عزيزة علي
عمان – الغد- صدر لعالم الاجتماع العراقي الدكتور معن خليل العمر، كتاب “الجندر والتنوع الثقافي” عن دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان- الأردن، رام الله- فلسطين.
يتكون الكتاب من اثني عشر فصلا، يبدأ من تحديد مفهوم “المؤنثة” بتنشئتها وهويتها وموقعها وكفاحها، ومكانتها في التاريخ البشري القديم، وأطوارها في المجتمعات الحاضرة، منتهيا بسبل تحريرها من الاسترقاق الاجتماعي.
المؤلف يؤكد، في مقدمة الكتاب، أنه لم يكتب هذا الكتاب بدافع التعصب ضد الرجل أو مناصرة للمرأة، بل لأنه وجد أن المرأة مضطهدة ومقموعة ومخنوعة في المراحل التاريخية، قبل الميلاد وبعده، في كل مجتمعات الأرض رغم أنها هي المنجبة بشريا والمنظمة للتدبير المنزلي والناقلة للتراث للأجيال الصاعدة، والمضحية الأولى لخدمة الخلية الاجتماعية الأسرة، لكنها لا تملك النفوذ والمال والسلطة في المجتمع، لذلك “اغتصب الرجل حقوقها وضاعف واجباتها”.
ويتساءل العمر: أليس هذا استرقاقا اجتماعيا وثقافيا؟ ألم يكن هذا استعبادا أسريا؟ ألم يكن هذا استعبادا مهنيا؟ ألم يكن هذا استيلاء بشريا باسم الدين والثقافة؟ جميع هذه الاستفسارات جعلت العمر يقوم بتسجيل هذه الملاحظات ضد هذا التعصب والتمييز الصادر عن المجتمع والثقافة والدين والحكومة، بصرف النظر عما هو نوع المجتمع أو الدين أو الثقافة أو الحكومة.
يوضح المؤلف أن دراسة المؤنثة تعني سبر غور معرفة نصف البشرية والعمران الإنساني في ماضيه وحاضره ومستقبله، لأنها ليست منفردة، وإنما هي الأم والبنت والزوجة والأخت.
ويلفت العمر الى أن أدبيات علم الاجتماع منذ ولادته ولغاية الربع الأخير من القرن العشرين، نجدها مرآة صافية في تصوير المجتمع الإنساني بكل عناصره. ولما كان هذا العلم فتيا كان يهتم بالمواضيع الرئيسية الكبرى مثل المجتمع والحضارة والتغير والبناء الاجتماعي، ومن ثم تناول المواضيع الرئيسية الوسطى كالتدرج والطبقات والجماعات والحركات الاجتماعية والأسرة والمشكلات الاجتماعية وسواها.
ويتبع المؤلف بعد كل هذا دور السلوك الاجتماعي مثل الجريمة والجنوح والفساد والجندر، وكانت عروضه للجندر آخذة الإشارات الجانبية السريعة لمعاناة المرأة، ومشالكها وطموحاتها، وهذه ليست بمثلبة في أدبياته وبحوثه العلمية، بل لكونه مرآة الحياة الاجتماعية النابضة والحية، لأن حركة تغيير المجتمع بطيئة وثقافته تقليدية معنوية أكثر مما هي حضرية أو صناعية، فكان التعصب والتمييز ضد المرأة قائمين وما يزالان مستمرين حتى في المجتمعات الحديثة والرأسمالية.
ويعتقد العمر أنه بعد صيحات الحركات النسائية المدعومة من قبل حركات التحيز العرقي، وبعض الأحزاب السياسية والليبرالية، وانتشار المبادئ الديمقراطية، وزيادة مشاركة المرأة في الأنشطة الرسمية والعرفية، واحتياج المجتمع لها بعد أن أثبتت خبراتها وكفاءاتها ومهارتها، ظهرت كتابات جادة حول قضايا الاختلافات البيولوجية والنوعية للأفراد.
ويشير المؤلف الى أن علم الاجتماع لم يهمل هذه الحركات النسوية ومساهمتها العلمية في إثراء أدبيات علم الاجتماع بحقائق ووقائع مستجدة في المجتمع الغربي الذي أزال بعض الإجحاف عن المؤنثة، وهذا جزء من موضوعيته العلمية التي لم تهمل أو تترك التطورات والتغيرات التي تصيب الفرد “سواء أكان هذا الفرد أثنى أو ذكرا، طفلا أو مسنا، أما أو أبا، زوجة أو زوجا، فقيرا أو غنيا”.
يذكر أن د. معن خليل العمر من مواليد مدينة بعقوبة في العراق، يعد من أبرز علماء الاجتماع في فترة ربع القرن الأخيرة، كما أنه تنقل في بلدان عربية عدة وعمل في جامعاتها، مثل المغرب والإمارات والأردن والسعودية، والجامعات العراقية؛ حيث حصل على درجة البكالوريوس من جامعة بغداد، والماجستير من جامعة متشغن الشرقية، ودرجة الدكتوراه من جامعة وين الحكومية في متشغن الولايات المتحدة الأميركية.
صدر له العديد من المؤلفات في علم الاجتماع وتبلغ نحو “40” مؤلفا، منها “ثورات الكوخ العربي”، “علم اجتماع الثورة”، “المعضلة العراقية”، “نخب العراق الحاكمة”، “علم اجتماع الديني”، “البحث التطبيقي في علم الاجتماع”، “علم الاجتماعي الديني”، “الفكر الاجتماعي”، “علم اجتماع الاتصال”، “علم اجتماعي الديمقراطية”، “علم اجتماع الجندر”، وغيرها من المؤلفات إضافة إلى البحوث والدراسات.