عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Sep-2023

صوت العقل وشد أحزمته.. «بالصريحِ» مِنَ القول!*د بسام الساكت

 الراي

تجذبني الافكار البنّاءة الشفافة الصريحة حتى الصادم منها. فالعلاج بالصدمة أحيانا، يوقض ويصحح.
 
وإن صوت العقل وشد أحزمته «بالصريح» من القول هو علاج ممكن.. فكما قبل أسابيع، كتبت مقالاً على هذه الصحيفة الوطنية، المُمَيَّزة إدارتها وتحريرها، كتبت عن كيف تجذبني تجارب دول آسيوية مرموقة في نموها والتعليم فيها كاليابان وكوريا والصين.
 
 
كذلك فلقد شدتني مقالة الاستاذ الطبيب المميز كامل محمد صالح العجلوني: «طلبة التوجيهي الراسبون والناجحون.. إلى أين؟
 
«إذ تشدني دوما شفافيته وصراحته. فالعقل لديه منحة ربّانية، وصوت العقل عنده يعلو ويثير الاهتمام ومدوٍ، حتى حين يصمت !. ويبدو للبعض أن حديثه، ظاهرة قلق حول شأن معين، لكن المتمعن ذو البصيرة يرى في قلق أصحاب العقول، ومنهم، الاستاذ كامل اهتماما، وتبَصُّراً، ودعوة لشد الأحزمة. فلا يمنع القلق هذه الفئة من الحركة، بل هي صافرات منهم منبهة وقائية تُذَكِّرْ ... إن نفعت الذكرى، فالذكرى تنفع المؤمنين.
 
لقد قلِقَ الاستاذ كامل وأثار اهتمامه، شأن عام، فأطلق صافرة إنذار. لقد اثاره ليس فقط مستقبل الناجحين في التوجيهي، فهذه فئة محظوظة ويكرمها الكثيرون. وهذا أمر سائد وسنة حسنة. لكن من لم يحالفهم الحظ ولم ينجحوا والضجيج العالي قبل امتحانات التوجيهي وما بعدها حول القبول والعمل بعد التخرج، عند الطلبة وذويهم وعند المجتمع (تقدر اعداد الراسبين ما بين 25,000- 50,000 سنويا- انها كتلة حرجة، مصيرها غير آمن وحرج على اهلها والمجتمع). هذه الفئة من الطلبة هم ابناء لنا غالون علينا ولديهم طاقات كامنة جديرة بالتدوير ومنح فرص أخرى بديله. ولقد لمست ايضا عند الاستاذ العجلوني عتبا واضحا على مصير لجنة مهنية درست آفة البطالة عند الاطباء وخرجت بافكار علاجية تصويبية، لم تر نورا ومن يتبناها، لا عند نقابة الاطباء ولا عند الحكومات. وكم أكبرت في مقالته دعوته للتميُّز، فالتميز أعلى مرتبة من النجاح العادي. ولمست خصلة طيبة أخرى في العجلوني، نغبطه عليها، ونشاركه في الحث عليها، فهو داعية للتميٌّزِ والابداع في جميع الحقول من طب وجغرافيا وكيمياء وعلوم ورياضيات وتربية. تلك «دعوة روحية للاتقان» منشودة، في العمل والدراسة. نعم يجب أن نعلم ابناءنا في هذا العصر التنافسي الإقليمي والدولي، الاستثمارَ في نفط الاردن وِفْقَ نهج التميُّزِ والابداع. تلك ميزة بلدنا النسبية: «قوى العقول، لا الحقول فقط». ومن يملك المعرفة اليوم فردا او دولة يملك زمام الثروة والمناعة.
 
لقد نهجت دول مثل اليابان والصين واخيرا كوريا الجنوبية، نماذج تعليم عالجت فيه اشواك امتحانات القبول وتدني الدرجات وقلق الاباء والابناء، فلم تلغ امتحانات التوجيهي (العجلوني ضد الالغاء) بل هيأت تعليما للطلبة في مدارس نمطية كونفوشيوسية، سميت في كوريا «كرام او هاقوونز» Cram يتجاوز عددها اليوم 300 ألف مدرسة، يلتحق بها الطلبة لكي تؤهلهم تجاوز امتحانات القبول في الجامعات المرموقة فاصبحت هذه المدارس نظاما تعليميا مميزا مراقبا منضبط الدوام، جنّب الاهل كلف الدروس الخصوصية. وأضحت كوريا من خلال نظامها التعليمي، قوة أكاديمية عظمى Academic Super power وقوة اقتصادية تنفق على «التعليم العام» 1.5% من دخلها المحلي الاجمالي، مقابل 5.7%، ينفقه القطاع الخاص. 20billion dollars.
 
إن الدعوة للتعقل والتبصر التي رفعها الاستاذ العجلوني، وقبل أن نزيد أعداد القبول وطاقة الجامعات للاستيعاب، هي دعوة محترمة للمراجعة ودراسة سوق العمل وإفرازاته الايجابية والسلبية. وما دعوته العناية بمستقبل من لم ينجحوا بالتوجيهية -إلاّ احتواء لمعضلة متنامية، وتصويب، وعلاج.