عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    22-Nov-2021

ماذا بعد الأمن والأمان؟*علاء مصلح الكايد

 الراي 

احتلّت مملكتنا الحبيبة المركز الثاني عربيّاً والسادس عشر عالمياً ضمن المؤشر الدولي «القانون والنظام العالمي» مؤخرا.
 
وهذا تأكيد على ما تورده الاستطلاعات المحلية، إذ تؤكد بصورة متواترة على هذه الحقيقة الدامغة والتي يثني عليها جلالة القائد الأعلى مراراً وتكراراً في مناسبات عدة كان آخرها إبان خطبة العرش السامي منذ أيام.
 
إن هذه الإنجازات والتقدم المشهود له عالميّاً هي ثروة حقيقية، فتلك الجهود ليست لمؤسسات وأجهزة دولة تعيش الرفاه في محيط مستقر، بل في دولة عرفت التحديات جميعها، وما زالت تتوسط في منطقة ساخنة تشهد شتى أنواع التغيير الراديكالي والصراعات الظاهرة والخفيّة، تعيش ما يعيش أشقاؤها من المحيط إلى الخليج من مخاطر، ومن الواجب البناء على هذه الثروة.
 
فتلك الثروة ليست وليدة الطبيعة أو تلقائية الوجود، بل نتاج عمل وسهر وجدٍّ وعرق وقلق وتضحيات وعبءٍ ماليّ كبير، وعمل يوميّ لا يتوقف ليلاً أو نهارا، وعجزت عنها دول لا مجال للمقارنة معها جغرافيا واقتصاديا.
 
والأمن هو القاعدة الأولى الجاذبة لملفات أساسية أهمها مما يعنينا الاستثمار والسياحة، والأمن هو الحاضن للفعاليات والمشاريع العالمية المختلفة من علمية ورياضية وثقافية وفنية وغيرها.
 
وهنا؛ علينا أن نقف عند أسباب هذا المنجز الثابت المتراكم، ولا بد لنا حتى نستفيد من النموذج أن نطالع الصورة بشفافية ومكاشفة.
 
فالمؤسسات العسكرية والأمنية تتميز بأساسيات تغيب بكل أسف عن باقي الأذرع الرسمية، وأسباب هذه النجاحات لذلك القطاع هي ذاتها أسباب التراجع للقطاع الآخر.
 
فأول ما يميز المؤسسات ذات الصبغة العسكرية هو الاستراتيجيات العابرة للقيادات، وثانيها حزم القرار الإداري، فلا اعتبار لمسألة المنابت والأصول لدى الثواب أو عند العقاب، كما أن التقييم ركن من أركان المسيرة ومعيار التعيينات والتنقلات والإحالات والترقيات، كما أن تلك المؤسسات تضم دوائر متخصصة في رصد الاختلالات وأخرى تعتني بالممارسات الفضلى لدعم القرار ومواجهة أية مفاجآت، وأجهزة تفتيش تراقب إنفاذ القوانين والأنظمة والتعليمات ونزاهة المرتبات وعلاقتها مع الجمهور بصرامة، كما أن التدريب والتأهيل جزء أساسي في المنظومة لا يكاد ينقطع.
 
إن تميز المؤسسات العسكرية والأمنية وثباتها على هذا المستوى الاحترافي دليل دامغ أننا نستطيع تحقيق الأفضل على كافة الأصعدة، وإن وسائل الاستفادة من هذا الإنجاز والبناء عليه لما يعود بالنفع على الوطن أمر ممكن إذا خرجنا من المربع السلبي للبيروقراطية، وتعامل المسؤول بذات الحزم والإقدام، وحافظنا على الاستراتيجيات طويلة الأمد.
 
لعل الشعور بالأمن بات كالهواء الذي اعتدناه ولا نشعر بقيمته إلا إذا افتقدناه - لا قدر الله -، لكن العاقل يعي بأن ذلك أشبه بالمعجزة في هذه البقعة ذات البعد الجيوسياسي المهم من العالم، وبناء على ما تقدم؛ وحتى لا نهدر هذه الثروة أو نقبل بأقل فائدة منها يتوجب علينا حسن استغلالها والبناء عليها لتكون ذات فائدة وإنتاجية وسبباً للازدهار كما ينبغي لها أن تكون.