عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jan-2019

عندما یموِّه الجیش.. الیمین یفوز - أفنیر غبریاھو
ھآرتس
 
 
الغد- رئیس أركان یخرج ورئیس اركان یدخل. وداعا یا أیزینكوت وأھلا وسھلا یا كوخافي. بعد اربعین سنة من الخدمة العسكریة، منھا أربع سنوات باعتباره الجندي رقم واحد، خلع أیزینكوت الزي العسكري وتحول إلى مواطن عادي. كلمات كثیرة ستكتب عنھ كقائد وعن الجیش الإسرائیلي تحت قیادتھ. ولكن في كل ما یتعلق بالموضوع الاكثر حسما، سیطرة إسرائیل على الضفة الغربیة والحصار على قطاع غزة، یمكن منذ الآن القول إن ولایة الجنرال أیزینكوت كانت استمرارا مباشرة ومتطورا لولایات أسلافھ.
مرحلة أیزینكوت في العملیة یمكن تمییزھا من خلال التوتر الذي نشأ بین حادثتین موثقتین وبارزتین: الموقف المصمم الذي عبر عنھ أیزینكوت في قضیة الیئور ازاریا من جھة. واطلاق النار القاتل للجنود الذي تسبب بموت أكثر من 200 متظاھر على الحدود في القطاع.
بین ھاتین النقطتین یمر خط واحد وواضح ”تعلیمات عسكریة“. في حین أن ازاریا قدم للمحاكمة
بعد توثیقھ وھو یقتل خارقا لتعلیمات فتح اطلاق النار للجیش، فإن اطلاق النار الكثیف عل متظاھرین، معظمھم غیر مسلحین، تم وفقا لھذه التعلیمات. ھكذا على الاقل قررت في ھذا الصیف النیابة العسكریة التي تبنت بشكل عام جھود التحقیق الخاصة بقیادة الأركان وقررت فتح تحقیق فیما یتعلق بظروف قتل متظاھرین. ولكن كل من خدم في المناطق یعرف بأنھ لا یوجد شيء غامض، متغیر وقابل للتفسیر أكثر من تعلیمات فتح إطلاق النار.
”بین المكتب في مقر وزارة الأمن وبین ما یحدث على الارض یقف اشخاص. ھؤلاء الاشخاص یتلقون تعلیمات خطیة واقوال شفویة وخفیة، التي یوجد فیھا تناقض كبیر وازدواجیة كبیرة. نفس القادة الذین یقرأون أمرا ما، یبثون لھم أمر مختلف تماما“، كتب عوفر شیلح في 2006 قبل تحولھ إلى سیاسي. ھذه الفجوة بین المكتوب والمسموع، حقیقة أن الواقع ھو الذي یملي الإجراءات، ھي فقط لبنة واحدة من لبنات جھاز الاحتلال العسكري، الذي تطور وھو یشمل الآن أیضا طبقتین من التمویھ، الطبقة القضائیة والطبقة المتعلقة بالوعي.
الرد شبھ التلقائي للمتحدث بلسان الجیش الذي یكرر اعلانھ للجمھور بأن ”كل شيء تمام“، ینحرف عن دور الجیش باعتباره الذراع التنفیذیة للمستوى السیاسي. التفسیر یتحول إلى تسویغ.
وباجتیازه ھذا الخط یتطوع الجیش، لیس لصالحھ ولا لصالحنا، بأن یحول نفسھ إلى جھاز دعایة لمعسكر مؤیدي الاحتلال ومؤیدي الیمین.
رغم أن معظمنا نعرف كیفیة التعامل مع المتحدثین بلسان الیمین ومن یؤیدون الاستیطان بالشك
المطلوب، إلا أنھ عندما یسمي ضباط برتب رفیعة المتظاھرین غیر المسلحین بالمخربین، ویصفون روتین عنف الاحتلال كحاجة أمنیة أولى، فإن الجمھور في إسرائیل یجد صعوبة في تصدیق أنھ من وراء الجدران یعیش بنو بشر.
