عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jan-2020

لـــروح غـــادة أبـــو يــوسف - نيفين عبد الهادي
 
الدستور-  ليت هناك لغة تخطّ ما بقلبي وروحي أحرفها من الدمع.. هل يعقل غادة أنك غادرتينا، «يا حبيبة قلبي»، غادة لعلّي لا أصدق رغم رؤيتي لك وأنت تعانين المرض لقرابة العام، لكني لم أصدّق يوما أني سأتلقى خبر وفاتك، ورغم خوفي وقلقي وتسارع نبض قلبي خلال الشهرين الماضيين عند رنين هاتفي خوفا من تلقي هذا النبأ، كنت أصارع الفكرة ولا أصدقها.
لم أصدق أن مكالمتي أمس مع صديقتنا الصدوقة كوثر صوالحة التي كنت بها «يا غادة» أساسا في الكثير من حوارنا، إلاّ وعادت كوثر للاتصال بعد دقائق لتخبرني بنبأ وفاتك، بتمهيد كثير لتقنعني بحقيقة الخبر، حتى هذا لم يجعلني أصدق، ليتبعها هاتف من صديقتنا «يا غادة» الصدوقة أمان السائح، لتقول لي ذات الخبر، هو الخبر الذي لم أرغب بتصديقه للحظة، وكان مثار نقاش دوما مع أمان وكوثر، بأمل بسيط أنك عائدة بيننا تزينين «لمّتنا»..
غادة جاورتني في المكتب بالجريدة لأكثر من (15) عاما، لم يكن جوار المقاعد فحسب، إنما جوار القلوب وحتى العقل، والتفاصيل كافة الإجتماعية منها والإنسانية، والمهنية، عندما كان أحدهم يسأل عنك كان يسأل أين توأمك، أو أين نصفك الآخر، تشاركنا معا الضحكة والدمعة، الفرح والحزن، لم نكتف بيوم عملنا بل كنّا نكمله بمكالماتنا الهاتفية التي تمتد لأكثر من ساعة في كثير من الأحيان، نحكي ونشكي ولم تخل أي مكالمة من عشرات النصائح فأنت صاحبة العقل الكبير والمتزن، وصاحبة التفكير المنطقي بكل تفاصيل الحياة.
غادة لمن لا يعرفها، كريمة الخلق، والقلب، والعواطف، وكريمة بأعلى درجات الكرم في منزلها، الذي لم أزرها يوما إلاّ وسارعت لإعداد أفضل «سفرة» ووجبات «بيتوتية» من ألذ ما يمكن أن يذاق، ولا يمضي موسم العنب أو الزيت أو أي خير من خيرات الوطن، إلاّ وتصلنا «صديقاتها» منها حصّة، وفي أكثر أيام مرضها كانت تصرّ على الإتصال بي والإطمئنان على صحتي وأوضاع أسرتي سائلة عن كل فرد بالإسم، كثيرة هي غادة بالحب والوفاء والعطاء الذي جعل منها حالة لن تتكرر مهنيا وانسانيا.
غادة، لأول مرة أوجعتني، نعم فأنت لم توجعي أحدا، لكنك اليوم أوجعتني، بنبأ وفاتك، رحلت يا غالية بكل هدوء، حتى في أكثر حالاتك صراعك للمرض، الذي كنت تصرين على مقاومته وتحديه، لكنه للأسف نال منك، رغم كل معاناتك كنت تحرصين على اخفاء وجعك وتوجيه النصائح لنا واستيعابنا في كل مرة نزورك بها، فكنت غادة كما عرفناك من الداخل، حنونة، متزنة، واعية، تحبين من حولك عملا لا قولا، لكنه انتصر عليك «السرطان».
غادة، هل أبكيك أم أبكي حالنا من بعدك، كنت سأزورك أنا وأمان وكوثر صباح اليوم، لكنا تجرّعنا وجع فراقك فقد سبقتنا يد الموت، هزمنا جميعا مرضك وأوجعنا جميعا فراقك، ليتني أقوى على تصديق ذلك، من سيمنحي القوة اليوم، ومن كنت أستمد منها ذلك رحلت، وفاتك غادة كسرة بداخلي كلّ ألق.
رحمك الله غادة الزميلة والصديقة وكل الحنان.