عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Jan-2021

مجنون وقاعد على كوم حجار*مجيد عصفور

 الراي

في العام ٢٠١٦ ظهرت في الولايات المتحدة الأميركية حركة براود بويز العنصرية الفاشية، وفي نفس العام دخل دونالد ترمب البيت الأبيض حاكماً لأقوى دولة في العالم.
 
منذ اليوم الأول لتوليه الحكم شعر العالم بالدهشة من تصرفات هذا الرئيس، في ذلك الوقت لم تكن حركة براود بويز قد اشتهرت أو عرفت على نطاق واسع، لكن من عرفها واتسقت أفكاره مع أفكار اعضائها هو بالتأكيد الرئيس ترمب، ولو صغيراً بالسن عندما أسست هذه الحركة لكان أبرز اعضائها، وهنا يبرز سؤال العلاقة بين ترمب وهؤلاء الاولاد لانهما كليهما فخورون بالعنصرية، وما بين بداية توليه السلطة ونهايتها لا ندري إن كان قد نُسج علاقة مع الحركة فالإيعاز لهم باقتحام الكونغرس يوحي بذلك.
 
ان جماعة البراود بويز ليسوا نبتاً دون جذور او بيئة مساعدة، فالديمقراطية والحرية وحقوق الانسان مبادئ لا يتمتع بها على ارض الواقع كل الأميركيين، وقد ثبت أن نجاح مارتين لوثركنج في الغاء العنصرية بين البيض والسود كان مشروعاً لم يكتب له الاكتمال بشكل ناجز بدليل ما يحدث بين الحين والآخر من أعمال قتل واعتداء وإهانة من قبل الأميركيين من ذوي البشرة البيضاء، ضد مواطنيهم من الأصول الافريقية.
 
الانقسام في الولايات المتحدة ليس مستحيلاً ولم يكن مستبعداً في أي وقت، لكنه كان دائماً بحاجة الى من ينادي به بشكل منظم ولو بقي الرئيس ترمب اربع سنوات اخرى، ربما تفسخت الولايات المتحدة وانقسمت الى دول كما حدث عندما انهار الاتحاد السوفييتي وربما حدثت مفاجآت لا يتوقعها عاقل لأن إشعال الحرب بالنسبة لشخص بهذه العقلية الغريبة أسهل من إشعال سيجارة.
 
رحيل ترمب عن البيت الابيض لا ينهي ولم ينه الأخطار التي تهدد الولايات المتحدة، إن كان على صعيد السلم المجتمعي أو على صعيد الانقسام الولاياتي، فالخطر ليس محصورا بظهور مجموعة الأولاد الفخورين بالعنصرية ونبذ غير البيض فهؤلاء رأس جبل الجليد، الخطر الحقيقي يكمن في الخمسة والسبعين مليون ناخب الذين صوتوا للتجديد لترمب، ما يعني أن هناك قاعدة عريضة وواسعة من الأميركيين تؤيد توجهات ترمب، لذلك فإن خطر ترمب مستمر خارج البيت الأبيض وربما يكون أكثر أذى على أميركا والعالم في المرحلة القادمة، فنحن أمام رجل انتقامي بلطجي فض?اً عما في نفسه المريضة من حقد دفين على كل ما هو ليس أميركياً ابيض.
 
وإذا كانت صفتا الحقد والانتقام من أسوأ صفات بعض البشر فإن الكارثة تكون عندما يكون حامل هذه الصفات رئيس دولة بيده سلطة غير محدودة.
 
إن أول الناجين من رحيل ترمب هما الشعب الأميركي والأرض الأميركية وقبلهما سمعة أميركا التي دمرها ترمب تدميراً تاماً، من هنا تبدو مهمة الرئيس بايدن صعبة قد لا تكفيه أربع سنوات لإصلاح الخراب الذي خلفه وراءه ترمب.
 
أما العرب فلا يجوز لهم أن يبنوا آمالا واسعة على قدوم جو بايدن بأكثر من الارتياح الطبيعي الذي يفترض أنه بديهي عندما يخرج مجنون ويدخل عاقل إلى البيت الذي يحكم العالم فعلياً، لأن بايدن لن يكون همه الأول العرب وقضاياهم، حتى وإن كانت دولته تدار من قبل مؤسسات كثيرة العدد ليس فيها من لا يستحق مكانه ففي الدول العظمى لا وجود لمصطلح الحمولة الزائدة التي تعيق الإنجاز أو تشوه مخرجاته نتيجة عدم الكفاءة، وهذه الحقيقة لا تعني أن رحيل رئيس وقدوم آخر يغير توصيات وقرارات هذه المؤسسات بلمح البصر ويقلبها رأساً على عقب وهذا س?ب عدم جواز الذهاب بعيداً في أوهام الانصاف السريع لقضايا العرب ومشاكلهم.
 
وهذا لا يعني أيضاً انسداد الأمل والاستسلام وقبول الظلم، بل يجب أن يكون التغيير الجذري في أعلى هرم الإدارة الأميركية حافزاً للعرب كي يعملوا ودون إضاعة وقت لإنتاج موقف موحد يحمله خطاب يفهمه الأميركيون قادر على اقناعهم بضرورة إعادة النظر في سياسة الانحياز الأعمى لإسرائيل التي سار عليها الرئيس ترمب وإدارته لان مثل هذا التحرك هو الوحيد الذي يمكن ان يُحدث اختراقاً ايجابياً لصالح حل القضية الفلسطينية بشكل عادل يضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف، وأول ما يجب أ? يستهدفه الجهد العربي الغاء صفقة القرن ووقف الخطوات التي اتخذت بموجبها وإعادة الوضع الى ما كان عليه تمهيداً لإطلاق مفاوضات سلام جديدة.
 
إن العدو الصهيوني استغل وجود رئيس عنصري متطرف أبشع استغلال وحصل منه على مكاسب لم يحصل على مثلها من كل الرؤساء السابقين مجتمعين، وحان الوقت لكي يوقف العرب استمرار الظلم وذلك باقناع الإدارة الجديدة أن ما أفسده الرئيس ترمب في مسار عملية السلام وعرقلة استئناف المفاوضات يُبقي المنطقة والعالم في حالة من العنف التي تتطور إلى إرهاب يُهدد العالم بأسره.
 
برحيل ترمب يتخلص العالم من مجنون قاعد على كوم حجار، فهل نتوقع أن تهدأ الدُنيا بعد رحيل المجنون؟!!.