عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Nov-2021

الحروب الصامتة*إسماعيل الشريف

 الدستور

«لا تقوم الساعة حتى يَحْسِر الفرات عن جبلٍ من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيُقتَل من كل مائة تسعةٌ وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو»، حديث شريف.
في الاخبار،ثلث سدودنا قد جفت، وأمننا المائي في خطر، وهنالك خشية على سلتنا الغذائية؛ فسد الملك طلال يلفظ أنفاسه الأخيرة، وافتتح أردوغان ثاني أكبر سد في تركيا على نهر دجلة على حساب العراق، فيما تشهد الأهواز كارثة بيئية بسبب سرقة إيران لمياهه وجفاف أنهاره الأخرى، وفي تقرير للبي بي سي؛ فقد جف الفرات في سوريا.
فثمة حروب صامته بين الدول على المياه ستطفو على السطح قريبًا!
فكما نشأت أعظم الحضارات البابلية والفرعونية على الأنهار العظيمة، سيكون الجفاف سببًا لعطش أحفادهم وفناء شعوب ودول بأكملها.
تشكل نسبة المياه الصالحة للشرب فقط 1% من المياه الموجودة على سطح الكوكب، يتنافس عليها أكثر من سبعة ونصف مليار نسمة، ومليار آخر بالطريق خلال عشرة أعوام، فالعالم أصبح أكثر اكتظاظًا وحرارةً، وبالتالي أكثر جفافًا، مما يجعل الماء أهم سلعة في السنوات القليلة القادمة.
وتقول الدراسات: إن من أكثر المناطق المهدَّدة بالجفاف شرق المتوسط وشمال إفريقيا، الذي قلت مياهه في السنوات الأخيرة بحوالي 20 %، ثم جنوب الولايات المتحدة ووسط آسيا.
ولا شك فإن من العوامل التي أدت إلى شح المياه في الأردن وفي العالم هو التغير المناخي، وحتى لو أصبح الكوكب صديقًا للبيئة، فإنه يحتاج إلى عشرات السنين حتى يتخلص الغلاف الجوي من الكربون، لذلك فلا مفر من السنوات الصعبة القادمة التي بدأت تضربنا بقوة.
ولا تقتصر حروب المياه في منطقتنا، فتَمَسُّك الصين باحتلال التبت من أسبابه أنه أهم مورد مائي عذب في العالم، وجزء من المنافسة بين الصين والهند هو بناء الصين للسدود على الأنهار التي تمر بالهند، وتنازع الهند مع الباكستان على كشمير من أسبابه المياه، ولن يحلم الأكراد في دولة لهم لأنهم يقطنون في أغنى مناطق الشرق الأوسط بالمياه.
للأسف فالكيان الصهيوني هو الوحيد الذي انتبه لمسألة أهمية المياه مبكرًا، فهو الكيان الوحيد الذي لديه فائض مياه في منطقة تعتبر من أكثر المناطق جفافًا في العالم، في وقت فشلت فيه جميع الدول المحيطة به في تأمين احتياجاتها المائية نتيجة سوء إدارة الموارد المائية، مما زاد من التصحر والجفاف، فالجفاف في سوريا مثلًا أدى إلى فقدان مليون ونصف مزارع لأراضيهم.
فالصهاينة يعلمون بأنه في العالم القادم ستصبح فيه المياه سلطة، فبالإضافة إلى سرقتهم لمياه الضفة الغربية والأردن المنصوص عليهما في الاتفاقيات، سرقوا مياه الجولان وجنوب لبنان، وغزة من خلال حفر الآبار العميقة المحاذية للحدود، وهددوا بضرب أي تعاون عربي في بناء السدود، فإنهم يُعتبرون –للأسف- الدولة الرائدة في أبحاث المياه، فهي تعلم كيف تستخرج أكبر كمية مياه صالحة للشرب من قطرة الماء.
وكانوا للأسف الرواد في تقنيات تحلية مياه البحر بأقل التكاليف، وأصبحت المياه المحلاة تشكل 55 % من مياههم، وهم أول من ابتكر ري المحاصيل بالتنقيط، واستخدام المياه العادمة في الزراعة بعد تكريرها، وتخفيض الاستهلاك المنزلي الى النصف.
ففي الوقت الذي تعيش فيه المنطقة أسوأ كوابيسها، نجد فلسطين المحتلة تزداد خضرةً، ومحاصيلَ زراعية.
ويتوقع العلماء أن يشهد شرق المتوسط هجراتٍ كبيرة، واكتظاظ المدن الكبيرة، وهذا بالطبع سيسعد الكيان الصهيوني.
السؤال المشروع هنا: لماذا فشلت الدول العربية فيما نجح فيه الكيان الصهيوني؟
جفاف السدود يدق ناقوس خطرٍ وجودي، وعلى الدولة أن تتحرك تحركًا سريعًا وتجعل المياه على رأس أولوياتها، فعنوان السنين القادمة هو العطش!