مثلا، ھكذا كان الامر في حالة قتل المسعفة رزان النجار في بدایة شھر حزیران. ثلاث مرات غیر المتحدث بلسان الجیش روایتھ عن الحادثة، إلى أن أحسن صنعا المتحدث باللغة العربیة في وصفھ عندما عرض صورتھا مع أجنحة مرسومة وقال إن ”رزان النجار لم تكن ملاك رحمة“.
حقیقة أن تحقیقات شاملة اثبتت أن المسعفة من غزة قتلت بسبب الاھمال من قبل جنود الجیش،
وأنھ لم یكن ھناك ما یھدد حیاتھم بالخطر عند اطلاقھم النار، لن تغیر الصورة التي نقشت في الوعي وتم التوقیع علیھا من قبل الجمھور الإسرائیلي.
یمكننا فقط تخیل وضع كان فیھ رئیس الاركان أیزینكوت یقول لرئیس الحكومة اثناء الاعداد لمسیرات العودة في غزة: ”اجل، سیدي، المھمة الامنیة واضحة. الجیش سیمنع اقتحام الجدار وسیستخدم كل الوسائل من اجل ذلك. ھذا سیشمل اطلاق النار الحیة واسعة النطاق، الذي یعني أن الكثیر من المدنیین سیقتلون.
أنا سأنفذ، لكن أنت، فقط أنت، ستواجھ التداعیات وستقدم التفسیرات“. اذا كان ھذا السیناریو یبدو مرفوضا، فإن ھذا یبدو أنھ بسبب حقیقة أن تعودنا على الاسھام في التفسیر الذي یعطیھ الجیش لمن یؤیدون الاحتلال، إلى درجة تبدو فیھا طبیعیة. إلا أنھ من المھم أن نقول ونذكر بأن مھمة الجیش لیس اخفاء الحقیقة عن الجمھور، لأن المھمة التي ارسل لتنفیذھا ترتبط بالعنف وسلب الحقوق الاساسیة الثابتة. دوره كجسم ارسل لتنفیذ مھمات باسم المجتمع الإسرائیلي ھو أن یبلغ عن الحقیقة ویقول – اجل، ھكذا كان الامر. ھذا ھو الاحتلال وھذا ثمنھ.
حقیقة أن جیش الشعب الذي یحظى بثقة الجمھور الساحقة ویتطوع للدفاع عن سیاسة الحكومة،
تحول الجیش إلى المتحدث رقم واحد باسم الاحتلال والدفاع عنھ إلى أمر واضح. نحن كمجتمع یسھل علینا تجاھل ما یعرفھ كل جندي خدم ذات یوم في المناطق: من اجل صیانة الاحتلال، الامر یحتاج إلى استخدام العنف الیومي. من یؤیدون الاحتلال مطلوب منھم اخفاء ھذه الحقیقة البسیطة، ولو بسبب التأثیر المدمر لھذا العنف علینا جمیعا.
ھؤلاء الضباط یمثلون الحلم السیاسي للیمین الاستیطاني امام العدسات. ھذا أیضا ھو تدخل أجنبي في الانتخابات، لیس من قبل روسیا، بل من قبل جسم رسمي ومحاید ظاھریا، ولكن تأثیره حاسم.
بعد فترة التجمید المحددة ربما سینضم المواطن أیزینكوت إلى أسلافھ، ویطلب تغییر الواقع الذي ساھم في ترسیخھ. في حینھ، عندما یرید تحطیم الصمت، سیواجھ أیضا صعوبة في اختراق سور الانكار. وھو سیحسن الصنع اذا منح الجمھور تقریرا عن الاحتلال وتأثیراتھ. وسیكون من المھم اكثر، لو أن من سیعقبھ في المنصب، الجنرال أفیف كوخافي، یقوم بالغاء اجراء ”الید السھلة على الزناد“.