عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    12-Feb-2019

«إسرائيل» ما بين الفكرة والدولة القومية الحلقة الثانية والخمسون - عبدالحميد الهمشري
 
الدستور - تلويث البيئة في محافظة رام الله والبيرة وباقي الأراضي الفلسطينية - 2 -
 التأثيرات البيئية للمستوطنات كثيرة وخطيرة خاصة على الغطاء النباتي والمياه الجوفية؛ ما يهدد الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية، وسيظل أحد أساليب التهجير القسري بعد تغييرات أجرتها وما زالت تجريها تتناقض مع حضارة وتراث الشعب الفلسطيني، فهناك تباين بين طراز العمارة العربية الفلسطينية وطراز العمارة الاستيطانية الصهيونية، ومن الأعمال التي قامت بها الدولة العبرية في الأراضي المحتلة، خرقها الجبال وتشويه قممها بالطرق الالتفافية الإسفلتية وزراعتها بالمستوطنات التي تتباين معمارياً مع نمط المنطقة، وهذا أدى إلى تشويه منظر الجبال الخضراء المزروعة بالأشجار والمراعي التي تشكل جزء مهما من مقومات اقتصاد الفلسطيني، ناهيك عن إقامتها للأسلاك الشائكة والجدران حتى حرمت الزواحف والحيوانات البرية والداجنة من السعي لطلب رزقها ولتكمل دورة الحياة من خلالها، إن من لم ينتمِ للأرض يشوهها ويغتال بيئتها، فالدولة العبرية لم ولن تنتمِ لهذه الأرض، فاغتالت البيئة الفلسطينية بكل أشكالها من خلال الاستيطان، حيث تقوم المستوطنات بضخ ملايين الأمتار المكعبة من المياه العادمة في الأودية وفي الأراضي الفلسطينية، ففي الضفة الغربية وحدها، بلغت كمية المياه العادمة التي تضخها المستوطنات الإسرائيلية التي يقطنها حوالي 350000 مستوطن حوالي 40 مليون متر مكعب سنوياً، جزء كبير منها في محافظة رام الله والبيرة، في حين أن كمية ما ينتجه المواطنون الفلسطينيون في الضفة الغربية 33.72 مليون متر مكعب، علماً بأن عدد سكان الضفة الغربية قد بلغ ما يربو على المليوني نسمة، وهكذا فإن كمية المياه التي ينتجها المستوطنون تفوق كثيراً ما ينتجه السكان الفلسطينيون، هذا بالإضافة إلى أن 90% من مساكن المستوطنات متصلة بشبكات صرف صحي، إلا أن نسبة ما يعالج منها لا تتجاوز 10% من كمية المياه المنتجة، أما المياه العادمة للمستوطنات، فإنها تصب كما ذكرنا في الأودية الفلسطينية وفي حوض نهر الأردن بل تتجاوز ذلك إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية ومن الأماكن التي تنصرف إليها المياه العادمة للمستوطنات، وادي النار الذي تنصرف إليه المياه العادمة من المستوطنات المحيطة بالقدس بمعدل 30000 متر مكعب يومياً، وكذلك منطقة شمال شرق مدينة الخليل الذي تتسرب إليها المياه العادمة الناتجة عن مصانع الخمور في المستوطنات فوادي قانا بين نابلس وقلقيلية وتتسرب فيه المياه العادمة الناتجة عن مستوطنات أريئيل ومجموعة المستوطنات في المنطقة.
وكذلك، فإن مياه المستوطنات تنصرف في أودية حبلة جنوب قلقيلية وزواتا في نابلس ووادي المقطع في جنين ووادي السمن في الخليل، وبذلك فإن المياه العادمة تلعب دوراً كبيراً في تلوث البيئة الفلسطينية، فهي تعمل على تلويث المياه سواء أكانت في الخزان الجوفي أو المياه السطحية، فتعمل على زيادة نسبة الأملاح وتزايد نسبة النترات؛ ما يجعل المياه غير صالحة للاستخدام الآدمي، وحتى غير صالحة للاستخدام الزراعي كما هو الحال في مياه نهر الأردن، كما تعمل المياه العادمة على تلويث الأراضي الزراعية والمزروعات، إذ إن تركيز أملاح الصوديوم في التربة التي تتعرض للمياه العادمة، يعمل على انسداد مساماتها وتصبح غير قابلة للزراعة؛ الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى تصحر الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى ما ذكرنا من نشر الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات الضارة وانتشار الأوبئة. 
* كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني