عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Sep-2020

رب ضارة نافعة*ابراهيم الزعبي

 الراي

قد تكون «كورونا الجائحة»، صاحبة السبق في تجاوز الخطوط الحمراء، واقتحام «تابوهات» أعراف المجتمع المتوسطي بشكل عام، وعند الأردنيين بشكل خاص.
 
ما بات يضجر منه العوام، ربما صار في متناول اليد، وصاحبة الفضل «كورونا» في تغيير عادات وتقاليد موروثة، خصوصا ما نمارسه في المناسبات الاجتماعية، ولم نكن نملك الجرأة الكافية على تغييرها،لكي لا ننعت بالروافض أو التكبر،أمام البعض الذي كان يوصلها لدرجة القداسة.
 
في الأردن.. ثقافة «التقبيل والعناق» هي السائدة في الأفراح والأتراح، وهي حكاية أخرى، فمنهم من يوسمها «بالرياء» خصوصا في مناسبات التهاني، ومنهم من يعتبرها واجبة تتطلبها «الأصول»، ونحن جميعا ندرك ونقدر واجب المشاركة في هكذا مناسبات، اضافة كونها «سنّة»، خصوصا في حالات العزاء،ولكن إذا كنت «صاحب مأتم» أو «عريس يوم زفافك»، فأنت مضطر الى مصافحة وتقبيل جموع بالمئات، رغم ما يشكله هذا السلوك من تعب جسدي وربما صحي.
 
طرق السلام والتحية.. تختلف من شعب إلى آخر، فالبعض يمارسها بالمصافحة والعناق والقبل، وانت لست بعزيز اذا لم أطبع على خدك قبلتين، كما نحن الاردنيون والعرب، وهناك شعوب كأفريقيا تمارس المصافحة «عبر الكوع»، وهي ما باتت تعرف بطريقة «ايبولا» نسبة لوباء ايبولا الذي انتشر في أفريقيا، أو بركلة القدم، وهناك شعوب تمارسها بوضع اليد على القلب، أو محاكاة القبل عن بعد، كما يفعل الاوروبيون والأميركان، وهناك الطريقة الهندية ببعدها الآسيوي، بجمع راحتي اليدين أمام الصدر مع الانحناء قليلاً، تعبيراً عن الاحترام والتقدير.
 
ما بتنا نشاهده عبر عدسات الإعلام، حتى الملوك والقادة، باتوا يمارسون السلام عن بعد، بطريقة وضع اليد على القلب، حيث باتت المصافحة والتقبيل من الماضي، إضافة إلى «الكمامة» التي باتت اكسسواراً أساسياً وحاجزاً للحد من هذه العادات.
 
كم يلزم من الوقت–بعد الجائحة–للإقلاع عن عادات توارثناها، ولا نريد وسمها بالسيئة، بقدر ما تشكله من ضرر على صحتنا؟ لا ندري! وكم هي المسافة اللازمة، للانتقال إلى ثقافة معاكسة تغير موازين المجتمعات؟ ربما من خلال الإرادة والوعي والإدراك، وربما تكون «الكورونا»، رائدة التغيير في مجتمعنا، بما تحمله لنا في الأيام القادمة، طالت تلك الجائحة أم قصرت!.