عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Aug-2020

الأديبة جليلة خليفة: الحضارة تزهو بتمازج الثقافات من شتى بقاع الأرض

 

الدستور- حاورها: الناقد فوزي الخطبا - ما بين عطر أزقة مدينة فاس العريقة، ونسائم المتوسط، تتنسم الشاعرة والروائية جليلة خليفة عبير الجمال والعشق والصفاء، وتنثر من أزاهيرها ووجع حروفها ونبض إبداعها جمالا وروعة وندى.
مسكونة بثقافة التسامح والمحبة ونبذ العنف والكراهية، ومن سنابل قمحها تضيء بهجة القلب وجمال الروح، فهي مبدعة متعددة المواهب والقدرات، شاعرة وروائية ومترجمة وكاتبة مقالة نقدية واجتماعية ومهتمة بتشجيع القراءة والدفاع عن حقوق الأطفال، صدر لها العديد من الأعمال الإبداعية منها في الرواية: (كوابيس الملائكة، وعروس الظلام، الأرض الموعودة، معبد في الجحيم، حور من تراب)، وفي الشعر: (وشم العار، رسل السماء). وشاركت في العديد من المؤتمرات الأدبية، وكان لنا هذا اللقاء معها حول إبداعها وأنشطتها المختلفة..
* أنتِ متخصصة في المجال العلمي، وبالتحديد في علم الصيدلة، كيف دخلتِ مجال الإبداع الأدبي؟
- أنا أحب الاطلاع على تفاصيل أي مجال أدخله أو يجذبني، سواء كان مجالا إنسانيا واجتماعيا أو عمليا. مما يجعلني أبرع نوعا ما في التحرك داخله، بمسئولية أكثر ومحبة. فلا يمكننا العطاء من أي نوع إن لم نتمكن من تقبل المكان إلى درجة النجاح، في التعايش مع ظروف جغرافيته وروحانيته.
* هل من خلال رواياتك تريدِين كتابة تاريخ المغرب العربي روائيا؟
- أتمنى ذلك فعلا مادمت أملك موهبة قادرة، على إيصال شيء مفيد إنسانيا. ولدي بعض الروايات جاهزة حول فترات من بلدان المغرب الكبير، الغارقة في القدم وما بعدها. لكن لدي أيضا أخرى تدور أحداثها في فترات خاصة بأوطان شقيقة أو جارة، حسب درجات تلاقح حضاراتها بأرضنا، أو التحامنا بفضائها في وقت من الأوقات، أو تحت أي ظرف من الظروف التاريخية البشرية.
* في روايتك (الأرض الموعودة) استخدمت أسلوبا خاصا في بنائها واستفدتِ من تقنيات حكايات ألف ليلة وليلة، ما رأيك في هذا القول؟
- ربما استفدت من أساليب الجدات في الحكي أكثر من ألف ليلة وليلة، وإن أكون أكيد لا زلت أحمل سحرها. والرواية نبش في فترات متعاقبة من تاريخنا الإنساني عامة، وكان يجب أن ألم بسير واقعية لنساء عايشن تلك الأزمنة، منهن من ماتت أثناء فترة المجاعة التي زحفت عبر أصقاع مختلفة من الأرض. ومن انتقلت من نسلها إلى دول غربية بحكم ظروف معينة لتنجب هناك، كي أدخل في زوايا أرواحهن نوعا ما. فلا أعرف الكتابة عن حدث أو شخصية إن لم أكن سمعت عنها ممن أحسوا بتفاصيلها، أو أكون قد عاينت واقعها مباشرة.
* في روايتكِ «حور من تراب» أنسنتِ المكان، بمعنى ألبست المكان صفات إنسانية ونابض في بالحركة، هل كان عن قصد؟
- الأماكن تمتص طاقتنا شئنا أم أبينا، وإلا ما عشقنا تغيير الأمكنة كلما ضقنا بأحداث وأجواء معينة. أو هفونا إلى مكان ينسينا غيوم الواقع، ويفرد ستائر المتعة فوق كواهلنا وأدمغتنا وأرواحنا. والمكان طنجة عروس البوغاز التي لديها تاريخ لا يقهر من تمازج الأجناس والحضارات منذ القدم، كما المرور الخاطف بالعديد من المدن مثل فاس مثلا لما تحمله من تاريخ عتيق، وبعض المميزات السياحية لجبال الأطلس. والشقة نفسها فوق الجبل الراسخ على مفترق المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، كما صالون التجميل نفسه ضمت أرجاءهما مجموعة من النساء، بعضهن تائهات وموجوعات حسب ظروف كل واحدة اجتماعية عامة وإنسانية بالدرجة الأولى. وبقدر حاجتها إلى الدعم والعمل بعد التشرد أو التعرض للاغتصاب، كما ضحايا الهجرة السرية والهاربات من جحيم الحروب. ومن ارتبطن بالزواج من أهل البلاد، أو العائدات إليه بعد هجرة غير اختيارية، خاصة نساء من الأقليات كالسيدة اليهودية مثلا، أو التي رافقت والدها الأجنبي صغيرة وعادة كبيرة نحو وطن أمها. قبل أن يتوحدن جميعهن فوق أرض الوطن البديل لبعضهن، والأصلي لبعضهن الآخر.
* كتبتِ في معظم حقول الإبداع الأدبي أين تجدين نفسك أكثر بين هذه الحقول مجتمعة؟
- أعشق الرواية والقصص ربما لأنني تربيت على الحكايات، وتغير الأشخاص حسب مؤثرات الأحداث المحيطة بهم. والباقي مجرد مقالات حول أوضاع ذات أهمية في نظري الخاص، وقد تشغل الناس على أوسع مدى.
فالرواية عشقي الأزلي قراءة وكتابة، تأتي بعدها خواطر تتفجر كلمات من روحي وتروح، حسب المواقف الإنسانية التي أعاينها أو أحياها.
* تكتبِين باللغة الفرنسية، هل تسعين إلى العالمية من خلال كتابتك باللغة الفرنسية؟
- درست اللغة العربية إلى جانب اللغة الفرنسية، وتابعت ذاتيا دراسة التاريخ والأدب العربي والفرنسي كما بعض العلوم كثقافة عامة أو ضرورة. ودرست قليلا بعض اللغات الأخرى في السنوات الأخيرة، لأستغل وقت الفراغ الذي حظيت بامتلاكه، مما تطلب مني جهدا أكثر للحفاظ على هواياتي الشخصية. لكن لدي أيضا كتبا جاهزة باللغة الفرنسية، سأترجمها إلى اللغة العربية بعد نشرها فيما بعد إن شاء الله. وأنا من دعاة الترجمة والتقارب مع المختلفين عنا والمخالفين لنا، لصنع معابر إنسانية توصلنا إلى الغير بلا استثناء. فلا تزهو حضارة إلا بثراء العديد من الثقافات، وتمازج أروع العقول من شتى بقاع الأرض.
* ما عملك الإبداعِي القادم؟
- باللغة العربية لدي رواية من جزأين جاهزة، عن العلاقات الزوجية وتأثيرها على تطور الأجيال الصاعدة. ومجموعة قصصية حول ما يعيشه بعضنا من غيبوبة العقل العابرة أحيانا، بداية بآفة الأمراض النفسية. وأيضا لدي روايتان جاهزتان للنشر باللغة الفرنسية.