عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    13-Nov-2019

الشرطة تنكل بأهل العيسوية - ميخال بيلغ

 

هآرتس
 
“هكذا هو الامر مع العيسوية، هذا هو الحب الاول لي”، قال الضابط في الشرطة، اساف عوفاديا، وابتسامة صغيرة على شفتيه وملامح عاطفية تغطي عينيه، “هذه هي القرية الاولى التي تسلمت المسؤولية عنها”. هكذا بدأ البحث عن السلاح الذي قام بتهريبه ظاهريا “ارهابي” في الفصل الاول في المسلسل الوثائقي الكاذب “محافظة القدس”. هذا المسلسل الذي تم منع نشره على الشاشة وعلى الشبكة بعد قيام مراسل الصحيفة نير حسون بالكشف عن أن شرطة المحافظة المعتبرين قاموا بزرع سلاح في بيت أحد سكان العيسوية لغايات الدراما.
المسلسل تم دفنه، والمخرج اعتذر من هيئة البث والمشاهدين، لكن ليس امام الفلسطيني الذي تم اقتحام بيته تحت جنح الظلام وتم ايقاظ اطفاله بعنف من النوم من اجل أن يستخدموا كإضافة بدون علمهم في صناعة الترفيه الاسرائيلية. ولكن شرطة لواء القدس تواصل التنكيل بالعيسوية.
اجل، الشرطة تنكل بالعيسوية. ليس هناك طريقة اخرى لوصف جهنم التي يعيش فيها سكان العيسوية القريب من قلعة الاسمنت والاغلاق للجامعة العبرية في جبل المشارف منذ خمسة اشهر.
150 يوما وليلة من اقتحامات الشرطة الخاصة وحرس الحدود، حواجز في الشوارع، قنابل صوت، رصاص، قتيل واحد وعشرات المصابين، مئات الاعتقالات، الضرب، تحرير مخالفات وغرامات، صراخ بمكبرات الصوت، صافرات تدوي طوال الوقت، واضواء زرقاء وصراخ وبكاء.
الواقع في العيسوية تحول الى مسلسل تلفزيوني شرطي، أو ربما ساحة تدريب للوحدة الخاصة وحرس الحدود. يجب أن تكون هناك، في الشوارع المتعرجة والضيقة، بين المحلات التجارية والشقق والمدارس وملعب كرة القدم كي تعرف فداحة الذعر وغير المعقول، عندما تندس طفلة صغيرة بين سيارات الشرطة وزعران اعضاء الوحدة الخاصة المسلحين في طريقها الى البقالة. امرأة تحمل طفلها تنظر من النافذة حيث في الاسفل يقوم رجال الشرطة بالضرب بالعصي على باب المبنى.
شباب وفتيات أنهوا التدريب الأولي يخرجون من السيارة المدرعة، يقطعون الحركة في الشارع الرئيسي ويوجهون سلاحهم الجاهز الى كل صوب. هم مذعورون وفاقدون للسيطرة ويلقون قنابل الصوت ويتلقون الحجارة وينسحبون ويركضون الى الاعلى في زقاق ضيق بين مشترين في احدى البقالات والحافلة التي علقت في اعلى الشارع وبين البيوت المكتظة المحاذية لشارع ليس له رصيف.
كل من انضم الينا في مهماتنا الليلية التي كان هدفها كبح أو توثيق تنكيل الشرطة بالعيسوية، يعرف أن النموذج يكرر نفسه. هكذا في مساء عادي، الحركة تزحف ببطء في الشارع الرئيسي قرب المسجد. فجأة تأتي خمس سيارات للشرطة الواحدة بعد الاخرى. رجال الوحدة الخاصة في الشرطة وحرس الحدود، جميعهم من الشباب، يخرجون من السيارات ويقطعون الحركة. اعمال الشغب المعتادة تبدأ، صرخات احتجاج للمارة في ساحة المسجد.
