رخيص، كل ذلك بهدف الضغط علي لأسباب مجهولة”.
وأكد احتفاظه بحقه “في سلوك جميع المساطر القانونية من أجل حماية نفسي من هذه الحملة المغرضة في مواجهة كل من أساء إلي بالسب والقذف والتهديد” ودعا النيابة العامة إلى تحمل المسؤولية في فتح بحث عاجل في “هذه الحملة وحمايتي من أي اعتداء مادي أو معنوي يستهدفني، والإساءة إلى سمعتي ومستقبلي المهني”.