عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jul-2024

الدور الأردني في حماية الحق الفلسطيني*د. أشرف الراعي

 الغد

منذ نشوء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قبل أكثر من سبعين عاماً، ظل الفلسطينيون الضحية الأبرز في هذا النزاع المستمر، وخلال هذه الفترة، وحتى اليوم كانت الدول الغربية وما زالت تتحدث باستمرار عن أهمية حماية المدنيين خلال النزاعات المسلحة، معتبرة هذه الحماية جزءاً أساسياً من القانون الدولي الإنساني، والندوات والمؤتمرات التي تعقدها المنظمات الأجنبية والتي كانت تؤكد دوماً على أن «الحماية خلال النزاعات المسلحة تشمل الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال والنساء والنازحين، بالإضافة إلى الممتلكات المدنية»، ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم كان الأردن وما يزال مدافعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني بقيادة حكيمة من جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال، طيب الله ثراه، وهي مسيرة واصلها الملك عبدالله الثاني، في جهد كبير لوطننا.
 
 
لقد كان الأردن وما يزال مدافعاً عن الحق والواقع الفلسطيني الذي يظهر أن المدنيين الفلسطينيين تحملوا العبء الأكبر من هذا الصراع؛ فمنذ عام 1948، قُتل أكثر من 100,000 فلسطيني نتيجة للهجمات العشوائية والإبادة الجماعية والترحيل القسري وأخذ الرهائن والاعتقالات والنهب، وغيرها من الجرائم، وما الأحداث المروعة مثل مذبحة دير ياسين التي أسفرت عن مقتل 254 شخصاً، ومجزرة قلقيلية التي راح ضحيتها 70 شخصاً، ومذبحة الأقصى التي تسببت في وفاة 21 فلسطينياً، ومذبحة الخليل التي قتل فيها 29 شخصاً، وغيرها من المجازر، إلا رموزاً للمعاناة الفلسطينية وما زالت تتكرر في الذاكرة الجمعية العربية، وهذه الأحداث أسهمت في تشكيل الوضع الفلسطيني الحالي، رغم اعتماد اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 كرد فعل عالمي على فظائع الحرب العالمية الثانية، وليس على ما يجري في فلسطين!
 
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه وقبل عام 1949، كانت اتفاقيات جنيف تهتم بحماية الجرحى والمرضى والغرقى والأسرى من المقاتلين، ومع «الاتفاقية المتعلقة بحماية المدنيين» تطورت طبيعة الحرب، وتم تحديد حماية قانونية لكل شخص لا ينتمي إلى قوات مسلحة أو جماعات مسلحة، فضلا عن أن البروتوكولات الإضافية لاتفاقية جنيف لعام 1977 أكدت هذه الحماية وضرورة معاملة المدنيين الواقعين تحت سيطرة القوات المعادية معاملة إنسانية في جميع الظروف، وحمايتهم من كل أشكال العنف والمعاملة المهينة، بما فيها القتل والتعذيب، وضمان محاكمتهم بصورة عادلة توفر لهم جميع الضمانات القضائية الأساسية، لكن بالنسبة للفلسطينيين، بقيت المعايير مزدوجة، وهو أمر واضح للجميع، عرباً وغرباً!.
إن النصوص القانونية التي تتضمنها المواثيق الدولية تبدو غائبة تماماً عن حياة الفلسطينيين؛ فاليوم، يعاني الفلسطينيون من القصف الذي يستهدف مساكن آمنة، وأطفالاً، ونساءً، دون أي سبب سوى وجودهم في منطقة جغرافية معينة؛ وبالعودة إلى لغة الأرقام نجد أنه «في السنوات الأخيرة، تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية في مقتل حوالي 2500 فلسطيني، بينهم أكثر من 500 طفل، وفقاً لتقارير الأمم المتحدة»، عدا عن الذين راحوا ضحايا الحرب العشوائية في قطاع غزة.
هذه هي النصوص القانونية التي يُفترض أنها توفر حماية للمدنيين، والتي تشمل الأفراد الذين يحاولون مساعدتهم، مثل أفراد الوحدات الطبية والمنظمات الإنسانية وهيئات الإغاثة، وكذلك النساء والأطفال وكبار السن والمرضى الذين يُصنفون ضمن الفئات الأكثر ضعفاً أثناء النزاعات المسلحة، وهذا هو القانون الدولي الإنساني الذي يحظر الترحيل القسري باستخدام التخويف أو العنف أو التجويع، ومع ذلك، منذ عام 1967، تم ترحيل أكثر من ربع مليون فلسطيني من منازلهم في الضفة الغربية وغزة.
إن الحماية التي توفرها اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية للمدنيين تبدو «قاصرة» بل غير موجودة أمام منطق القوة، والوضع في فلسطين يشير بوضوح إلى أن «لا وجود لهذا القانون في الواقع، وما يُقال عنه مجرد حديث أكاديمي نظري لا يعكس الواقع؛ حيث يعاني المدنيون الفلسطينيون من انتهاكات جسيمة في كل النزاعات المسلحة؛ فلقد استُهدفوا وتعرضوا لأعمال غير إنسانية بشكل يستخف تماماً بالقانون الدولي، وباتفاقيات جنيف، وبحقوق الإنسان».. وما زال مستقبلهم يحمل المزيد من التحديات.
وعلى الرغم من ذلك كله، إلا أن صوت الأردن عالٍ في الدفاع عن الحق الفلسطيني.. وسيبقى – كما أعلن جلالته – أكثر من مرة حتى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة الشقيقة للأردن.. حمى الله وطننا نصيراً للحق.. مسانداً لقضايا أشقائه.