عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Jun-2019

الكاريكاتير المر.. رصد المتناقضات في شخصية السادات

 

الجزيرة - في فبراير/شباط عام 1989، أطل الكتاب الذي مثل شكلا جديدا في المكتبات العربية آنذاك، وجمع مجموعة واسعة من الرسوم التي تعرض فيها كاتبه بهجت عثمان لشخصية الدكتاتور "بهجاتوس" الذي يحكم ولايته "بهجاتيا العظمى"، وهي كلها رموز امتدت لتنسحب على دول وحكام عرب، وعبر بجرأة عن الواقع المسكوت عنه.
 
قال مؤسس مشروع ذاكرة كاريكاتير عبد الله الصاوي في تصريحاته لحلقة (2019/6/2) من برنامج "خارج النص" إن رسومات الكتاب كانت وليدة ظروف سياسية واجتماعية بالغة التأثير في تحولاتها، حيث رأى بهجت أن مبادئ الضباط الأحرار وشعارات الناصرية أصبحت تواجه مأزقا خطيرا لتبقى على قيد الحياة.
 
واعتبر أن بهجت عثمان رصد الملامح الشخصية والكاريكاتيرية للرئيس المصري محمد أنور السادات، الذي كان يعتقل الصحفيين في الوقت الذي يتحدث فيه عن حرية الصحافة، وسادت الدكتاتورية في عهده بالوقت الذي كان يطالب فيه بتحقيق الديمقراطية، فضلا عن خروج الشعب في مظاهرات سنة 1977 بينما كان الرئيس ينادي بتحقيق العدالة الاجتماعية.
 
وأوضح الصاوي أن شخصية بهجاتوس في الكتاب تعبر عن الفساد والدكتاتورية والطغيان، أما بهجاتيا تمثل الدولة المستكينة المقهورة التي تنتظر من يخلصها مما تقبع فيه، ثم شعب بهجاتيا الذي يعبر عن حال معظم شعوب العالم الثالث "المقهورة والمستعبدة" التي تنتظر من يشعل لها شرارة الثورة.
 
فلسفة التغيير
 بدوره أشار الرسام الكاريكاتيري سامي الأمين إلى فلسفة التغيير التي اعتمد عليها بهجت في رسوماته، إذ عمل على مواجهة الانحراف السياسي والاقتصادي بالنقد والسخرية والكشف المبكر عن التغيير الحاصل في المجتمع.
 
وذكر الأمين أن بهجاتوس حاكم عسكري يشجع الإعلام أفكاره وحلوله لجميع المشاكل رغم جهله وبطشه، معتبرا أن ما ميز رسومات بهجت هو فكرة التجريد التي جعلتها تعيش لفترة أطول من الزمن.
 
وأوضح رئيس جمعية الكاريكاتير المصرية جمعة فرحات أن بهجت اختار أن يكون الرئيس على شاكلته حتى يوحي للقارئ أنه يقصد كل حكام الدول النامية وليس بلدا بعينه.
 
وكان بهجت قد صرح لإحدى حلقات برنامج "فرسان القلم" سنة 1997 بأن الفنان الكاريكاتيري له وجهة نظر في الحياة، ولديه رغبة عارمة لتغيير الواقع للأفضل، سواء بالهجوم وهدم السلبيات الموجودة، أو تصور الشكل الذي يرى فيه حلا جذريا، فضلا عن أنه يبحث عن طريقة تناسبه للتعبير عن أفكاره.
 
أما رئيس تحرير جريدة السفير اللبنانية طلال سلمان فأكد أن بهجت كان يقصد السادات مستدلا بالغليون والعصا التي رافقت الحاكم في أغلب الرسومات، وأشار إلى أن الرسومات فيها نوع من تجاوز الرقيب بطريقة لا تسيئ إلى الفكرة وتوصلها بأسلوب غير معتاد، إذ اخترع شخصيات لن يعتبرها أحد أنها تمثله رغم أنها تمثل الجميع.
 
دكتاتورية المبتدئين
رغم أن بهجت تعمد عدم الإشارة إلى حاكم بعينه، فإن كتابه كان عاكسا لكثير من تصرفات الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ومعلقا على إجراءاته المتخذة عقب وفاة الرئيس جمال عبد الناصر.
 
ورصد الكتاب معاملة الإعلام للحاكم المستبد، كما انتقد شعب بهجاتيا المستكين الذي ارتضى بطش بهجاتوس وقهره. ورسم بهجاتوس جاثما على صدور شعبه، مصادرا لحقوقه البسيطة ومانعا عنه قوت يومه.
 
وعاصر بهجت التحولات السياسية والمجتمعية إبان نصر أكتوبر 1973، وما تلا ذلك من تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، وما تعاقب معه من ابتعاد عن المحيط العربي والأحلام القومية التي كانت سائدة آنذاك. فأحدث ذلك انقساما حادا في المشهد المصري والعربي.
 
يذكر أن بهجت عثمان فنان ولد في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي تخرج في كلية الفنون الجميلة عام 1954، وانتشرت أعماله التي عبر من خلالها عن مشاكل المجتمع المصري وأزماته، التي توجها بكتاب الدكتاتورية للمبتدئين بهجاتوس رئيس بهجاتيا العظمى.