يتم سماع أزيز رصاصة، وزجاج يتحطم، وصراخ من كل الاتجاهات، أحد رجال الشرطة صوب بندقيته للزجاج الامامي لسيارة علقت في الازمة المرورية. المرأة في الداخل أصيبت بشظايا الزجاج في عينيها. الطفلة في الخلف متجمدة ووجهها ابيض مثل الشيد. أحد ما يحاول تقديم الاسعاف الاولي. عجوز يتوجه لرجال الشرطة كي يسمحوا لسيارة الاسعاف بالمجيء. هم يدفعونه بشكل فظ. اشخاص حوله طلب منهم المجيء اليه، “لا تلمسوه، هذا المختار”، صرخوا.
فجأة سمع صوت واثق بمكبر الصوت. قائد الوحدة الخاصة في القدس بجلاله جاء ليُحل النظام. في تلك الليلة شاهدته مرتين، في كل مرة كان يظهر وهو يستعد لادارة التوتر، كما يقولون، بعد أن قام الاغرار بخلق مواجهة متعمدة وفقدوا السيطرة.
منذ اشهر، في كل مرة عرضت فيها الشرطة اتفاق أو مجرد أن هناك يوم هادئ، وظهر للسكان بأن الحياة عادت الى مسارها، تأتي قوة الوحدة الخاصة في الشرطة وتتلقى العيسوية المزيد من الضربات. هذا ما حدث يوم السبت الماضي أحد العاملين في الوردية قال “سمعنا القائد يقول لرجال الشرطة: ابعدوهم من هنا”. جاءوا الينا، شرطي قال “اذهبوا من هنا لأن السيارة يجب أن تستدير. تحركنا كما طلب منا وعندها بدأ أحد السكان بالصراخ على رجال الشرطة وقال لهم بأنه لا يمكنهم الدخول الى منطقته الخاصة. وبدون أي سبب آخر انقض عليه رجال الشرطة بالضرب المبرح.
حسب وصف الناشط، رجال شرطة آخرين انضموا لمن قاموا بالضرب وضربوا المزيد من السكان في الشارع. عندما حاول احد السكان الصراخ عليهم بأن يتوقفوا، انقضوا عليه ايضا بالضرب. لقد أطلقوا قنابل الصوت، كما يبدو ايضا الرصاص المطاطي. في مرحلة ما توجه رجال الشرطة الى النشطاء الاسرائيليين، من جهة طلبوا منهم “الابتعاد عن المكان”. وفي نفس الوقت طوقوهم ومنعوهم من الذهاب. حسب الوصف، الجيران ادخلوهم الى مدخل مبنى قريب. شرطي اطلق الغاز في مدخل بيت الدرج والفضاء امتلأ بالغاز المسيل للدموع. وبدأ يصل اشخاص الى بيت الدرج هذا صادف مرورهم في الشارع – فتيات وآباء خائفين مع اولادهم، عدد منهم اطفال ومصابون بغاز الفلفل من الاحداث التي جرت في الشارع مع طواقم ممرضين.
التنكيل في العيسوية متنوع، ابداعي، متصلب: طفل ابن خمس سنوات يستدعى للتحقيق في مركز الشرطة، غرامة بآلاف الشواقل بسبب عقب سيجارة تم رميه على الرصيف، و”اتفاقات” بادرت اليها الشرطة وخرقتها المرة تلو الاخرى، عندما اعلنت لجنة أولياء الامور عن الاضراب عن التعليم، بعد أن اقتحمت الشرطة مدرسة واعتقلت طالبا اثناء يوم التعليم، واعتقل عضو في لجنة اولياء الامور الخ. لا يوجد لذلك أي نهاية أو تفسير عدا عن أن المنطق المخيف الذي يقضي بأنه توجد أمور يسهل القيام بها عندما لا يكون للدولة حكومة منتخبة وللشرطة لا يوجد مفتش عام، وحتى المحكمة العليا بالاساس توفر خاتم تحليل لتنكيل قوى القانون برعايا مسلوبي الحقوق.